المسعف سيد ذكي ينتظر رد الجميل

04 مارس 2020
تعرّض لإطلاق نار مباشر (العربي الجديد)
+ الخط -
لا يزال المسعف سيد ذكي (42 عاماً) يرقد بالفراش في منزله، للعام الثالث، في انتظار تحويل طبي إلى خارج مصر، يساعده في التعافي من مضاعفات الإصابة التي تعرض لها خلال محاولته إجلاء مصابين من قوات الشرطة المصرية أثناء تعرضهم لهجوم من قبل تنظيم ولاية سيناء الموالي لتنظيم داعش، في مدينة العريش بمحافظة شمال سيناء. وبالرغم من تحويله للعلاج في مستشفيات القاهرة، إلا أن الفرق الطبية عجزت عن إجراء العمليات اللازمة لتمكينه من العودة إلى ممارسة حياته بشكل طبيعي، ولو بصورة نسبية، فيما أجمعت على ضرورة تحويله للعلاج في مستشفيات خارج مصر.

يقول أحد زملاء سيد والمشهور بـ"سيد أبو شيماء" لـ"العربي الجديد" إن المسعف تعرض لرصاصة من مسافة قريبة في البطن، أثناء محاولته الوصول إلى كمين (حاجز أمني) المساعيد الإداري بمدينة العريش يوم 9 يناير/كانون الثاني من عام 2017، حيث تعرض الكمين لهجوم مسلح من قبل تنظيم داعش. وحين حاول المسعف الوصول بسيارة الإسعاف إلى الكمين لنقل المصابين وجثث القتلى، تعرض لإطلاق نار مباشر، أدى لإصابته بجروح خطيرة، وترك ينزف في ميدان الاشتباك لعدة ساعات قبل أن يتم نقله إلى مستشفى العريش العام لتلقي العلاج اللازم. وبعد عملية استمرت خمس ساعات في المستشفى، تم تحويله إلى مستشفيات القاهرة لاستكمال العلاج، إلا أن الطواقم الطبية هناك توقفت عند نقطة معينة من متابعة حالة سيد في ظل احتياجه لعلاج مكثف في الخارج.



يضيف زميل سيد أنه "جرى التواصل مع كافة المؤسسات المعنية من وزارة الصحة، بالإضافة إلى المسؤولين الحكوميين في المحافظة، وكذلك المسؤولين الأمنيين، في ظل أن سيد أصيب خلال مهمة إنقاذ لجرحى تابعين لقوات الشرطة المصرية، فمن الضروري وقوفهم معه في هذه المحنة التي يتعرض إليها. ولذلك بتنا نحاول توجيه نداء استغاثة لرئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ووزير الداخلية ووزير الصحة من أجل الحصول على تحويلة طبية خارج مصر في أقرب وقت ممكن، وهذا بات مطلب جميع العاملين في هيئة الإسعاف". يتابع: "ما جرى مع زميلنا يدفعنا بشكل حقيقي إلى التفكير ملياً قبل التحرك نحو أي ميدان اشتباك في سيناء، في ظل إمكانية تعرضنا لإطلاق نار مباشر كما جرى في عشرات المرات. وفي حال إصابتنا لن نجد من يهتم لأمرنا وأمامنا مثال حي على ذلك".

ويبدو واضحاً أنّ حادثة وفاة المسعف أحمد جمال في أغسطس/آب 2018 بعد إهمال طبي استمرّ طيلة فترة إصابته برصاص تنظيم ولاية سيناء في شهر يوليو/تموز من نفس العام، خلال محاولته إنقاذ مجنّدين مصريين مصابين عند أحد كمائن مدينة العريش بمحافظة شمال سيناء، لم تكن كافية لاستدعاء الاهتمام الحكومي بالمسعفين العاملين في سيناء، خصوصاً هؤلاء الذين أصيبوا خلال عملهم لإنقاذ مصابي الجيش والشرطة في خلال السنوات الماضية التي شهدت سيناء فيها هجمات عسكرية متبادلة.

وكان التنظيم قد هدّد العاملين في مجال الإسعاف بسيناء أكثر من مرّة، خصوصاً عندما كان في أوج قوته في أواخر عام 2015. وجاء في بيان أصدره مهدّداً المسعفين: "ما أسرع سيارتكم عند سماع دوي الانفجارات التي تمزقهم وتقطعهم وما أحرصكم على نجدتهم وما أبطأ سيركم وما أكثر أعذاركم عند ضعاف المسلمين ومرضاهم. (...) تجنّبوا إسعاف هؤلاء الطواغيت والابتعاد عن أماكنهم وأماكن استهدافهم قدر المستطاع ومن أصابه أذى منكم فلا يلومنّ إلا نفسه وقد أعذر من أنذر فإننا سنستهدف حتى المصابين منهم". وهاجم التنظيم نقاطاً للإسعاف في سيناء خلال السنوات الماضية واستولى على سيارات وأجهزة إرسال وأدوية. كذلك أطلق النار على سيارات الإسعاف عشرات المرّات خلال محاولتها إنقاذ قوات الجيش والشرطة التي تتعرض لهجمات مستمرة من قبل التنظيم.



من جهته، يقول أحد أقرباء المسعف سيد لـ"العربي الجديد" إن "سيد دخل في حالة صحية حرجة خلال الفترة الأخيرة، في ظل المشاكل الخطيرة التي يعاني منها في منطقة البطن نتيجة الإصابة التي تعرض لها. ويعيش سيد في ظروف نفسية سيئة للغاية، في ظل شعوره بتخلي الجميع عنه، بما فيهم وزارة الصحة التي عمل من ضمن طواقمها لسنوات طويلة، وخدم في أكثر المناطق سخونةً في مصر وهي محافظة شمال سيناء، وبرغم ذلك لا يزال ينتظر تحويلةً طبية للعلاج في الخارج، في ظل عدم قدرته على دفع تكاليف العلاج".

تجدر الإشارة إلى أنه على مدار السنوات الست الماضية أصيب أكثر من ثلاثين مسعفاً خلال عملهم في مناطق العمليات العسكرية في محافظة شمال سيناء، فيما لم يتم الاهتمام بهم كالاهتمام الذي يلقاه مصابو القوات المسلحة المصرية ووزارة الداخلية، بالرغم من أنهم قد يصابون بنفس الرصاص وفي نفس الحادثة.