المصارف الحكومية السورية تبيع ممتلكات المقترضين لتأمين السيولة

01 اغسطس 2016
المصارف الحكومية فشلت في استعادة القروض(Getty)
+ الخط -


دفع تراجع الإيداع وقلة السيولة في خزائن المصارف الحكومية السورية، المديرين والمصرف المركزي، إلى تقليب الدفاتر القديمة وفتح ملف الديون المتعثرة التي تقدر، بحسب مصادر خاصة، بنحو 350 مليار ليرة (700 مليون دولار)، تمهيدا لطرح ممتلكات المقترضين للبيع في المزاد العلني، بهدف استرداد قيمة القروض مع فوائدها وتأمين سيولة للمصارف.

وقال فراس سلمان، مدير المصرف التجاري، أكبر المصارف الحكومية في سورية، إن حجم الديون المتعثرة لصالح المصرف يزيد عن 100 مليار ليرة سورية، ولم يتم تسديد سوى 8 مليارات ليرة سورية حتى الآن، عازياً السبب إلى "الظروف الاستثنائية التي تمر بها سورية، وارتفاع القيمة المعادلة للمديونية بالنقد الأجنبي، نتيجة انخفاض سعر صرف الليرة أمام العملات الأجنبية".
وأكد مدير المصرف التجاري السوري، خلال تصريحات صحافية أمس، أنه لجأ إلى بيع 45 عقاراً تعود ملكيتها لمقترضين؛ لتحصيل الديون، بعد المتابعات القانونية وإجراءات الملاحقة القضائية التي يقوم بها المصرف بالتنسيق بين مديرية الشؤون القانونية وفروع ومحامي المصرف.

وينسحب الحال على بقية المصارف الحكومية التي فشلت إجراءاتها السابقة، من جدولة الديون ومنع المقترضين من السفر، في استعادة القروض التي تزيد عن 350 مليار ليرة.
ويشير تقرير صادر عن المصرف الصناعي بدمشق، إلى أن عدد المدينين المتعثرين للمصرف الملاحقين في قضايا، بلغ 6481 متعاملاً، في حين بلغ عدد الممنوعين من السفر، وفق قرارات صادرة عن المحاكم المصرفية، نحو 6493 شخصاً.

وحسب تقرير المصرف، فقد بلغ حجم الديون المتعثرة نحو 21 مليار ليرة سورية، وبلغ حجم الديون المتعثرة التي تم قبول تسويتها نحو 204.5 ملايين ليرة سورية.
وفي الوقت الذي لم يعلن خلاله المصرف الصناعي عن البيع بالمزاد العلني للمنشآت الصناعية المتوقف أصحابها عن السداد، والاكتفاء، بحسب مصادر خاصة من دمشق، بالحجز الاحتياطي، كشف مدير مصرف التسليف الشعبي، محمد حمرة، أخيراً عن إجراء جلسات بيع بالمزاد العلني لضمانات تعود لثمانية قروض متعثرة.


وأوضح حمرة أن هناك نحو 24 ضمانة لقروض متعثرة تم الانتهاء من دراسة القيمة التقديرية للمزادات، بانتظار تحديد مواعيد جلسات للبيع بالمزاد العلني، مع تشديده على جدية المصرف في متابعة موضوع القروض المتعثرة. كاشفاً عن تشكيل المصرف لجنة لمتابعة ملف الديون المتعثرة التي تصل إلى نحو 345 قرضاً بقيمة مليار ليرة. وأن المصرف حصل على قرارات بمنع السفر بحق 685 مقترضاً من المقترضين المتعثرين لديه.
وعمم المصرف المركزي بدمشق، مؤخراً، على كافة المصارف العاملة في سورية، لموافاته بالمعلومات المتعلقة بالديون بالنظر إلى ضرورة قيام المصارف بوضع خطة زمنية مدروسة وموضوعية لمعالجة هذه الديون.

ويرى ياسر عبد الجليل، مدير فرع سابق بالمصرف التجاري، أن إدارة المصرف المركزي الجديدة، بعد وصول دريد درغام إثر تشكيلة حكومة الأسد الأخيرة، تسعى إلى "لملمة الديون المتعثرة ولو عبر بيع العقارات الموضوعة كرهن للقروض، أو حتى ممتلكات المقترض العامة، من عقارات ومنشآت صناعية".
ويضيف عبد الجليل، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن توجيهات المصرف المركزي نحو عودة منح القروض، ولكن بسقوف منخفضة، بحيث لا تزيد عن 300 ألف ليرة سورية، تهدف إلى ترويج وجود سيولة لدى المصارف وتسويق تعافي الاقتصاد السوري.

وكشف المصرفي السوري أن أمام المحاكم المصرفية بسورية الآن نحو 1500 قضية حول الديون المتعثرة، في القطاعين العام والخاص، منها 975 دعوة لصالح ثلاثة مصارف حكومية.
وحول سبب تراكم الديون المتعثرة ووصولها لدرجة التشكيك في التحصيل، يضيف عبد الجليل، أن معظم المقترضين قبل الحرب تأذت استثماراتهم وتهدمت عقاراتهم بفعل القصف والدمار الذي تشهده سورية منذ خمس سنوات، فضلاً عن هروب كثير من المقترضين خارج القُطر بعد الثورة.

غير أن السبب الأهم، برأي المصرفي السوري، كان تساهل مجلس النقد والتسليف في الضمانات والشروط، لأن الهدف قبل الثورة كان التغني بحجم القروض والسعي إلى أسعار الفائدة المرتفعة التي تزيد عن 15% بالمصرف العقاري، في قلة السلع التي تقدمها المصارف السورية.
وتعاني المصارف الحكومية الخمسة في سورية من خسائر، بعد توقف القروض منذ عام 2012، رغم معاودتها أخيراً بمبالغ محدودة، ما دفع مختصين، العام الماضي، للدعوة إلى تحويلها لشركات مساهمة بهدف الهروب مما تعاني من أزمات.
(الدولار الأميركي يساوي 500 ليرة سورية)



المساهمون