وتعددت البلاغات حول محاولات التسلل من الأراضي السورية باتجاه الأراضي الأردنية، بالإضافة إلى محاولات تهريب المخدرات والسلاح. ومنذ 21 يونيو/حزيران 2016، وفي أعقاب الهجوم الإرهابي الذي استهدف نقطة عسكرية مقابل مخيم الركبان، ونتج عنه مقتل سبعة من أفراد الجيش والقوات الأمنية، تتعامل القوات المسلحة الأردنية بحساسية مفرطة مع أي حركة مشبوهة، ولا تتوانى عن استخدام القوة مع كل من لا يستجيب للتحذيرات العسكرية. ويشير خبراء عسكريون وفصائل على الجبهة الجنوبية إلى احتمال تعرض الحدود الأردنية للمزيد من الهجمات الإرهابية، فيما تضع القيادات العسكرية الأردنية خطر الإرهاب في صميم استراتيجياتها العسكرية ضمن المدى المنظور، بالتزامن مع مواصلة السياسيين جهود تحييد الجنوب السوري عن المعارك التي ارتفعت وتيرتها خلال الأسابيع الماضية.
وتؤكد مصادر سياسية أردنية تجدد الاجتماعات بين سياسيين وعسكريين أميركيين وروس وأردنيين، في العاصمة الأردنية عمّان، في محاولة للتوصل إلى توافق حول مناطق خفض التوتر، تخفف من المخاوف الأمنية الأردنية في الجنوب السوري، بعد أن انتهت الجولة الأولى في 18 مايو/أيار الماضي، من دون التوصل إلى اتفاق بهذا الشأن. وتحدد المصادر الحد الأدنى المقبول أردنياً، بضمان عدم وجود مليشيات طائفية (إيرانية) على مقربة من حدوده، وكذلك التوصل إلى تفاهمات تحيد المخاطر الأمنية، سواء الناتجة عن العصابات الإرهابية أو الأطراف التي تشارك بالصراع إلى جانب النظام السوري، فيما يتواصل التأكيد على الموقف الثابت بعدم التدخل عسكرياً في سورية. وفيما تتواصل الاجتماعات على نار هادئة، تشتعل المعارك على الأرض وترتفع وتيرتها بشكل مستمر منذ أسابيع. وتؤكد الفصائل المقاتلة على الجبهة الجنوبية أن المعارك تضع الأردن في مواجهة أخطار محتملة، من بينها خطر الهجمات الإرهابية. ويحدد الأردن الخطر الإرهابي المحتمل، باندفاع عناصر التنظيمات الإرهابية باتجاه الحدود، نتيجة الخسائر التي لحقت أو ستلحق بتلك التنظيمات في أماكن سيطرتها، خصوصاً بعد انطلاق معركة تحرير الرقة، وتحرك الخلايا النائمة التي تسللت بين صفوف اللاجئين واستقرت في مخيمي الركبان والحدلات الحدوديين.
وفي منتصف مارس/آذار الماضي، كانت المعلومات الاستخبارية الأردنية تقدر نسبة "المتطرفين" الذين تسللوا إلى مخيمي اللاجئين الحدوديين بنحو 10 في المائة من مجموع قاطني المخيمين البالغ أكثر من 80 ألف شخص، فيما لا توجد تقديرات مستقبلية لأعداد الإرهابيين المحتمل اندفاعهم باتجاه الحدود. الخبير العسكري، اللواء المتقاعد مأمون أبو نوار، الذي قلل في وقت سابق من قدرة فصائل الجبهة الجنوبية على الصمود طويلاً في ظل المعطيات الميدانية، يتوقع اندفاع العناصر الإرهابية نتيجة للضربات التي تتعرض إليها باتجاه الحدود الأردنية. ويقول أبو نوار إن "الاندفاع المتوقع للعناصر الإرهابية سيزيد من الأعباء على القوات المسلحة الأردنية"، مرجحاً أن يلجأ الأردن لتوجيه ضربات عسكرية تستهدف تلك العناصر، من دون الدخول إلى الأراضي السورية، من خلال الاعتماد على سلاح الطيران، وضمن جهود التحالف الدولي للحرب على الإرهاب.
وتجد الفصائل المشغولة بمقاتلة قوات النظام السوري الساعي لبسط سيطرته على الجنوب، والمليشيات الإيرانية المستشرية في معركة فتح طريق بغداد-دمشق، نفسها عاجزة عن ضبط الإرهابيين المتسللين باتجاه الحدود الأردنية. ويؤكد الناطق باسم جيش مغاوير الثورة، محمد جراح، صعوبة ضبط قوات المغاوير لعناصر تنظيم "داعش" المتسللين بين صفوف اللاجئين. ويقول "يزداد وينقص عدد اللاجئين القادمين من مناطق سيطرة داعش، بحسب المعارك، ويتسلل عناصر من داعش مع اللاجئين باتجاه الحدود الأردنية، وغالباً ما ينتهي بهم الأمر في مخيم الركبان". وبحسب الجراح، فإن مقاتلي جيش المغاوير المتواجدين على حواجز السيطرة لا يمتلكون قدرة التعرف على "الدواعش"، كما لا يملكون أجهزة لتفتيش العابرين. ويقول "ليست لدينا القدرة في هذه الأيام على وضع أعداد كبيرة من المقاتلين على حواجز السيطرة للتعرف على الدواعش. نضع أعداداً بسيطة للقيام بمهمة التغطية وتفتيش السيارات"، ما يشير إلى إمكانية تسلل المزيد من عناصر "داعش" إلى مقربة من الحدود الأردنية، بكل ما يمثل ذلك من مخاطر محتملة.