دخلت المرحلة الثانية من العملية العسكرية للجيش الباكستاني ضدّ مسلّحي حركة "طالبان" ومقاتلين أجانب في إقليم شمال وزيرستان القبلي، يومها الثاني، بعد التمهيد لها بقصف جوّي متواصل على مواقع المسلّحين خلال الأسبوعين الماضيين.
والمرحلة الثانية من العملية عبارة عن هجوم برّي واسع ودخول قوات الجيش إلى أحياء وقرى مدينة ميرانشاه، والمناطق المجاورة لها، والتي تسيطر عليها "طالبان" منذ أعوام.
وأوضح المتحدث باسم الجيش الباكستاني الجنرال عاصم باجوا، أن قوّات الجيش اشتبكت فور دخولها إلى ميرانشاه ضد مسلّحي "طالبان"، الذين تحصّنوا داخل المنازل القبلية. وأدّت تلك الاشتباكات إلى مقتل 16 مسلّحاً على الأقل، وإصابة ثلاثة جنود بجروح. كما دمّرت قوات الجيش البرّية أنفاقاً عديدة ومعملاً للمتفجرات والقنابل. وأشار المتحدث إلى أنّ قوات الجيش المعزّزة بالدبابات والمدرّعات توجّهت نحو مناطق مختلفة في وزيرستان، وبدأت في تفتيش المنازل بهدف البحث عن مسلّحي "طالبان".
ورأى خبير الشؤون القبلية غازان خان، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ المرحلة الثانية من العملية هي المرحلة الأساسية، والأكثر خطورة، إذ يمكن لمسلّحي "طالبان" مواجهة جنود الجيش. غير أن المحلل الأمني، الجنرال المتقاعد عبد القيوم، توقع ألا تستغرق هذه المرحلة أكثر من أسابيع عدة، لأنّ القصف الجوّي قصم ظهر "طالبان"، ومهّد الطريق أمام القوات البرّية.
وكان مكتب العلاقات العامة للجيش الباكستاني قد بيّن في بيان له، أنّ المرحلة الأولى من عملية "ضرب العضب" (العضب هو اسم سيف للنبي محمد أهداه إياه سعد بن عبادة)، التي بدأت في 15 من شهر يونيو/حزيران، قد أدّت إلى مقتل أكثر من 370 من مسلّحي "طالبان"، بينهم قيادي مشهور في الحركة يدعى عمر، في مقابل مقتل نحو 17 جندياً. كما دمر الجيش أكثر من 61 من مخابئ المسلّحين، واعتقل نحو 19 مسلّحاً، بحسب الجيش الباكستاني.
وأكّدت مصادر أمنية بأنّ من بين المعتقلين قيادي في تنظيم "القاعدة"، اعتقل أثناء خروجه من مدينة ميرانشاه، لكن لم يُكشف عن هويته حتى الآن. وشملت المرحلة الأولى من العملية، التي استغرقت أسبوعين، قصفاً مكثفاً على القرى وأرياف إقليم وزيرستان القبلي، ما أجبر نحو نصف مليون من سكان وزيرستان، على النزوح إلى مناطق مختلفة في شمال غرب البلاد، وإلى بعض المناطق الحدودية في أفغانستان.
من جهة ثانية، قال المتحدث السابق باسم الجيش الباكستاني، الجنرال المتقاعد أطهر عباس: إن الجيش الباكستاني قرّر شنّ عملية عسكرية ضدّ "طالبان" في شمال وزيرستان قبل ثلاثة أعوام. غير أنّ قائد الجيش في ذلك الوقت الجنرال المتقاعد، برويز كياني، تردّد في الأمر، نتيجة ضغوط مارستها الولايات المتحدة لشنّ العملية. وأضاف عباس، أنّ تأجيل العملية ألحق أضراراً بالغة بباكستان، بحيث عزّزت حركة "طالبان" من قوتها خلال هذه الفترة، ونظمت صفوفها. ولفت أن العملية العسكرية التي أطلقها الجيش حالياً ضدّ "طالبان" في وزيرستان "ليست سهلة كما نراها".
في هذه الأثناء، اختطف مسلحون مجهولون قاضياً في المحكمة المحلية في منطقة بشين بإقليم بلوشستان، جنوبي غرب باكستان. وأكد نائب القاضي بشير بازي، بأن القاضي سكادستي كان في طريقه إلى منطقة زيارت، عندما تعرّض لكمين مسلّحين. وأكد بأن قوات الأمن الخاصة شنت حملة أمنية موسعة في المنطقة.
كما تشهد مدينة كراتشي جنوبي باكستان، في هذا الوقت، موجة جديدة من أعمال عنف، إذ لقي ستة أشخاص حتفهم في أحداث عنف متفرقة شهدتها المدينة خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية. وكان اثنان من بين القتلى من عناصر الشرطة قُتلاً في هجوم مسلّحين مجهولين في منطقة لاندي.
تجدر الإشارة إلى أنّ مدينة كراتشي، التي تعدّ العاصمة الاقتصادية لباكستان، تشهد تصاعداً في أعمال عنف بعد إطلاق الجيش الباكستاني عمليته ضدّ "طالبان" في 15 من شهر يونيو/حزيران الماضي.