اللغة والأيديولوجيا: صراع الثقافات بين التلاميذ

12 فبراير 2015
اللغة العربية في المدارس (Getty)
+ الخط -
لا أثر للغة العربية بين منطقتي "بليس" و"قريطم" حيث الجامعتان الأميركيتان التي يتخرج منهما آلاف الطلاب من كل المجالات كل سنة. هاتان الجامعتان ذاتهما، أصبحتا تعطيان حصّة إجبارية في اللغة العربية (للمبتدئين). لأناس ولدوا، عاشوا، وما زالوا يسكنون ضمن حدود الدولة اللبنانية، لكنهم يدرسون العربية، وكأنهم يتعرفون على إحدى الحضارات القديمة المنقرضة.

الملاحظ أيضاً، أنّ معظم الذين يستعملون اللغة العربية كوسيلة تواصل أو نقد أو تعاطٍ في الشؤون الجامعية، سياسياً، اجتماعياً، وتوعية علمية، هم اليساريون أو الشيوعيون أو العلمانيون. ويظهر ذلك، من خلال الأذواق الموسيقية المنتشرة بين هؤلاء الذين وفي معظمهم، من هواة الطرب والموسيقى الشرقية، أو من محبي الفرق الشبابية العربية التي تهوى الخليط بين الروك البديل والدخول الشرقي في اللحن والكلمة. كما أنّ معظم المستقلين سياسياً في الجامعات اللبنانية، أو اليساريين، يأتون من ثقافةٍ تجمع موسيقى زياد الرحباني، وخالد الهبر، والأناشيد الثورية التي كتبها ولحنها الشيخ إمام، وغيره من الفنانين العرب الذين تعرضوا للمضايقات والاعتقالات بسبب كلمتهم الحرّة.

في المظاهرات الطلابية اللبنانية، تُنشد الأغاني الأكثر إلقاءً، مثل "شيّد قصورك عالمزارع" للمغني والفنان المصري الشيخ إمام، وهي الأغنية ذاتها التي أوصلته والشاعر الراحل أحمد فؤاد نجم إلى الاعتقال السياسي بسبب تعاونهما لإصدار أغانٍ ثورية تقوم بتوعية الشعب المصري بمواجهة الحكم الديكتاتوري.

من جهة أخرى، شباب يعتبرون أنّ اللغة العربية ليست أوليّة لديهم. عاصم تلميذ أدب إنكليزي في الجامعة اللبنانية الأميركية يقول: "حاول والداي أن ينمّيا لديّ الثقافة العربية، وقد ترعرعت بين الكتب العربية، ولكن في المقابل، هناك قناة Cartoon Network، أو برامج مثل Looney Toons، و Tom And Jerry، هذه البرامج كانت تؤثر بشكلٍ كبير على ثقافتي في اللغة الإنكليزية".

الكثير من الطلاب الذين يحملون ثقافتهم الإنكليزية كأولية قبل اللغة العربية، لا يجدون أنفسهم مزعوجين حين يرون أن الطلاب الآخرين الذين يرافقونهم خلال دراستهم الجامعية من الذين يهوون أم كلثوم والشيخ إمام. يضيف عاصم: "عندما نكون في أحد المقاهي أو نتسكع في الشوارع، العديد من الرفاق يضعون أغانيَ لسيد درويش أو زياد الرحباني، وأنا لا أنزعج، بل على العكس أفرح بالتعدد الثقافي في مكانٍ واحد، لكنني أشعر أن عليَّ مغادرة المكان بعد أقل من ساعة لأعود إلى منطقة راحتي الثقافية".

بين فيروز وبيلي هوليداي، ثمة شباب من الذين يحبذون المزج الثقافي في موسيقاهم وثقافتهم، وبذلك يمكننا أن نستنتج أن كثيرين يحبون كلمات فيروز وموسيقى بيلي هوليداي أو العكس. ونسأل، هل الثقافة العربية في لبنان تفشل حين تُمزج أو تتطور مع الأذواق الجديدة في الفن الشبابي؟
دلالات
المساهمون