اللاوقت

25 نوفمبر 2014
+ الخط -
الوقتُ، ملتبسًا بحاجات النهار،
ومشبعًا حتّى الجَمام
بلونِه العاري


مُلقىً كمنفضةِ الغبار على الوسائد
والمقاعد والقصائد والظلال على الجدارِ


يحتاجني لأجسّ نبضَ مرورهِ،
وأحكَّ فروةَ رأسه، وأحطّ قبل الطيرِ
فوق سكونه الضاري
**
الوقتُ يلهي وقتَه بالقفز فوقَ حواجزَ
موهومةٍ، بالفوز في ركض المسافات
الطويلة، باصطيادِ الرُّخ، واستحضار
أرواح الذباب،

ومثل مشمشةٍ يُلوّحُ
ثم يهربُ مثل ضبٍّ؛

كان يبكي وهو يرقُبني أُعابث زهرةً بريةً
وأشمُّ ريشَ خيالها،
وأُعيدُ لامرأةٍ براءةَ نهدها،
ويئنُّ وهو يرى فمي سكرانَ
يًكمِلُ سروةً نقصتْ هزازًا
في انتظاري
**
الوقتُ بيتُ الرحلة الأخرى
إلى الطرفِ الأمَرّ،
روايةُ الأفعى عن الفردوسِ
والطردِ المؤجّل للغواية..
/كان آدمُ، خارجَ الأوقات،
يبحث عن خطى حوائه،
ويلوبُ، طول الوقت،
منتظرًا جَنى تفّاحها../
**

الوقتُ ثرثرةُ المرايا
حين تصبح لا نوافذَ؛
غبطةٌ موصولةٌ في قصر إشبيليّة؛
استجمامُ ضوء الشمس
في ألقِ الغبار المستفزّ..
/غبارُنا هو ما تبقّى
من رؤى أجسادنا
وتذكّرُ الماضي، كمن يصحو،
على حرْفِ الدّوار../
**
الوقتُ أحجارٌ يسنّدُ بعضُها بعضًا
لتغدو مذبحًا للأضحياتِ، وقبّةُ للصخر،
كعبةَ طائفين، عمودَ ليلٍ شاهقًا أشواقَهُ
نحو السما، بتاجه المضفور
من عنبٍ وجرجيرٍ..


ويلعبُ بالمكانٍ، الوقتُ يلعبُ بالمكانِ،
وهذه الأرجاءُ زلّاتٌ تُبعثرها سُدىً خطواتُه،
ويقول للحيّ ارتجفْ لتكون حيًا كاملًا،
ويقول للموتى انهضوا
ليرى يسوعُ إلهه يدنو،
ويذكرَ أنه ابنٌ لنجّارٍ
يحوّل كلّ ما لمستْهُ من خشبٍ يداهُ
إلى دخانٍ ..دون نارِ
**
الوقتُ أشربُ نخبَهُ
في ليلةٍ لا فجرَ يؤويها،
وأرمي نردَه
ليكون لي حظُّ استضافته ببيتي...
/ كان يسبقني إلى بيتي
ببعض الوقت،
يخلع نعلَه وثيابه
ويجرّد امرأتي الوحيدةَ
من خيال حيائها
ويعبّ خمري
ثم يغفو كالحكاية
بين أطفالي الصغار/
**
يا وقتُ
خذْ ما شئتَ من وقتٍ
لتسمعَ ما يقولُ اللوزُ للنارنجِ
في فوضى الفصول
وفي تعاشقها؛
وأصغِ لما يقول الشيخُ
للطفل الذي سيكونه
بعد المساء؛


وخفّفِ الصخبَ المُجلجِلَ في صنوجك،
أنت لو تدري
صنوجُك من هشيم الآدميّ
ومن هشاشةِ روحهِ،


خفّفْ إذن من وقعكَ الموقوتِ
كي نمشي على إيقاع شهوتنا
ونحصدَ ما زرعْنا..

يا وقتُ خفّفْ
ريثما نمحو خطايانا
ونكتب مثلَها


واسمحْ بأن نختار عمرًا
ليس عبدًا من عبيدك؛
غايةً في العمر ليس من إمائكَ،
رغبةً لم تفترعْها قبْلنا..يا وقتُ؛
موتًا لا يكونُ ختامَ لهوِكَ..
وامضِ كما تشاءُ
مًحرّرًا منا
ومحرومين منك كما تشاءُ،


ولا تكن يا وقتُ محتاجًا إلينا
لا تسلْنا أن نجسّ مرورَ نبضك
..نحنُ لا وقت لدينا!
المساهمون