المرزوقي يسعى لاستنهاض شعبيته بمواجهة "عودة الاستبداد"

تونس
D8A6CEA0-1993-437F-8736-75AB58052F84
وليد التليلي
صحافي تونسي. مدير مكتب تونس لموقع وصحيفة "العربي الجديد".
23 سبتمبر 2014
2F3DBC93-DF59-43A5-9997-3A54344E1349
+ الخط -

جاء ترشح الرئيس التونسي الحالي، المنصف المرزوقي، للانتخابات الرئاسية المقبلة مُرفقاً باستراتيجية سياسية انتخابية واضحة، لمحّ إليها في حديثه للصحافيين وعبر بيانه الانتخابي، وفصّلها مدير حملته الانتخابية عدنان منصر في مؤتمر صحافي، وبدا عنوان هذه الاستراتيجية واضحاً وصريحاً: "جبهة 18 أكتوبر" في مواجهة "جبهة 7 نوفمبر".

شرح منصر خلال تقديمه لترشح المرزوقي، أهم الأفكار الذي يستند اليها الترشيح، متوجهاً أولاً وبالذات، إلى التونسيين حين خيّرهم بين أمرين قائلاً: "التونسيون سيحسمون أمرهم في الانتخابات، إذا ما أرادوا العودة لرموز النظام السابق، فسنهنئهم على ذلك، وإذا كانوا حريصين على أن يزدهر مستقبلهم ولا يعود إلى الماضي فهذا ما نحن حريصون عليه".

وأعرب في الوقت نفسه عن اطمئنانه لصحة اختيارهم، مؤكداً "أن له ثقة في اختيارات التونسيين وأنه إذا لم يكن له هذه الثقة لما ترشح المرزوقي لهذه الانتخابات".

ووجّه منصر كذلك رسالة إلى أصدقاء الأمس الذين فرّقهم الطريق، أي "جبهة 18 أكتوبر" التي تشكّلت قبل الثورة لمواجهة الرئيس المخلوع، زين العابدين بن علي، وشملت أغلب رموز المعارضة وأهم الأحزاب دون فرز أيديولوجي أو سياسي، متّحدة حول فكرة واحدة هي مواجهة القمع.

ودعا منصر رفقاء الأمس إلى الالتقاء من جديد حول الهدف ذاته وإن تغيرت المعطيات السياسية، فـ"الانتخابات المقبلة ستتمحور المنافسة فيها بين روح 18 أكتوبر وروح 7 نوفمبر"، بحسب رأيه، وهو ما يستوجب طبيعياً عودة تشكّل الأولى لمواجهة الثانية.

غير أن دعوة منصر تصطدم ببعض العوائق المنطقية التي تتضح جلياً في الساحة السياسية التونسية، فهناك من يعتبر أن هذه الدعوة جاءت متأخرة سياسياً قبل أيام قليلة من انطلاق الحملة الانتخابية، وتشكيل جبهة سياسية أو إعادة تشكيلها تتطلب وقتاً عملياً وزمناً سياسياً يضبط إيقاعها ويحدد أرضيتها ويوضح أهدافها.

كما أن تشكيل الجبهة لا يمكن أن يكون حول الانتخابات الرئاسية فقط دون التشريعية، وكان لا بد من العمل عليها قبل فترة، خصوصاً وأن عقدها قد أُصيب على مدى السنوات الماضية بكثير من الاختلافات التي تتطلب تصفيتها جهداً سياسياً واضحاً، مع إدراك منصر الأكيد لترشّح عدد من رموز "جبهة 18 أكتوبر" نفسها للانتخابات الرئاسية، وهو ما يقود إلى الاستنتاج بأن هذا الخطاب لا يستهدف الجبهة السياسية الحزبية لـ"روح 18 أكتوبر"، وإنما يتوجه إلى القواعد الشعبية الناخبة ويعيد تشكيل أولويات وقواعد اللعبة الانتخابية التي ينبغي أن تقوم، وفق قراءة منصر، على أساس واضح وهو مواجهة "روح 7 نوفمبر، وعودة الاستبداد"، ما دعاه الى استعمال كلمة "روح".

أما المرزوقي فأكد من جهته أنّه سيكون "مثالاً للمرشّح النزيه والشفاف"، وأنّه "سيعمل على مواصلة الدفاع عن القضايا التي دافع عنها منذ سنوات"، معرباً عن خشيته الكبيرة من المال السياسي الفاسد الذي اعتبره "أشد خطراً من الإرهاب على المسار الديمقراطي والانتخابات". ودعا المواطنين والسياسيين الى محاربة هذا المال الذي يريد أن يشتري السلطة، مذكّراً بأن "ثمن السلطة هو النضال والعمل من أجل المواطنين"، وهي رسائل مباشرة لا تخلو من معانٍ واضحة توجّه بها المرزوقي أيضاً لطمأنة بعض رفقاء الأمس "المتخوفين" من عودة النظام القديم، ومتقدماً على أساس أنه الحامي الممكن للديمقراطية ولأهداف الثورة.

