الماء: شحّ الموارد الطبيعية يهدد مستقبل المواطن العربي

20 ابريل 2015
شح الموارد المائية مصدر قلق كبير للدول العربية(العربي الجديد)
+ الخط -
مستقبل المياه في العالم العربي مخيف. فقد توقعت التقارير الدولية، انخفاض الموارد الطبيعية لـ "أصل الحياة" إلى 11 ضعفاً من المتوسط العالمي بحلول عام 2050 في المنطقة العربية. ويعتبر هذا الرقم مصدر قلق، إذا أخذ بعين الاعتبار الاعتماد الكبير للعديد من الدول العربية على القطاع الزراعي في التنمية، واستحضار حجم الفجوة الغذائية التي يعانيها العالم العربي اليوم، والتي قدرها أمين عام المنظمة العربية للإنماء والاستثمار الزراعي محمد المزروعي، في حوار سابق مع "العربي الجديد" بـ 40 مليار دولار. رقم يمكن أن يتضاعف مع تقلص الموارد المائية، والتي تعتبر الطبيعية منها أهم عنصر للحصول على مواسم زراعية مثمرة.

تدبير ندرة المياه
وقال مدير ديوان الوزيرة المغربية المكلفة بالماء عزوز صنهاجي، في تصريح إلى "العربي الجديد"، إن الدول العربية تعرف ما يصطلح عليه بـ "تدبير ندرة المياه وليس تدبير الفائض". وأشار المتحدث ذاته، إلى أن الدراسات الأخيرة في ما يخص مستقبل موارد المائية في العالم تتوقع أن يكون ثلثا مناطق العالم من دون مياه ابتداء من سنة 2030.


ويرى عزوز صنهاحي أن من بين مشاكل الدول العربية في ما يخص تدبير مجال المياه، هو ضياع نسبة مهمة من مياه الأمطار، والتي يذهب معظمها نحو البحر.

وشدد مدير ديوان الوزيرة المكلفة بالماء على أن الخيارات أمام الدول العربية لمواجهة مستقبل شح المياه في المنطقة، تكمن في تقوية مجال معالجة المياه العادمة، وتعميم تقنيات تحلية مياه البحار، وترشيد استغلال الموارد المائية، عبر التخلي عن الطرق التقليدية التي تستنفد كميات وفيرة من المياه.

وقدم المتحدث ذاته تجربة المغرب في مجال تدبير المياه، فقد قال "إن الرؤية الاستراتيجية للملك الراحل الحسن الثاني، منحت المغرب مكانة متقدمة في مجال بناء السدود، ويتوفر اليوم على 139 سدا كبيرا وعلى عدد كبير من السدود المتوسطة والصغيرة. وعن إمكانية تعميم هذه التجربة، أوضح صنهاجي، أن المشكل يكمن في عدم توفر جميع الدول العربية على التضاريس الجغرافية المناسبة لبناء السدود، وذلك ما يفرض من وجهة نظره، اعتماد الخيارات الثلاثة التي ذكرها سلفا.

وأبرز عزوز الصنهاجي أن التعاون العربي كفيل بمواجهة الأزمة، وذكر من بين أوجه هذا التعاون، بروتوكولا وقعه المغرب مؤخراً مع المملكة العربية السعودية، حيث ستستفيد هذه الأخيرة من خبرة المغرب في مجال السدود، ويستفيد هو من خبرتها في مجال تحلية مياه البحر.

نقص المياه يساوي الجوع

وحذرت "منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة" في تقرير صدر نهاية العام الماضي، من تراجع نصيب الفرد في العالم العربي إلى ما دون 500 متر مكعب سنويا فقط، أي أقل من نصف المعدل العالمي الذي يقدر بـ1200 متر مكعب سنوياً.

ولفتت منظمة "الفاو" الانتباه إلى ضرورة اقتناع الدول العربية بأن أكبر تحد وخطر يواجهها هو تأثير شح المياه العذبة على حياة المواطنين. التحذير ذاته عبر عنه بحث لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، أشار فيه إلى انخفاض نسبة سقوط الأمطار في مجمع الدول العربية بنسبة 25% بداية القرن الحالي، وأورد البرنامج في بحثه أن 1% فقط من مجمل المياه النقية في العالم تتوفر عليها الدول العربية. ولربط هذه المتغيرات في مصادر المياه العربية وعلاقتها بالتنمية ومواجهة الفقر، قالت رئيسة الخبراء الاقتصاديين المعنيين بتغير المناخ في البنك الدولي في تصريحات صحافية سابقة "إن تغير المناخ وشح مصادر المياه يمثلان تهديداً مباشراً وفورياً على الجهود المبذولة لتخفيف حدة الفقر".

من جهته، لخص الخبير الاقتصادي التونسي مراد الحطاب مستقبل الموارد المائية في العالم العربي بالقول "إن دولنا ستواجه في المدى المتوسط خطر فقدان استقلاليتها المائية بشكل كامل".


وأضاف الخبير المتخصص في المخاطر الاقتصادية خلال حديثه مع "العربي الجديد"، أن شح الوارد المائية في العالم العربي مرتبط أساساً بعدم وجود تدبير عقلاني، وغياب التعامل الصحي مع مياه الصرف الصحي، والاستمرار في اعتماد أساليب تقليدية في الري.

وقدم الخبير مراد الحطاب مجموعة من الأرقام التي تتحدث عن الأزمة المائية العربية، وتأثيرها على المواطنين، حيث ذكر أن 65% من المناطق العربية تعيش على التبعية المائية لدول أخرى، ونسبة بناء السدود في منطقة شمال أفريقيا لا تتجاوز سدا واحدا كل 15 عاما، وأن كل 100 ألف نسمة توفر لها محطة معالجة واحدة وفي مناطق أخرى تنعدم فيها بشكل تام.

وقال الحطاب إن بعض الدول عادت إلى عصور بحث المواطنين عن المياه بمصادرهم الخاصة، ومن بينها ليبيا التي انهارت بنيتها المائية، واليمن عطلت فيها الحرب مصادر مياه الشرب.

وشدد الحطاب على أن شح المياه يعني أزمة في التغذية، وارتفاعاً في معدلات الفقر، وذكر بهذا الصدد، أن العالم العربي اليوم يعرف وجود 5% من الجياع، و19% من مواطنيه يجدون صعوبات في الحصول على الطعام.

أرقام
%85: استهلك الري الزراعي في العالم العربي 85% من الموارد المائية المختلفة خاصة المياه الجوفية، فيما يبلغ المتوسط العالمي ما يقارب 70%.

13: تعاني 19 دولة حول العالم من ندرة مصادر المياه، ويوجد من بينها 13 دولة عربية؛ وأغلبها يعتمد بشكل كبير على التساقطات المطرية لري المزروعات.

إقرأ أيضا: المساعدات الإنمائيّة إلى الأردن: نهضة أم انتكاسة اقتصاديّة