وقال المرزوقي، في تدوينة على صفحته الرسمية في فيسبوك: "واتونساه! إنّ القلب يتمزّق لرؤية الحرائق تلتهم ما تبقى لنا من غابات قليلة، وخشية من فيضانات رهيبة قد ترحل هذه السنة أو في سنوات مقبلة بمدينة مثل بوسالم (محافظة جندوبة)، وكم من مدينة أخرى لا نتوقع فيها حلول المصيبة. من أين لنا العلم ولا أحد يقرأ في الفنجان؟ وكل الدراسات تؤكّد يوما بعد يوم خطورة الاحتباس الحراري الذي تشهده الأرض برمتها والذي نعايش تبعاته المتوقعة في كل مكان وليس فقط في تونس".
وجدّد المرزوقي نداءه للسلطة الحالية بالدعوة في الخريف المقبل لمؤتمر وطني لحماية الوطن من تغيّر المناخ، بحضور الأحزاب والمنظمات المدنية والمؤسسات المختصة لوضع برامج وطنية تتعهد كل الأطراف بالالتزام بها للخمسين سنة المقبلة أيا كان من يحكم، وهي برامج التشجير وتحلية مياه البحر، والطاقة الشمسية، واسترجاع البذور الوطنية، وحماية الشواطئ وتطوير آليات الحماية المدنية وإعداد التونسيين معرفيا ومعنويا للتغييرات الهائلة التي تنتظرنا".
وذكر المرزوقي أن تونس "مثل أغلب الدول وخاصة الفقيرة، لأول مرة في تاريخها في مواجهة تحدّيين في نفس الوقت، الأول، هو تحسين ظروف العيش للجيل الحالي لضمان الاستقرار والعيش الكريم للجميع، والثاني، هو تحدٍّ غير مسبوق في التاريخ ألا وهو محاولة النهوض بالظروف المعيشية بالنسبة للأجيال المقبلة حتى لا تولد على أرض التهمت النيران غاباتها والرمال أراضيها الزراعية ومياه البحر مدنها الساحلية، ويتقاتل فيها أشلاء شعب تحكمه أشلاء دولة على آخر منابع الماء وآخر مساحات قابلة للزراعة... أجيال لن يمكنها الفرار إلى الشمال والبوارج الأوروبية تطلق النار آليا على كل زورق يقترب من شواطئها".
كما حذر رئيس الجمهورية السابق من تغاضي السلطة عن ندائه وإصرار الطبقة السياسية على أولوياتها الظرفية، داعيا المواطنين والشباب، المهدّد أساسا بهذه التغييرات، إلى التجنّد لمستقبله ومستقبل أطفاله عبر منظماته المدنية وأدوات التواصل الاجتماعي.
ويرى مراقبون أن عدم جاهزية السلطات التونسية وعدم استعدادها لمثل هذه الكوارث الطبيعية كلف البلاد خسائر مهولة من النسيج الغابي والموارد البيئية، في حين رجحوا أن تكون هذه العمليات المتفرقة مفتعلة في إطار جرائم منظمة ترتقي إلى جرائم إرهابية تمكن عبرها الجناة من تشتيت مجهودات قوات الجيش والحماية المدنية والحرس التي اضطرت للتدخل للحيلولة دون تفاقم الكوارث.
وفي سياق متصل، حلّ رئيس الحكومة يوسف الشاهد، صباح اليوم، بمنطقة الحوامد، من محافظة جندوبة، شمال غرب البلاد، التي عاشت أعتى الحرائق في الأيام الأخيرة، حيث تشردت 23 عائلة بسببها، وبعد معاينة الأضرار في مختلف أرجاء المنطقة أذن رئيس الحكومة بتأمين مساكن للعائلات المتضررة في أقرب وقت ممكن.
وتواصل السلطات التونسية محاولات إخماد الحرائق التي طاولت مختلف محافظات البلاد الداخلية، واستهدفت بالأساس الجبال والغابات، وتعمل لجنة مجابهة الكوارث التي تتكون من مختلف الوزارات المعنية، الدفاع والداخلية والفلاحة والتجهيز والصحة، على متابعة الأوضاع عن قرب بهدف محاصرة الكوارث التي تتربص بالأخضر واليابس.