27 سبتمبر 2018
اللف والدوران الروسي
تريد روسيا فرض منظورها في سورية، حيث ما زالت مصممةً على بقاء بشار الأسد. لكن هل يشكّل بقاء الأسد حلاً؟ هذا ما لا يجيب الروس عليه، ولا أظن أنهم يفكرون به، لأن العنجهية التي تتحكم بهم تمنعهم من طرح هذا السؤال. يظنون أنهم قادرون على فرض الحلّ الذي يريدون، لأنهم "قوة عظمى"، وربما "أعظم من عظمى"، في عالمٍ اعتقدت أنها قادرة على أن تحكمه.
أولاً، لم يعد لدى النظام جيش، فقد تلاشى الجيش العربي السوري في خضم الصراع. لقد انشق أكثر من خمسين أو ستين ألفاً، بعد أن حسموا أمرهم أنهم مع الثورة. وقد عانى الجيش من فرار أكثر من مائتي ألف، لأنهم لا يريدون خوض الحرب ضد شعبهم، ولا يريدون قتل الشعب. وقتل ما يقارب المائة ألف جندي وضابط، وهم يقاتلون الشعب. لهذا، لم يبقَ سوى أقل من مائة ألف جندي وضابط (وربما العدد هو 70 ألفاً)، وكان بشار الأسد قد قال، صيف سنة 2015، أن حجم الجيش هو 130 ألف ضابط وجندي. وقد تكسرت "البنية الصلبة" التي اعتمد عليها النظام، منذ بدء الحرب على الثورة، أي الحرس الجمهوري والفرقة الرابعة، كما أن الشباب بات يهرب من الجندية الإلزامية، حتى وإنْ اقتضى ذلك الهروب خارج سورية.
ثانياً، فرضت سياسة القتل والتدمير هجرة ربع السكان تقريباً إلى خارج سورية، إضافة إلى تهجير أكثر من نصف السكان خارج مدنهم وبلداتهم وقراهم. وقتل أكثر من نصف مليون شخص، نتيجة الوحشية التي مورست. إضافة إلى من قتلوا في السجون، وهم عشرات الآلاف كذلك. وهم في الغالب من فئة الشباب.
ثالثاً، بالتالي، وفي ظل وجود بشار الأسد ومجموعته، ليس من الممكن بناء جيش يكون "حامي" النظام، حيث لن يثق من انشق أو فرّ من الجيش أو من الجندية، أو حتى اللاجئين الذين غادروا، بأن في وسعهم العودة إلى سورية. وبهذا، لن يستطيع النظام بناء جيش جديد، وهو يعتمد الآن على شبيحة (هم عماد الفرقة الرابعة وغيرها) أو على قوات حزب الله والحشد الشعبي العراقي والحرس الثوري الإيراني والمرتزقة الأفغان في فيلق زينبيون. وحتى كل هذه القوى لم تستطع منع سقوط النظام، ما حدا بروسيا إلى أن تتدخل لمنع ذلك. ولا شك في أن كل المعارك تخاض بقوى حزب الله وإيران، وبتغطية جوية روسية.
السؤال الجوهري هنا: كيف يمكن لروسيا أن تبقي بشار الأسد؟
بالتأكيد هي بحاجة إلى قوات على الأرض، وليس إلى الطيران والقصف الجوي فقط. هذا ما تقوم به أذرعة إيران الآن، لكن ذلك يعني أن على روسيا أن تقبل بمصالح إيران في سورية، وأن تخلّ باتفاقها مع الدولة الصهيونية التي تريد إبعاد إيران وإنهاء حزب الله. والمصالح هنا جوهرية، حيث تريد إيران مشاريع و"خط نفط وغاز" عبر سورية، وهو ما يتنافى مع المصلحة الروسية التي تريد التحكم بخطوط النفط والغاز. لهذا، بدأت إشارات روسية لحزب الله تطلب انسحابه من سورية، وتسمح بقصف الطيران الصهيوني له في سورية.
إذن، البديل هو قوات روسية، وهو ما بدأ منذ السيطرة على قاعدة حميميم، والمشاركة في معارك عديدة، ومن ثم إرسال "الشرطة العسكرية" إلى حلب، والقلمون. لكن ذلك سيقود حتماً مع زيادة القوات الروسية إلى تعرضها لحرب عصاباتٍ، هي ليست قادرة عليها، وسوف تقودها إلى أفغانستان جديدة. لكن العنجهية لا تسمح لها بأن تقبل "الحلّ الأسهل"، حيث ستكون دولة محتلة، برضى حتى أطراف عديدة في المعارضة. الحلّ الذي يبدأ باستبعاد بشار الأسد ومجموعته من أي حل سياسي، وتطبيق "جنيف1" الذي هو حلّ أمثل لها هي بالتحديد. حيث تعترف كل الأطراف الإقليمية والدولية بأنه يُطبق تحت إشرافها.
