المرأة في الأخبار: الصورة لا تزال سلبيّة

08 مارس 2019
24 بالمئة من التقارير الإخبارية فقط عن النساء(ياب آريينز/NurPhoto)
+ الخط -
لا يختلف وضع المرأة في الإعلام عن واقعها في المجتمع. فالقطاع الإعلامي نسخةٌ مصغّرة عن المجتمع، حيث الذكوريّة قاعدة أساسية تنطلق منها صورة التمييز الكبرى: لا تزال النساء سلعة جنسية وحلقة أضعف في تصوير الميديا لهنّ، فيما يسيطر الرجال على الموضوعات الإخباريّة، وهم مصادر الأخبار وصانعوها بنسبة تفوق النصف، بينما تعاني الصحافيات من نفس القيود لعملهنّ، التي تبدأ بالتحرش الجنسي والابتزاز ولا تنتهي بالسقف الزجاجي الذي يمنعهنّ من تبوّؤ مراكز قياديّة. وبالرغم من التقدّم الملحوظ الذي ساهمت فيه حملات إلكترونية كـ"مي تو"، التي رفعت سقف حريّة تعبير المرأة في الحديث عن المضايقات والتمييز، إلا أنّ الجوّ العام لا يزال يحمل صورةً سوداويّة.

تمييز... بالأرقام
تشكّل النساء 25 بالمئة فقط من صناعة الأخبار، فيما يشكّلن 50 بالمئة من المجتمع. يُساهم ذلك، بحسب منظمة "وان إيفرا" (المؤسسة العالمية للصحافيين والناشرين) بزيادة مخاطر تعزيز الانحياز الجندري، والصور النمطيّة على مستوى المجتمع، نظراً لدور الإعلام في التأثير على الجمهور وتشكيل الرأي العام.
وتُشير إحصائيات نشرتها منظّمة "وان إيفرا" في برنامجها "النساء في الأخبار"، تزامناً مع شهر المرأة هذا العام (مارس/آذار)، إلى أنّ هناك ثغرات في تصوير المرأة وتمثيلها لا في وسائل الإعلام التقليدية فحسب، بل أيضاً في وسائل الإعلام الرقمية. إذ تشكل النساء 24 بالمئة فقط من الأشخاص الذين تحكي الصحف والتلفزيونات والإذاعات والأخبار عبر الإنترنت عنهم، وهو رقمٌ لم يتبدّل طوال عقدين. وفي العالم العربي، وجدت دراسة عام 2009 أنّ 79 بالمئة من صور النساء في الإعلام العربي كانت سلبية.
والمرأة ليست مصدراً للأخبار بالنسبة لوسائل الإعلام عالمياً بعد، إذ تُمثل النساء 19 بالمئة فقط من مصادر الخبراء و23 بالمئة من المتحدثين الرسميين في المقالات الإخبارية. ومثّلت النساء 28 بالمئة فقط من شهود العيان المستخدمين في التقارير الإخبارية، وتم عرض تجاربهنّ الشخصية خلال 38 بالمئة فقط من التقارير في الصحف والإذاعة والتلفزيون. ولعلّ الفجوة الجندرية هي الأوسع في الأخبار المتعلقة بالسياسة والحكومات، حيث تكون النساء موضوع 16 بالمئة فقط من المقالات، بحسب المنظمة نفسها.

بالنسبة لعمل الصحافيات، لا تمثل النساء سوى ثلث الصحافيين المتفرغين عالمياً، بحسب مسح لـ 522 شركة أجري عام 2011. تقدّم النساء 41 بالمئة من الأخبار في الإذاعة، و57 بالمئة من نشرات الأخبار التلفزيونية. هذا بينما تركز ثلاث من أصل 10 قصص إخبارية في أميركا الشمالية على قضايا المساواة، فيما ينتج عدد أكبر من الرجال في الولايات المتحدة قصصاً عن الرياضة، والطقس، والجريمة والعدالة، فيما النساء يكتبن في كثير من الأحيان عن نمط الحياة، والصحة، وأخبار التعليم.
وتعاني الصحافيات من عنفٍ اقتصاديّ يُمارس عليهنّ، فيجني الرجال مبالغ أكبر لقاء نفس الأعمال، فيما يتم إقصاء صحافيات من تغطيات في مناطق النزاع لأنهنّ نساء، بينما تطلب بعض وسائل الإعلام من صحافياتها عدم الزواج أو الإنجاب. كما تواجه الصحافيات سقفاً زجاجياً يمنعهنّ من الوصول إلى غرف التحرير، أو مراكز القيادة في وسائل الإعلام، فيُهيمن الرجال على مناصب إدارة التحرير في أغلب وسائل الإعلام.


عيدهنّ في السجون
تُعدّ الانتهاكات التي تمارسها الأنظمة القمعية على الصحافيين الرجال، أكبر من تلك على الصحافيات النساء، نظراً إلى تباين التمثيل الجندري في القطاع أيضاً. إلا أنّ 27 صحافية يقبعنَ خلف القضبان في مختلف أنحاء العالم، بعضهنّ "في ظروف لا إنسانية إذ يتعرضن لشتى أنواع التعذيب والتحرش الجنسي"، بحسب منظمة "مراسلون بلا حدود".
يتم استهداف الصحافيات بسبب مقالاتهن أو تدويناتهن على منصات التواصل الاجتماعي، وهنّ غالباً ما يُحاكَمن بتهم غامضة وغير مثبتة، من قبيل "الدعاية والانتماء إلى جماعة إرهابية"، أو "اتصالات مشبوهة مع جهات أجنبية"، وهي تهم خطيرة تُعدّ السبيل الوحيد لتبرير إنزال أحكام قاسية تقضي بالزج بهنّ في السجن لمدة طويلة.
وتقول "مراسلون بلا حدود"، في تقرير أصدرته لمناسبة يوم المرأة العالمي، إنه "بقدر ما تتزايد أعداد النساء اللائي يمتهنَّ الصحافة، تتزايد معاناتهن أمام وتيرة القمع الذي تمارسه ضدهن الأنظمة الاستبدادية. فمن بين الصحافيين المحتجزين البالغ عددهم 334 بحلول نهاية فبراير/ شباط 2019، توجد 27 صحافية خلف القضبان، أي إن النساء يشكلنَ ما يعادل 8 بالمئة من الصحافيين في السجون، بينما كانت الحصيلة لا تتجاوز 3 بالمئة قبل خمس سنوات".
تتركز عمليات احتجاز الصحافيات في تسعة بلدان، بحسب المنظمة، إذ تتقاسم إيران والصين صدارة "الترتيب الباعث على العار"، برصيد 7 معتقلات في كل من هاتين الدولتين. ثم تأتي بعدهما تركيا، حيث لا تزال 4 صحافيات قيد الاحتجاز، بينما تقبع 3 صحافيات في سجون السعودية حتى الآن، مقابل 2 في فيتنام وواحدة في كلّ من مصر والبحرين وسورية ونيكاراغوا.



المساهمون