رغم اتجاه البنوك الأميركية إلى الأدوات الإلكترونية عبر الإنترنت، ثمة الكثير من عملائها في الولايات المتحدة ليسوا على استعداد للتخلي عن زياراتهم المعتادة لأقرب فرع لهم، وهو ما يعرقل مساعي البنوك الرامية إلى خفض عدد الفروع.
وتشير بيانات مؤسسة التأمين على الودائع الاتحادية إلى أن البنوك الأميركية قلصت عدد فروعها بنسبة 6% منذ أن بلغ ذروته في 2009.
وبلغ عدد الفروع المفتوحة في نهاية العام الماضي 93283 فرعا، وهو أدنى مستوى له في عشر سنوات.
غير أن بعض المحللين، الذين فحصوا هذه البيانات، يقولون إن على البنوك أن تبذل المزيد من الجهد لتخفيف الضغط على الإيرادات، جراء تدني أسعار الفائدة والمطالب التنظيمية.
وتراجع عدد البنوك التي تغطيها مؤسسة التأمين على الودائع الاتحادية أكثر من 25% خلال تلك الفترة، رغم نمو أصول القطاع بما يشير إلى أن المجال مفتوح أمام دمج المزيد من الفروع.
لكن مسؤولين تنفيذيين في البنوك يقولون إن الفروع ما زالت مهمة لاجتذاب عملاء جدد وزيادة أنشطة العملاء الحاليين، وإن إغلاق بعض الفروع سيؤثر سلبا على الإيرادات أكثر من أن يساهم في خفض النفقات.
وقال جوناثان فيلين، رئيس وحدة ماكينات الصرف الآلي واستراتيجية المنافذ لدى ويلز فارغو "لا يزال عملاؤنا يريدون زيارتنا.. فما زالوا يأتون إلى منافذنا وماكينات الصرف الآلي التابعة لنا بمعدلات قوية جدا".
وذكر ريتشارد براون، كبير الخبراء الاقتصاديين لدى مؤسسة التأمين على الودائع الاتحادية، أنه كثيرا ما يتلقى أسئلة عن سبب وجود عدد كبير من الفروع في القطاع حتى الآن.
وأضاف "هذه النظرية... (التي تستند إلى) أننا نقدم خدمات مصرفية عبر الهواتف المحمولة وأخرى عالية التكنولوجيا، ومن ثم فإن المكاتب الفرعية قد عفا عليها الزمن تبدو مبالغا فيها كثيرا".
ويبدو أن البنوك مضطرة للسعي إلى كبح شبكات فروعها الآخذة في الاتساع، باعتباره سبيلا لخفض النفقات.
فتأسيس الفرع التقليدي يتكلف ما بين مليونين وأربعة ملايين دولار تقريبا، بينما تتراوح تكلفة تشغيله بين 200 ألف و400 ألف دولار سنويا، وفقا لما قاله إد أوبراين، المحلل لدى ميركاتور أدفايزوري جروب.
وقد يأتي ذلك بتكلفة عالية على البنوك الكبرى التي تملك الآلاف من الفروع، كثير منها في المناطق الحضرية عالية التكلفة.
غير أن عددا من المسؤولين التنفيذيين في البنوك يقولون إنه في ظل المنافسة في السوق ينبغي أن تكون الفروع على مسافة خطوات من العملاء المميزين.
ويقول مسؤولون تنفيذيون في جيه.بي مورغان تيس آند كو، أكبر بنك في الولايات المتحدة، إن كل فرع يجني أرباحا سنوية تقارب المليون دولار، لكن تشغيله الكامل يستغرق عشر سنوات.
ويفحص مصرفيو جيه.بي مورغان تشيس آند كو، البيانات الخاصة بزيارات العملاء للفروع وما يجريه العملاء داخل الفرع، لاتخاذ القرار بشأن الإبقاء على الموقع مفتوحا أو إغلاقه.
وأغلق البنك 265 موقعا منذ 2013، بما يقارب 5% من شبكته، لكن مسؤولين في البنك يشددون على أن الفروع ما زالت ضرورية لعلاقات جيه.بي مورجان مع العملاء.
وقال غوردون سميث، رئيس الخدمات المصرفية للأفراد والشركات في البنك، إن الفروع هي أفضل السبل لبيع الكثير من المنتجات والخدمات للعملاء من الرهون العقارية إلى الاستشارات الاستثمارية.
وربما يكون من السابق لأوانه تحديد ما سيحدث في الأمد الطويل حين تغلق البنوك الكبرى الكثير من الفروع.
وأغلق بنك أوف أميركا 25% من فروعه منذ 2009، وقد يكون بالونة اختبار في النهاية. ويقول البنك إنه اكتفى بهذا الخفض، لكن فريد كانون، المحلل لدى كيفي برويت آند وودز، يدعو إلى مزيد من الخفض.
وذكر جيمس أبوت، رئيس علاقات المستثمرين لدى زيونز، إن المجموعة أغلقت نحو 20% من فروعها منذ 2009 وما زالت تدرس المزيد من الخفض لعدد الفروع.
ويقول كانون إن تكلفة الفروع عالية للغاية، ومن ثم يمكن إغلاق هذه المواقع من دون فقد الكثير من الإيرادات.