على كلٍّ، ربما يفيدنا الغباء الروسي.
أولاً، لم يعد لدى النظام جيش، فقد تلاشى الجيش العربي السوري في خضم الصراع. لقد انشق أكثر من خمسين أو ستين ألفاً، بعد أن حسموا أمرهم أنهم مع الثورة. وقد عانى الجيش من فرار أكثر من مائتي ألف، لأنهم لا يريدون خوض الحرب ضد شعبهم، ولا يريدون قتل الشعب. وقتل ما يقارب المائة ألف جندي وضابط، وهم يقاتلون الشعب. لهذا، لم يبقَ سوى أقل من مائة ألف جندي وضابط (وربما العدد هو 70 ألفاً)، وكان بشار الأسد قد قال، صيف سنة 2015، أن حجم الجيش هو 130 ألف ضابط وجندي. وقد تكسرت "البنية الصلبة" التي اعتمد عليها النظام، منذ بدء الحرب على الثورة، أي الحرس الجمهوري والفرقة الرابعة، كما أن الشباب بات يهرب من الجندية الإلزامية، حتى وإنْ اقتضى ذلك الهروب خارج سورية.
ثانياً، فرضت سياسة القتل والتدمير هجرة ربع السكان تقريباً إلى خارج سورية، إضافة إلى تهجير أكثر من نصف السكان خارج مدنهم وبلداتهم وقراهم. وقتل أكثر من نصف مليون شخص، نتيجة الوحشية التي مورست. إضافة إلى من قتلوا في السجون، وهم عشرات الآلاف كذلك. وهم في الغالب من فئة الشباب.
ثالثاً، بالتالي، وفي ظل وجود بشار الأسد ومجموعته، ليس من الممكن بناء جيش يكون "حامي" النظام، حيث لن يثق من انشق أو فرّ من الجيش أو من الجندية، أو حتى اللاجئين الذين غادروا، بأن في وسعهم العودة إلى سورية. وبهذا، لن يستطيع النظام بناء جيش جديد، وهو يعتمد الآن على شبيحة (هم عماد الفرقة الرابعة وغيرها) أو على قوات حزب الله والحشد الشعبي العراقي والحرس الثوري الإيراني والمرتزقة الأفغان في فيلق زينبيون. وحتى كل هذه القوى لم تستطع منع سقوط النظام، ما حدا بروسيا إلى أن تتدخل لمنع ذلك. ولا شك في أن كل المعارك تخاض بقوى حزب الله وإيران، وبتغطية جوية روسية.
السؤال الجوهري هنا: كيف يمكن لروسيا أن تبقي بشار الأسد؟
بالتأكيد هي بحاجة إلى قوات على الأرض، وليس إلى الطيران والقصف الجوي فقط. هذا ما تقوم به أذرعة إيران الآن، لكن ذلك يعني أن على روسيا أن تقبل بمصالح إيران في سورية، وأن تخلّ باتفاقها مع الدولة الصهيونية التي تريد إبعاد إيران وإنهاء حزب الله. والمصالح هنا جوهرية، حيث تريد إيران مشاريع و"خط نفط وغاز" عبر سورية، وهو ما يتنافى مع المصلحة الروسية التي تريد التحكم بخطوط النفط والغاز. لهذا، بدأت إشارات روسية لحزب الله تطلب انسحابه من سورية، وتسمح بقصف الطيران الصهيوني له في سورية.
إذن، البديل هو قوات روسية، وهو ما بدأ منذ السيطرة على قاعدة حميميم، والمشاركة في معارك عديدة، ومن ثم إرسال "الشرطة العسكرية" إلى حلب، والقلمون. لكن ذلك سيقود حتماً مع زيادة القوات الروسية إلى تعرضها لحرب عصاباتٍ، هي ليست قادرة عليها، وسوف تقودها إلى أفغانستان جديدة. لكن العنجهية لا تسمح لها بأن تقبل "الحلّ الأسهل"، حيث ستكون دولة محتلة، برضى حتى أطراف عديدة في المعارضة. الحلّ الذي يبدأ باستبعاد بشار الأسد ومجموعته من أي حل سياسي، وتطبيق "جنيف1" الذي هو حلّ أمثل لها هي بالتحديد. حيث تعترف كل الأطراف الإقليمية والدولية بأنه يُطبق تحت إشرافها.
على كلٍّ، ربما يفيدنا الغباء الروسي.