دعا الرئيس التونسي السابق، منصف المرزوقي، "الديمقراطيين التونسيين" إلى "الاستفادة من الماضي القريب، قبل الثورة، في حكمهم على ملابسات قضية "حزب التحرير" التونسي، وقرار إحالة ملفه على القضاء العسكري، بهدف حله، بعد تصريحاته وبياناته الأخيرة التي حملت تهديدات بـ"قطع الرؤوس والأيادي"، بعد إزالة بعض رجال الأمن اليافطة من مبنى الحزب، ومنعه من عقد مؤتمره الأخير.
وقال المرزوقي، في نص مطول نشره في صفحته الرسمية على "فيسبوك"، إنه "لا شيء سيجمعني يوما بـ"حزب التحرير": لا المشروع ولا الأفكار ولا سلّم القيم، ولا التصريحات غير المسؤولة الأخيرة".
ونبه إلى أن "ما يتردّد عن محاولة حلّه، وحديث البعض وإنكار البعض الآخر، وبخصوص إحالة ملفّه على القضاء العسكري، يشعل الأضواء الحمراء داخل وعيي، لأنه يذكرني ببداية التسعينات، عندما كانت "النهضة" هي الموجودة في فم المدفع، ويومها وظّف القضاء العسكري أيضا ضدها، وكما هو الحال اليوم صمت الديمقراطيون، وقد غلب عندهم كره "النهضة" على حبّ العدالة والإنسانية والديمقراطية".
وذكّر المرزوقي بأن "كل هذه التجارب المريرة والزمن الضائع، وكل هؤلاء الضحايا الأبرياء الذين ذهب التعذيب بشبابهم.. كل هؤلاء الشهداء الأبرار.. هو الثمن الباهظ الذي دفعته تونس الحبيبة لنصل إلى الوفاق الوطني الوحيد في تاريخنا، والمتمثّل في دستور الثورة المجيدة".
وشدد على أن "أهمّ وأبرز أفكار وقيم هذا الوفاق أنه يمنح لكل التونسيين الحق في التنظم والرأي المخالف، وهذا الحق مكفول للخصوم قبل الأصدقاء.. لمن نكره وليس فقط لمن نحبّ، وإلا فما معنى كل اللغو حول الديمقراطية والوحدة الوطنية".
وقال الرئيس التونسي السابق إن ما لاحظه في التعاطي مع هذه القضية، والكثير من المؤشرات السلبية الأخرى، تؤكد "أننا بصدد مزيد من تبلور المفارقة الكبرى لهذه المرحلة من تاريخنا: جاءت الثورة بالديمقراطية، وجاءت الديمقراطية بمن حاربوا الديمقراطية"، في إشارة إلى النظام القديم، مشيرا إلى أن من سماهم بـ"محاربي الديمقراطية" يحاولون الاعتداء عليها، و"هو ليس بالأمر المستغرب، لأن ما بالطبع لا يتغيّر، ومن شبّ على شيء شاب عليه، ومن شاب على شيء مات عليه (..) المستغرب ألا يتذكّر بعض الناس أخطاء التسعينات، وأنهم أُكلوا يوم أكل الثور الأبيض".
Facebook Post |
ودعا المتحدث ذاته "كل القوى الديمقراطية إلى التصدّي لأي مسّ بحق الرأي والتنظم مهما كانت التجاوزات المرتكبة، وإحالة هذه التجاوزات على قضاء مدني مستقلّ، قولا وفعلا، والتخلص نهائيا من فكرة إقحام المؤسسة العسكرية في الخلافات والتجاوزات السياسية، لأنه لا خيار لنا، والمعركة من أجل الديمقراطية لا زالت في بدايتها خلافا لتوقعاتنا، إلا أن نجعل شعارنا: إذا عادت الأفعى عدنا لها بالنعال".
وكان حزب "التحرير" في تونس، الصادر بشأنه قرار قضائي بتعليق نشاطه، أخيراً، قد عمم بياناً، نهاية الشهر الماضي، مختلفاً عما دأب على نشره، وعُدّ سابقة خطيرة، بحيث وصف الحكومة بـ"المجرمة التي لجأت لأعمال البلطجة والإجرام"، بعدما أقدمت قوات الأمن على إزالة يافطة الحزب ليل الأحد، متوعدا بقطع الرؤوس والأيادي.
وقامت قوات الأمن بإزالة اليافطة التي تحمل شعار الحزب واسمه من فوق مقره في إحدى ضواحي العاصمة، وهو ما استفز قياداته التي أصدرت بيانا شديد اللهجة حمل في طياته عدة إشارات.
يذكر أن الأمن التونسي منع عقد مؤتمر حزب التحرير في شهر مايو/ أيار الماضي، فيما أصدر القضاء التونسي قرارا بتعليق عمل الحزب خلال شهر، وهو قرار أبطلته المحكمة الإدارية.
ويرى مراقبون أن حزب التحرير، الذي طالما أكد على منهجه السلمي في الوصول إلى السلطة، قد أعلن من خلال اللهجة المعتمدة في بيانه الأخير، والذي تضمن تهديدا للسلطة القائمة في البلاد، الحرب على هياكل الدولة عامة.