يعقد البرلمان العراقي في تمام الساعة الثانية عشرة من نهار اليوم، السبت، جلسته الجديدة، المحددة مسبقاً لانتخاب رئيس له ونائبين، في ظل مخاوف من عدم إمكانية انعقاد الجلسة بسبب تسريبات عن قرارات مسبقة لعدة كتل بعدم الحضور لإفشال اكتمال نصاب جلسة اليوم، كون انتخاب رئيس البرلمان يظهر أن الكتل السنية أكملت ما عليها من الاستحقاقات وباتت الكرة في ملعب الأكراد والقوى الشيعية لاختيار مرشحيهم لرئاسة الوزراء ورئاسة الجمهورية.
ولغاية مساء أمس، الجمعة، لم يتوصل أي من الأطراف السياسية السنية إلى مرشح واحد يقدمونه لشغل منصب رئاسة البرلمان، رغم أن بعض الكتل اتفقت على مرشح واحد، كما في "المحور الوطني" الذي اختار محمد الحلبوسي مرشحاً له، لكن على الجهة المقابلة ما زالت كتل أخرى تتمسك بمرشحيها. ويجب على البرلمان أن يمرر منصب الرئيس ونائبيه من خلال تصويت 166 نائباً، بواقع نصف الأعضاء + 1، وهو ما يعني أن المهمة لن تكون سهلة على أي من المرشحين المتنافسين، فوجود أكثر من ثلاثة مرشحين يعني أنه ستكون هناك جولة ثانية وحتى ثالثة للوصول إلى فائز، في حال اكتمال النصاب بكل الأحوال. ويتقدم محمد الحلبوسي، مرشح "المحور الوطني"، وهو تشكيل سياسي أعلن منتصف الشهر الماضي ويضم ست قوى سنية مختلفة حازت على 53 مقعداً نيابياً، السباق لرئاسة البرلمان على أسامة النجيفي ثم طلال الزوبعي ومحمد تميم.
وقال مسؤول حكومي عراقي، وهو في الوقت ذاته أحد أعضاء تحالف "الوطنية"، لـ"العربي الجديد"، إن "المعلومات تشير إلى أن بعض الذين قدموا ترشيحاتهم سينسحبون مقابل صفقات معينة. وبلغ عدد المرشحين السنة لشغل منصب رئيس البرلمان تسعة أعضاء، هم أسامة النجيفي ومحمد الحلبوسي ومحمد تميم وأحمد خلف الجبوري وأحمد عبد الله الجبوري وطلال الزوبعي ومحمد الخالدي وخالد العبيدي ورشيد العزاوي. ووفقاً للمسؤول، فإن "بعض المرشحين وافقوا على سحب ترشيحاتهم من المنافسة على منصب الرئاسة لقاء منافع مالية أو مناصب في الحكومة الجديدة"، مبيناً أن "هذه المعلومات وصلت إلينا من قيادات سنية أبدت امتعاضها مما وصل إليه الحال بالكتل التي تقدم نفسها على أنها ممثل عن العرب السنة في العراق". وأشار إلى أن بعضهم سينسحب خلال جلسة اليوم، السبت، وآخرون قد يتنحون عن المنافسة بطلب مقدم لرئيس البرلمان المؤقت (رئيس السن).