وجاء اليوم الأول من ترشح المرزوقي مليئاً بالرسائل السياسية الموجّهة في كل الاتجاهات، فقد أعلن منصر أن المرزوقي ترشّح كـ"مستقل"، وهو ما يعني أنه يريد أن يكون فوق الأحزاب، وقال إنه سيموّل جزءاً من حملته الانتخابية من مداخيل كتابه الجديد، في إشارة إلى نقاء الرجل السياسي، وجاء عنوان الكتاب حاملاً لرسالة أكيدة مفادها أن الربيع العربي سينتصر، على الأقل في تونس، "ننتصر أو ننتصر... من أجل الربيع العربي"، وهي رسالة تفاؤل ضرورية تحاول أن تواجه خطاب الإخفاق وتفتح على الأمل أمام الصعوبات الحقيقية والموضوعية التي مرّ بها الربيع.

ولكن المرزوقي يدرك جيداً أن خطاب الاخفاق والتراجع، على المستوى الاقتصادي بالذات، هو خطاب خلع عنه صفته الاجتماعية التلقائية وتحوّل إلى خطاب سياسي بامتياز يراهن عليه بعض منافسيه.

ولم يفوّت منصر فرصة تأكيد أن المرزوقي ليس مرشح حزب بعينه حين أكد تمايزه عن حركة "النهضة" بالذات، معلناً عن موقفه الرافض لفكرة الرئيس التوافقي، ليضع حداً لما يتردد من أن اتفاقاً حصل في الكواليس يقضي بدعم "النهضة" للمرزوقي، وهو ما يقود إلى الاستنتاج بأن المرزوقي سيعوّل على نفسه في الدورة الأولى وعلى رصيده الخاص فـ"التاريخ سيكشف من كان صحيحاً أو خاطئاً" برأي منصر، و"النهضة" لم تعرض على المرزوقي مبادرة الرئيس التوافقي، والأخير أكد في حوار سابق مع "العربي الجديد" بأن الرئيس التوافقي "كلام فارغ".

غير أن هذه الأحزاب يمكن أن تلتقي في الدورة الثانية حول فكرة "مرشح الثورة" التي يدعو إليها حزب "المؤتمر من أجل الجمهورية" (حزب المرزوقي)، بعد أن يؤكد المرزوقي رصيده الشعبي لدى التونسيين وجدارته الانتخابية، والتي يتضح من خلال المواقف المتكررة لحزبه أو لحملته أنها ليست محل شكّ مطلقاً وأن نتائجها مضمونة لصالح مرشحهم.

ويريد المرزوقي بالتأكيد أن يضع حداً لكل التشكيك في شعبيته ويسعى ليثبت أن التونسيين يتفاعلون معه ويقدّرون رصيده في السنوات الأخيرة على عكس بعض النخب (وهو ما يردده معاونوه كثيراً)، وينطلق من رصيد ثقة أعلن أمين عام حزب "المؤتمر" عماد الدايمي، أنه يستند الى حصيلة السنوات الثلاث الماضية التي نجح خلالها المرزوقي في "المحافظة على التوازنات السياسية الداخلية والحفاظ على مؤسسات الدولة وصون مؤسستي الجيش والأمن وتقديم صورة ناصعة عن الثورة التونسية في الخارج، وهو ما يؤهله ليكون مرشحاً بارزاً للرئاسية"، برأي الدايمي.

ولكن المرزوقي يريد أن يكون رئيساً منتخباً مباشرة من المواطنين لإدراكه بأن على الرئيس المقبل أن يستمد شرعيته كاملة من التونسيين لا من الأحزاب، وهو رهان وامتحان سياسي حقيقي بالنظر إلى كوكبة المرشحين وثقل بعضهم السياسي والمالي، ولكنه امتحان لا مجال للقفز فوقه، ولا بد من خوضه.

ذات صلة

الصورة
مقبرة جماعية في منطقة الشويريف بطرابلس، 22 مارس 2024 (الأناضول)

مجتمع

أعلن المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة فولكر تورك، الثلاثاء، أن مكتبه يتابع تقارير عن اكتشاف مقبرة جماعية في الصحراء على الحدود الليبية التونسية.
الصورة
مسيرات في تونس تنديداً بقصف خيام النازحين (العربي الجديد)

سياسة

شارك مواطنون تونسيون وسياسيون ومنظمات وطنية وحقوقيون، مساء اليوم الاثنين، في مسيرات في مدن تونسية تنديداً بالحرب على غزة، ولا سيما مجزرة رفح. 
الصورة
مسيرة في تونس ترفع شعارات الثورة التونسية، 24 مايو 2024 (العربي الجديد)

سياسة

رفعت شعارات الثورة التونسية "شغل حرية كرامة وطنية" في احتجاج شبابي في شارع الحبيب بورقيبة في العاصمة تونس، تعبيراً عن رفض ما آلت إليه الأوضاع في البلاد.
الصورة
طلاب من جامعات تونس في حراك تضامني مع غزة - 29 إبريل 2024 (العربي الجديد)

مجتمع

انطلق حراك طلاب تونس التضامني مع غزة والداعم للانتفاضة الطالبية في جامعات العالم، ولا سيّما في جامعات الولايات المتحدة الأميركية، وذلك من العاصمة ومدن أخرى.
المساهمون