المرزوقي.. هكذا النزاهة

29 سبتمبر 2014
+ الخط -

من أكثر المسائل التي تميز الدول العربية عن الغربية هدر الحاكم أو النظام في الدولة المال العام، بحيث يعتبر الحاكم في بلادنا المال العام ملكاً شخصياً له، يمكن استعماله واستغلاله بحرية، في ما يحلو له، ويمكن لعائلته وحاشيته أن يستفيدوا منه، من دون خوف من محاسبة أو عقاب أو مساءلة. وعلى الرغم من خطورة هذا الأمر على الدولة، وتسببه بأزمات ومشكلات كثيرة، وإيجاد حالة من عدم الثقة لدى الجماهير بالحاكم، فإن ظاهرة إهدار المال العام أصبحت منتشرة في أغلب بلدان العالم العربي.

وقد تعودنا على سماع ملفات الفساد الضخمة للرؤساء وأبنائهم في وسائل الإعلام العالمية والمحلية المعارضة، حيث أصبحنا نندهش، إذا رأينا أو سمعنا خبراً عن احترام المال العام وعدم استغلال الحكام في بلادنا له.

ومن قبيل هذه الأخبار التي تفرح الإنسان، وتغرس فيه الأمل، للمضي نحو الأفضل والوصول إلى ما وصلت إليه الدول المحترمة، ما سمعناه عن ترشح الرئيس التونسي، المنصف المرزوقي، ثانية لرئاسة بلاده، عندما قال مدير حملته الانتخابية إنه سيتم تمويل الحملة عن طريق مبيعات كتابه الجديد "ننتصر أو ننتصر.. من أجل الربيع العربي".

هذا الخبر يسعد كل حر في بلداننا، ويبين لك المستوى الثقافي لرئيس دولة عربية، بحيث يمكنه القراءة والكتابة وتأليف الكُتب، في وقت تعودنا على حكام لا يجيدون حتى قراءة ما كُتب لهم من الخطابات، ويتلعثمون عندما يقرأون الآيات القرآنية! والأمر الآخر هو عدم استغلال الرئيس التونسي السلطة لأجل مصالحه الشخصية، وعدم استعماله المنصب بشكل غير قانوني.

في ظل الأنظمة الحالية، أصبح عدم احترام المال العام والتعدي عليه مسألة عادية جداً وطبيعية. ولذلك، سنحتاج وقتاً كبيراً حتى يصبح المال العام مقدساً، ولا يجوز الاقتراب منه. وأمثال المرزوقي في وسعهم القيام بهذا التغيير نحو الأفضل، حتى نعود إلى القيم الصحيحة، ويكون في مقدورنا أن نفتخر بدولنا وحكوماتنا، بدل أن نضرب الأمثال دائماً بالحكومات الغربية، وعلينا جميعا إبراز هذه النماذج ومدحها والثناء عليها، ليعلم الحكام أن الشعوب تحب هكذا أفعال، لأنها تعبر عن احترام إرادتها.

avata
avata
شاهو القره داغي (العراق)
شاهو القره داغي (العراق)