في المقابل، نفى المرشح لرئاسة البرلمان، طلال الزوبعي، انسحابه، موضحاً، في بيان تلقت "العربي الجديد" نسخة منه، أنه ما زال عضواً في ائتلاف "الوطنية" الذي يتزعمه إياد علاوي، وأن وجوده مع كتل أخرى لا يعني انضمامه إلى أي منها، وذلك في معرض رده على ما تناقلته أوساط سياسية من وجود انشقاق داخل تحالف "الوطنية"، خصوصاً بين الأعضاء السنة في القائمة. وقال مسؤول في الدائرة الإعلامية في البرلمان العراقي، لـ"العربي الجديد"، إن "جميع الإجراءات اللازمة لعقد الجلسة اكتملت، وتم إعداد أجهزة التصويت الإلكتروني، وكذلك الأوراق في حال تقرر أن يكون التصويت يدوياً لاختيار الرئيس ونائبيه". ومن المفترض أن تحدد جلسة اليوم، في حال بدأ فعلاً التصويت على رئيس البرلمان، الكتلة الكبرى أو المعسكر الذي له الكفة داخل البرلمان، فاختيار أحد مرشحي الكتل السنية المنضمين إلى معسكر رئيس الحكومة حيدر العبادي وزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، يعني أنهم الكتلة الكبرى والعكس صحيح، فهناك ثلاثة مرشحين سنة مدعومين من معسكر رئيس الحكومة السابق نوري المالكي ورئيس تحالف "الفتح" (الجناح السياسي لمليشيا "الحشد الشعبي")، هادي العامري.
بدوره، قال النائب عن تحالف "القرار"، أحمد المشهداني، لـ"العربي الجديد"، إن "الجلسة يتوقع أن تكون مليئة بالمفاجآت، لأن عدد المرشحين كبير، وأعتقد أن هناك رد فعل حيال هذه الفوضى سيظهر تحت قبة البرلمان". وأوضح أن هناك ضغوطاً خارجية مورست وما زالت، وستكون حاضرة اليوم، ولها بصمة في اختيار رئيس البرلمان. وأوضح القيادي في تحالف "البناء" (معسكر المالكي ــ العامري) النائب علي شكري، لـ"العربي الجديد"، أنه "من المؤكد دستورياً أن الجلسة ستعقد"، معتبراً أنها "لا تحتاج إلى نصاب، على اعتبار أنها جلسة مفتوحة، ولكن نحن بحاجة إلى النصاب للتصويت على رئيس المجلس ونائبيه. أعتقد أنه لم يتم حسم المرشح الأقوى حظاً لتولي رئاسة المجلس، وبالتالي أظن أن الجلسة لن تشهد اختيار رئيس للبرلمان. نلاحظ أن هناك الآن تسعة مرشحين لشغل منصب رئيس مجلس النواب وهناك حظوظ متقاربة لأكثر من مرشح، وبالتالي إن لم يتم التوافق داخل المكون السني على الأقل على مرشحين اثنين أو ثلاثة لن نمضي لاختيار رئيس البرلمان" اليوم.
وعلى المستوى المقابل، ما زالت الكتل الشيعية منقسمة حيال ملف تشكيل الحكومة، التي بات، عرفا لا دستورا، يجب أن يكون رئيسها من الشيعة. وقال وزير عراقي بارز في بغداد إن الكتل الشيعية دخلت مرحلة البحث عن رئيس وزراء غير حيدر العبادي، والخلاف انتقل الآن من موضوع التحالفات ومن هي الكتلة الأحق بتشكيل الحكومة إلى مسألة التوافق بين قائمتي "الفتح"، بزعامة هادي العامري، و"سائرون"، بزعامة مقتدى الصدر، على منصب رئيس الحكومة، لوجود قناعة بأن أي حكومة تولد من دون أحد الطرفين لن تصمد بضعة أشهر. وأكد أن الخلاف الحالي هو إصرار الصدر على تسمية رئيس وزراء شيعي مستقل لا يتبع لأي حزب أو كتلة، بمعنى الولاء أو الارتباط الحزبي، وأن يكون ذا خلفية اقتصادية، بينما يعارض المعسكر المقابل، ممثلاً بهادي العامري، هذا التوجه، ويعتبره بداية لانفراط الحكم الشيعي للعراق. وأشار إلى أن تهديد الصدر، الخميس الماضي، بالذهاب إلى المعارضة جاء بعد تلقيه رداً برفض مواصفاته لرئيس الوزراء من قبل الجانب الآخر، واصفاً الوضع الحالي بالمعقد والمفتوح على سيناريوهات كثيرة.