اللبنانيات والسياسة

19 سبتمبر 2014
الذكورية تحدّ من مشاركة المرأة بالحياة السياسية (بلال جاويش/الاناضول)
+ الخط -
نراقب دورة انتخابية بعد أخرى، ونقيّم مشاركة النساء في الحياة السياسية. تنخفض هذه النسب في الانتخابات النيابية اللبنانية، فقد بلغت عام 2005 نسبة 4.6% (6 مقاعد من أصل 128)، في حين بلغت عام 2009 نسبة 3.13% (4 مقاعد). يتحسّن الوضع على المستوى البلدي بعدما بلغت النسبة 2.02% عام 2004، ووصلت عام 2010 إلى 4.7%.
في الواقع، لا دلالة حقيقية لهذه الأرقام في ظل النظام السياسي السائد. فلو افترضنا جدلاً ارتفاع نسبة مشاركة النساء الحالية على قاعدة المناصفة في ظل هذا النظام، فهل يؤدي ذلك بصورة تلقائية إلى تحسين أوضاع ومكانة النساء في المجتمع؟ الجواب بسيط. قطعاً لا! وعليه، لا دلالة لارتفاع أو انخفاض النسب الحالية في قياس مؤشر التمكين السياسي للنساء. فلماذا إذاً المطالبة بالكوتا النسائية؟
الكوتا النسائية هي أحد الإجراءات الإيجابية المعتمدة في محاولة لرأب الهوّة بين النساء والرجال في المشاركة السياسية. قد لا تأتي الكوتا في أولى دورات اعتمادها، ربما، بمشاركة سياسية نسائية نوعية. لكن مشروع الكوتا ينطوي على بُعد نفسي ـ اجتماعي لاواعي طويل الأمد قد يساهم بتغيير الصورة النمطية للنساء ولأدوارهن التقليدية.
قد تكون مشاهدة النساء بأعداد معينة في مواقع صنع القرار وبصورة مستمرة كافياً لكسر هذه الصور النمطية. لكن ما هو سبب ضعف مشاركة النساء في الحياة السياسية في بلد منح النساء الحق بالترشح والانتخاب قبل 19 عاماً من قيام سويسرا بتكريس هذا الحق عام 1971؟ هو أولاً النظام السياسي ـ الطائفي الأبوي، الذي يكرس الزبائنية لدى كل من النساء والرجال ما يجعلهم ضحايا مشتركين، وإن كانت النساء في ظل هذا النظام البطريركي ضحايا مزدوجات. هي المنظومة الذكورية السائدة في المواقف التي تتبناها النساء والرجال على حد سواء حول أدوار النساء وإمكانياتهن.
هي المنظومة نفسها التي تسلب النساء الحق بالتحكّم بمواردهن المادية والمعنوية، وتالياً اتخاذ القرارات في السياقات التي تخصهن. يُعزى أحد أسباب ضعف مشاركة النساء في الحياة السياسية إلى "عدم إهتمام النساء بالسياسية" كونها "مجالاً ذكورياً" محضاً. يستخدم هذا التحليل أدوات المنظومة الذكورية ولغتها ليكرّس الصور النمطية التقليدية عن النساء في "الدور الأمثل" الذي يجب عليهن التقيّد به (الدور الرعائي) ضمن الحيّز "النموذجي" لهن (المنزل). من هنا، لا يمكننا تقييم التمكين السياسي للنساء بمعزل عن تمكينهن على المستويين الشخصي والخاص. ربما يجب أن نبدأ باستبدال كلمة "مشاركة النساء في السياسية" بكلمة "دور النساء في الحياة السياسية". 
دلالات
المساهمون