أكد البنك المركزي التونسي جاهزيته للخروج إلى السوق المالية العالمية لإصدار قرض رقاعي (سندات) بالإنابة عن الدولة التونسية ولفائدتها، معتبرا أن الظروف ملائمة للجوء إلى هذه السوق.
وأوضح "المركزي" في بيان أصدره مساء أمس الاثنين "أن عملية الاقتراض تندرج في إطار تعبئة الموارد لفائدة ميزانية الدولة المنصوص عليها بقانون المالية لسنة 2018 ولتلبية حاجيات البلاد من العملة الأجنبية، سواء بعنوان تمويل عجز الميزانية أو عجز المدفوعات الجارية".
وأشار المركزي إلى أن "الوضعية الحالية ملائمة للجوء إلى السوق المالية العالمية لتلبية حاجيات التمويل، خاصة في ظل الضغوط المتزايدة على الموجودات من العملة الأجنبية من ناحية وعلى سيولة السوق المالية الداخلية من ناحية أخرى".
وفي شهر إبريل/ نيسان الماضي أجلت تونس خروجها للسوق المالية العالمية لاقتراض مليار دولار يفترض أن تساهم في ردم فجوة في موازنة الدولة، وتوفير السيولة الكافية لنفقات التصرف والأجور بسبب تحذيرات خبراء الاقتصاد من إمكانية الاقتراض بنسبة فائدة عالية تفوق الـ8%.
وقال وزير المالية رضا شلغوم، حينها، إن "تونس لا تواجه ضغوطات للخروج إلى السوق المالية الدولية"، مؤكداً أن الخروج "سيتم في وقت تكون فيه الظروف ملائمة بما يمكن البلاد من اغتنام أحسن الفرص للحصول على التمويلات".
وتقدر حاجات تمويل الموازنة وفق قانون المالية 2018، بنحو 12.9 مليار دينار (أي نحو 5.37 مليارات دولار) موزعة على 7.4 مليارات دينار (ما يعادل 3 مليارات دولار) تمويلات خارجية وأكثر من 5 مليارات دينار (2 مليار دولار) سيتم تأمينها من السوق الداخلية.
ويتزامن إعلان المركزي التونسي عن جاهزيته للاقتراض من السوق المالية العالمية مع إعلان الوكالة العالمية للتصنيف الائتماني ''فيتش''، الإبقاء على التصنيف السيادي لتونس على مستوى العملة الصعبة على المدى الطويل عند "ب إيجابي +B"، مع تغيير الآفاق من مستقرة إلى سلبية.
وأشارت فيتش إلى أن "تصنيف تونس تأثر بثقل وتزايد الدين العمومي والخارجي، ما عكس عجزا للميزان الجاري وعجز الميزانية ونموا اقتصاديا معتدلا ونسق إصلاحات ضعيفا في ظل ضغوطات اجتماعية وسياسية".
وحسب فيتش، فإن "مراجعة الآفاق من مستقرة إلى سلبية تعكس تزايد الضغوطات على التمويل الخارجي، إضافة إلى حالة شك كبيرة تجاه قدرة الحكومة التونسية على دفع السياسات الكفيلة بالتقليص من اختلالات الاقتصاد الكلي".
وأبرزت فيتش أنه "من المتوقع أن تبقى نسبة التضخم أعلى بكثير من المعدل المسجل على المدى الطويل بنسبة 4%. وسيزيد الناتج المحلي الإجمالي بمعدل 2.7% في 2018/ 2019، إي بارتفاع بنسبة 1.5% عن 2017/2016.
وتتوقع وكالة التصنيف أن "يتراجع عجز الميزان الجاري من 6% من الناتج المحلي الإجمالي سنة 2017 إلى 5.6% في 2018، مقارنة بتوقعات الميزانية نسبة 4.5% (4.9 % باستثناء المنح) و5% في العام 2019.
وسيزيد الدين العمومي بوتيرة أبطأ مقارنة بالسنوات الماضية ليصل إلى 75% من الناتج المحلي الإجمالي سنة 2019. ويبقى مسار الديون عرضة لتقلبات أسعار الصرف، خاصة أن 70% من الديون مقومة بالعملة الصعبة".
ويستعد البنك المركزي إلى إصدار مشروع منشور حول تطوير معايير كفاية الأموال الذاتية وذلك بإدخال مقتضيات جديدة في ما يخص مخاطر الأسواق، لدعم آليات التصرف الحذر بما يواكب تدريجيا المعايير الدولي.