من بين آهاتها المكتومة ودموعها، تخرج كلمات الأم المكلومة، إنها لا تصدق، حتى اللحظة، الحكم الذي سمعته أمس الأول، بالحكم على ابنتها وابنها أماني وأمير حسن عبده، بالسجن المؤبد.
لا يختلف الحال كثيراً لدى شقيقة محكومتين أخريين، هما هند ورشا منير، التي كان وقع الحكم عليها كالصاعقة. أماني وشقيقها، ورشا وشقيقتها، جميعهم حكم عليهم بالسجن المؤبد أمس الأول الأربعاء، من قبل محكمة جنايات القاهرة في القضية المعروفة إعلاميا بأحداث "مسجد الفتح" في وسط القاهرة، والتي وقعت في 16 أغسطس /آب من العام الماضي.
"حيازة أسلحة وذخائر من دون ترخيص، وخرق حظر التجوال، واستخدام الأسلحة لاستعراض القوة" هي التهم الموجّهة للنساء الثلاث وأمير حسن، ولكل من المتهمين قصة حزينة.
أماني حسن، التي تم إخلاء سبيلها على ذمة القضية في فبراير/شباط الماضي بناء على حالتها الصحية السيئة، إذ أصيبت بشلل كامل جراء التعذيب خلال فترة اعتقالها داخل السجن، أما رشا فقد لاقى زوجها ربه، خلال وقوفه في طابور الانتظار لزيارة زوجته المعتقلة.
والدة أماني لم تخبرها بعد بالحكم الصادر ضدها، خشية أن يؤثر ذلك على حالتها الصحية، إذ أنها تمكث حالياً في البيت لتلقي العلاج، تقول لـ"العربي الجديد": "كان أملي أن يصدر حكم مخفف، لكنني صدمت بحكم السجن المؤبد، ولم أستطع أن أبلغ أماني بالحكم، فأخبرتها أنه حكم عليها بالحبس خمس سنوات".
وتواصل حديثها باكية: "هذا ظلم، فكيف يحصل صاحب السيارة التي كانت تقل أبنائي ورشا وهند على البراءة رغم أنه هارب، ولم يحضر أي جلسة؛ خاصة أن الشرطة تؤكد أنها وجدت في السيارة أسلحة، بينما يحكم على أبنائي بالمؤبد، وهم كانوا مجرد ركاب في سيارته؟ الدولة تقوم بالإرهاب ثم تزعم أننا إرهابيون" على حد قولها.
بينما تقول شقيقة هند ورشا لـ"العربي الجديد"، "فوجئنا بالحكم، وفي الحقيقة لا أدري كيف أصدره القضاة، ولكن نحن نعلم كيف هو حال قضائنا"، ووصفت الحكم بـ"الكارثة"، متابعة "أول مرة يصدر مثل هذا الحكم بحق نساء في مصر، حتى النقض، قال لنا بعض المحامين إننا من الوارد أن ننتظره لمدة عام أو أكثر".
المشكلة كما تراها شقيقة المعتقلتين "أن القضاء يصدر أحكاما سياسية، تأتي له من السلطة"، وتساءلت "كيف يحصل سائق السيارة التي كانت تقل رشا وهند وأماني على حكم بالبراءة، ويتم تلفيق عدة تهم لشقيقاتي بحيازة أسلحة؟".
تنتظر شقيقة هند ورشا النقض على الحكم، ورغم حزنها على اعتقال شقيقتيها طوال تلك الفترة، وما يزيد من الوجع والألم هو أطفال أختيها، تقول: "طفلتا رشا هما بسملة (6 سنوات)، وملك (7 سنوات)، وأطفال هند، هم يوسف (8 سنوات)، وتقى (9 سنوات)، وفاطمة (5 سنوات)، جميعهم يعيشون مع أمي التي يزيد عمرها على 62 عاما، فهل ستستطيع أن تتحمّل بمفردها تربيتهم طوال 25 عاما أخرى؟ الانقلاب الذي يُصدر مثل هذا الحكم ضعيف، ويعلم أنه زائل" على حد تعبيرها.
وفي السياق ذاته، أدان التحالف الثوري لنساء مصر في بيان له الخميس، الحكم، وقال البيان: "الحكم الجائر والظالم الذي صدر اليوم بالمؤبد على ثلاث من نساء مصر وفتياتها، هو وإن كان يبدو حكما قضائيا إلا أنه لا يعبر إلا عما وصلت إليه مصر الآن من غياب العدالة والافتقاد التام لدولة القانون، وفي المقابل سيادة شريعة الغاب والانتقام وتصفية الحسابات".
وأضاف التحالف "أن القاضي الذي أصدر هذا الحكم، وغيره ممن أصدروا مثل تلك الأحكام خاصة على حرائر مصر، هم الآن مجرمون آثمون سيأتي يوم قريب ويتم وضعهم في مكانهم الطبيعي خلف قضبان السجون التي يرمون فيها الأبرياء نساء ورجالا وأطفالا".