المالكي والفرص الضائعة
كثيرة الفرص التي ضيعتها الحكومة العراقية، في ظل رئاسة نوري المالكي. بل على طول فترة توليه السلطة، كان يضيع الفرص، بإصراره على تفرده الأوحد بالقرار، وإحكامه على مفاصل الدولة من دون الاستماع إلى أحد، وهذا جعله يوغل في ديكتاتوريته المغلفة بالديموقراطية الزائفة، المستوردة بطائرات الاحتلال الأميركي.
منذ خروج التظاهرات الخجولة في ساحة التحرير، والمطالبة بإصلاح النهج الحكومي، والقضاء على الفساد وتوفير الخدمات، وجميعها مطالب مدنية، رفعتها مختلف أطياف الشعب العراقي، والمالكي يتصرف بطريقة عسكرية متخلفة، والتهمة كانت معدة سلفاً، تحت عنوان الإخلال بالأمن العام. بدأت موجات التخوين والعمالة تنهال على المحتجين، حتى أُخمدت شرارة هذه الهبة، وذهب بريقها وأُجهضت في مهدها، وبهذا ضيّع المالكي على نفسه فرصة تعديل المسار، والخروج بمظهر الحريص على حقوق الشعب المهدورة.
عند خروج التظاهرات في محافظات غربي العراق، قبل أكثر من سنتين، انبرى المالكي للتصدي لها بالأسلوب المقيت نفسه، واصفاً حراك الشارع بأنه مجرد فقاعة، ومدفوع الثمن، وتقف خلفه جهات إقليمية، تريد ضرب العملية الديمقراطية في العراق. تعدى ذلك ليتّهم المحتجين، ويصفهم بأنهم مجرد حفنة عملاء، وضيّع فرصة التئام جروح العراق مرة أخرى.
لو أنه استجاب لعُشر تلك المطالب، لما وصل حال العراق إلى ما نراه، اليوم، من أزمة خانقة، سياسياً وأمنياً واقتصادياً. فإلى متى سنبقى نعيش في دوامة الانتقام، أليس من حقنا أن نكون متآلفين، يحترم بعضنا الآخر، مهما بلغ اختلاف الرأي، وإلى متى تبقى أغلال الماضي تكبلنا، وتحجزنا عن معالجة أزماتنا؟.