المحكمة العليا الأميركية تكمل الحصار على ترامب

10 يوليو 2020
صدم قرار المحكمة العليا المحسوبة على "الجمهوريين" الرئيس (Getty)
+ الخط -

آخر ما كان يحتاجه الرئيس الأميركي دونالد ترامب في هذه اللحظة، قبل 117 يوماً من الاستحقاق الانتخابي، هو قرار قضائي لغير مصلحته من المحكمة الفيدرالية العليا، المرجعية والسلطة القضائية الأعلى، والتي تحظى بمصداقية واسعة، على الرغم من أن السياسة تلعب دورها في تعيينات قضاتها التسعة. والمؤذي أكثر للرئيس، أن تركيبة المحكمة الحالية تحظى بثقة كبيرة لدى قاعدته، باعتبار أن قضاتها بغالبيتهم - خمسة - محسوبون على خندق اليمين الجمهوري، كما أن اثنين منهم عيّنهما الرئيس ترامب نفسه. مع ذلك، صوّت الاثنان مع خمسة آخرين ضد الرئيس في دعويين فائقتي الحساسية والأهمية بالنسبة إليه، وإن جاءت كلتاهما أقرب إلى المطالعة منها إلى الحكم الناجز المتوجب التنفيذ الفوري، ذلك أنها مطالعة ملزمة إجمالاً للمحاكم الدنيا التي ستتكفل البتّ بشأنها. وخسارة ترامب في الدعويين لا يُعتقد أنها قد تنجو من المضاعفات السياسية الانتخابية، حتى ولو تأخر صدور الأحكام النهائية بخصوصها إلى ما بعد الانتخابات في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

المألوف المتعارف عليه، أن يكشف المرشح الرئاسي عن سجلاته المالية والضريبية كشهادة على التزامه بالقوانين والنظافة المالية. الرئيس ترامب وعد خلال حملته في 2016، بتقديم هذه البيانات "فور انتهاء المحاسبين من إعدادها". مرّت السنوات من دون الحصول عليها، فتحرّك خصوم الرئيس الديمقراطيون في مجلس النواب لفتح تحقيق بالموضوع. امتنع البيت الأبيض عن التجاوب، فأخذت القضية طريقها إلى القضاء.

يعاني الرئيس من التآكل في رصيد حملته الانتخابية، وفق ما تُجمع عليه استطلاعات الرأي

بموازاة ذلك، تحرّكت النيابة العامة الفيدرالية في نيويورك بطلب مماثل للحصول على هذه السجلات، وذلك في سياق دعاوى متعلقة بمتعاونين سابقين مع الرئيس. في الحالتين، زعم الرئيس أنه يتمتع بحصانة تقيه المساءلة طالما أنه في سدة الرئاسة. تمّ رفع الخلاف في الحالتين إلى القضاء الفيدرالي. خسر البيت الأبيض الجولة بالدرجتين: الأولى والاستئناف، فرفع الأمر إلى المحكمة العليا. الخميس، حسمت هذه الأخيرة على غير ما تمناه الرئيس. قضت بتلبية طلب المدعي العام في نيويورك وتزويده بالبيانات المالية والضريبية الماضية للرئيس، كما بإحالة طلب مجلس النواب إلى المحاكم العادية للبتّ به على أرضية أن "لا أحد فوق القانون حتى الرئيس".

ومع أنه في الحالتين لا يتوقع المراقبون أن تنتهي الإجراءات القانونية الحاسمة قبل يوم الانتخاب، إلا أن حيثيات المحكمة العليا التي فاجأت و"صدمت الرئيس"، عززت علامات الاستفهام وزادت الشكوك بما يضرّ في حملته الانتخابية التي تعاني أصلاً من التآكل في رصيده، وفق ما تُجمع عليه استطلاعات الرأي.

وكان يمكن لمثل هذه الخلاصة التي انتهت إليها المحكمة العليا، والتي عبّر الرئيس عن خيبته من موقف المحافظين فيها، أن تكون أقل وطأة لو جاءت في ظرف وتوقيت مختلفين. ففي الوقت الراهن، كانت تكفي ترامب خسائر كورونا التي ترهق رئاسته مع مضاعفات فشل إدارته في إدارة أزمة الجائحة. لوحدها تسببت له بإرباك، كما بهبوط في أسهمه، خصوصاً في صفوف المستقلين. وهذا معطوف على التداعيات الاقتصادية للوباء، والمتوقعة أن تتواصل طالما بقي أثر للفيروس الذي تعاظم شأنه في الفترة الأخيرة، ووضع عقبات في طريقه لتجديد رئاسته. يضاف إلى ذلك ما صدر أخيراً من كتب محشوة بمعلومات محرجة له، وأحياناً فاضحة لرئاسته، مثل كتاب مستشاره السابق لشؤون الأمن القومي جون بولتون الذي كان موضوع تداول واسع في الآونة الأخيرة، وكذلك كتاب ابنة شقيقه، ماري ترامب، والمتوقع أن يتصدّر رفوف المكتبات بعد أيام، والذي تضمّن، حسب القراءات الأولية، معلومات وتفاصيل في غاية الإحراج لو صحّت. ومن مؤشرات سلبية الكتاب للرئيس، أن البيت الأبيض لجأ إلى القضاء لمنع صدوره وتوزيعه، لكن من غير جدوى.

كلّ ذلك مع بعضه، والذي تكلل اليوم بقرارات المحكمة العليا، يؤشر إلى الحواجز العالية العديدة في طريق حملة الرئيس، وبالتالي إلى مدى الشراسة المتوقعة للمعركة إن بقيت في طريقها الحالي.

المساهمون