المصارف الأميركية تتراجع عن تمويل الشركات الأوروبية بسبب زيادة المخاطر

29 ابريل 2020
مقر مصرف جي بي مورغان في نيويورك (Getty)
+ الخط -


تتوخى تبدو المصارف التجارية الكبرى في أميركا أكثر حذراً في تقديم القروض المطلوبة من قبل الشركات الأوروبية الكبرى، ومد خطوط الائتمان التي تتيح التمويلات الدولارية قصيرة الأجل.

وقال مصرفيون في لندن، إن مصارف أميركية كبرى، مثل "جي بي مورغان" و"بانك أوف أميركا" و"غولدمان ساكس"، تراجعت عن إقراض شركات أوروبية منذ شهر مارس/ آذار الماضي. 

وفي هذا الصدد، قال موقع "بيزنس إنسايدر" الأميركي، إن مصرف "جي بي مورغان"، أكبر المصارف الأميركية، تراجع عن تمديد خطوط ائتمان لشركة الكيماويات الألمانية العملاقة " بي أيه أس أف"، كما تخلى عن صفقة تمويل لإنقاذ شركة "أس أس بي " البريطانية حجمها 400 مليار دولار.

وتتخوف المصارف الأميركية التي لديها قاعدة رأسمالية قوية وتقدر الرساميل المتاحة لديها بأكثر من 1.7 ترليون دولار من تداعيات فيروس كورونا المستجد على الشركات الأوروبية، وسط تواتر التقارير حول الانقسام الأوروبي بشأن حزم الإنقاذ وعدم وجود التنسيق الكافي بين دول منطقة اليورو بشأن إنعاش الاقتصادات الأوروبية بعد كورونا، وهو ما يعرض الشركات الأوروبية للإفلاس.

وقال مصرف "جي بي مورغان"، إنه قدم تمويلات بنحو 12.5 مليار دولار للشركات الأوروبية خلال شهر مارس الماضي. ويبدو الرقم صغيراً مقارنة بحاجة الشركات الأوروبية في 28 دولة أوروبية، بينها اقتصادات كبرى، مثل فرنسا وبريطانيا وألمانيا.
في هذا الشأن، قالت مصادر مصرفية لوكالة رويترز، إن "البنوك الأميركية تتخوف من موجة تخلف عن الدفع أو إفلاسات وسط الشركات الأوروبية خلال العام الجاري".

من جانبه، قال رئيس مصرف "سوسيتيه جنرال" في ألمانيا، غيودو زولر، إن "البنوك الأميركية مهتمة في الوقت الراهن بأسواقها المحلية والنشاطات المصرفية الخاصة بخدمة الزبائن، وبالتالي فهي حذرة في تعاملاتها مع الشركات الأوروبية".

وحصلت البنوك الأميركية الستة الكبرى على دعم نقدي متواصل وضخم من مصرف الاحتياط الفدرالي (البنك المركزي الأميركي)، منذ بداية أزمة "كوفيد 19"، وذلك عبر برنامج الإقراض قصير الأجل أو ما يطلق عليه " الريبو".

ولكن المصارف الأميركية تتفادى الأصول ذات المخاطر العالية، ويتم النظر لأوروبا وشركاتها على أساس أنها ربما لا تتعافى سريعاً من تداعيات الوباء التاجي.

ولاحظت دراسة أميركية أن البنوك الأميركية ترغب في الاحتفاظ بالسيولة الدولارية بدلاً من إقراضها في الوقت الراهن للشركات في أوروبا أو حتى آسيا، وذلك على أمل الاستفادة منها في شراء أسهمها التي تراجعت بنسبة 25% في المتوسط خلال الربع الأول من العام الجاري.
ويلاحظ خبراء مصرفيون أن المصارف الأميركية الستة الكبرى رفعت مخصصات الديون المشكوك في تحصيلها إلى 25.4 مليار دولار، وذلك بالنسبة لنتائج الربع الأول من العام، وعادة ما تعلن المصارف الأميركية نتائجها قبل نظيراتها الأوروبية.

وتواجه المصارف الأميركية مخاطر بطاقات الائتمان التي توقف أصحابها عن الدفع منذ شهر مارس. يذكر أن معدل البطالة في أميركا ارتفع إلى أكثر من 26 مليون عاطل خلال الأسبوع الماضي.

على صعيد القطاع المصرفي الأوروبي، تثار المخاوف من ارتفاع الديون المعدومة. ويقدر تقرير مصرفي أن ترتفع المخصصات المالية التي سترصدها البنوك التجارية في أوروبا لتغطية الديون المشكوك في تحصيلها بمعدلات قياسية خلال العام الجاري.

ويتوقع محللون أن يرتفع إجمالي المخصصات للديون الخطرة لدى المصارف الأوروبية خلال الربع الأول من العام الجاري إلى 4 أضعاف مستوياتها خلال الربع نفسه من العام الماضي.

كما توقع محللون لصحيفة " فاينانشيال تايمز"، أن تتراجع أرباح المصارف التجارية الأوروبية بنسبة 50% خلال العام الجاري.

من جانبه، توقع جونثان بيرس، محلل المصارف بشركة نيمس البريطانية، أن تراوح مخصصات كل مصرف من المصارف التجارية البريطانية الكبرى بين مليار ومليار ونصف مليار جنيه إسترليني، حينما تكتمل نتائج الربع الأول من العام الجاري.

حتى الآن، تبدو المصارف الأميركية أكثر استعداداً للتعامل مع التداعيات السالبة لفيروس كورونا المستجد، مقارنة مع القطاع المصرفي بمنطقة اليورو الذي يعيش لحظات من الضعف منذ أزمة المال في العام 2008. 

وبينما تواجه المصارف في إيطاليا أزمة ديون مستفحلة يتعامل معها البنك المركزي الأوروبي منذ ثلاث سنوات عبر برنامج شراء السندات، تواجه دول منطقة اليورو ارتفاعاً في حجم الديون السيادية.

وتوقع مصرفيون أن تخسر المصارف بمنطقة اليورو نحو 25 مليار يورو خلال العام الجاري، وذلك وفقاً لبيانات الباحث البريطاني ستيوارت غراهام بمؤسسة "أوتونوميس" للأبحاث.

وأشار الباحث غراهام إلى أن دخل المصارف بمنطقة اليورو ربما سيتراجع بنحو 65 مليار يورو خلال العام الجاري.

وحذر مصرف "إتش.إس.بي.سي هولدينغز" البريطاني، أمس الثلاثاء، من مزيد من النتائج المؤلمة مستقبلاً بعدما انخفضت أرباح الربع الأول لنحو النصف، إذ عزز البنك مخصصات الديون الرديئة التي يُتوقع أن تزيد في خضم جائحة فيروس كورونا.
لكن في المقابل يلاحظ أن المصارف السويسرية أعلنت عن أرباح جيدة للربع الأول من العام الجاري، حيث أعلن "يو بي أس"، أكبر المصارف السويسرية، عن زيادة 40% في صافي أرباحه لتصل إلى 1.6 مليار دولار، كما قفزت أرباح بنك "كريدي سويس" بنحو 75 بالمائة خلال الربع الأول الماضي، مع أداء قوي لأعماله الدولية.

لكن المصارف السويسرية استفادت من عمليات إدارة الثروات مقارنة بنظيراتها الأوروبية التي تعتمد في دخلها على الشركات والأعمال التجارية وخدمة الزبائن في المدن والأحياء وتعاني من ارتفاع الكلف التشغيلية.
المساهمون