الكويت وعُمان ودورهما بإحباط حملة "المحور الرباعي" ضد قطر

11 يونيو 2017
أميرا قطر والكويت ونائب رئيس الحكومة العمانية (فرانس برس)
+ الخط -
يسود شعور يدنو من حالة الإجماع داخل دولة الكويت وسلطنة عمان، يفيد بأن الموقف في هاتين الدولتين من تصعيد المحور الرباعي (الإمارات والسعودية ومصر والبحرين) ضد قطر، للتحكم بسياستها الخارجية وفرض الوصاية عليها، كان أساسياً في إفشال الحملة التي لم تشنها سابقاً حتى دول معادية، على حد تعبير وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني. وينبع الموقف الكويتي خصوصاً، ثم العُماني، انطلاقاً من معطيات عديدة من بينها حرص هاتين الدولتين على عدم وصول محاولات فرض الوصاية عليهما، في حال نجحت الحملة ضد قطر اليوم.



ولم تأبه الحكومة الكويتية بقائمة الإرهاب الذي أصدرتها دول الإمارات والسعودية والبحرين، كما لم تأبه بها الأمم المتحدة التي قالت إنها لا تعترف بأي قائمة إرهاب لا تصدر عن مؤسساتها. وشملت القائمة ثلاثة متهمين كويتيين، بينهم أكاديمي وباحث ورئيس حزب كانت له عدة مقاعد في مجلس الأمة (سابقاً) إذ إن ردة الفعل الكويتية الرسمية تعاملت مع القائمة وكأنها لم تكن. وبحسب مراقبين سياسيين كويتيين، فإن أمير الكويت، الشيخ صباح الأحمد الصباح، الذي يتمتع برصيد كبير من الاحترام في المنطقة، يسعى جاهداً للحفاظ على وحدة مجلس التعاون الخليجي ومنع هيمنة دولة واحدة أو اثنتين على القرار فيه، فقام بالتنقل بين ثلاث مدن خليجية في غضون 24 ساعة محاولاً صياغة اتفاقية تهدئة بين الأطراف المتنازعة. ويعلم صناع القرار في الكويت جيداً، أنه وفي حال خضوع السياسات القطرية للوصاية من محور الإمارات والسعودية، فإن الكويت قد تكون مستهدفة مستقبلاً في هذا المسلسل، وهو أمر لا يمكن القبول به لأنها تختلف ديموغرافيا وجغرافياً وسياسياً عن بقية دول الخليج، بفعل وجودها على الحدود العراقية الإيرانية ووجود مكون شيعي يتمتع بحقوقه السياسية، بالإضافة إلى الوجود القوي للأحزاب الإسلامية في البرلمان والحكومة، وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين (المحظورة في الإمارات والسعودية). انطلاقاً من ذلك، طلب أمير الكويت من الصحف الرسمية والخاصة في البلاد عدم الانجرار في الأزمة، كما أنه استقبل الأمير تميم بن حمد آل ثاني عقب اختراق موقع وكالة الأنباء القطرية "قنا" بأيام، ووجه بوضع أعلام قطر على أبراج الكويت (المعلم السياحي الرسمي في البلاد)، كما أنه وجه الطيران المدني الكويتي بفتح المجال الجوي أمام الطائرات القطرية وبإخلاء القطريين العالقين في مطارات السعودية.


على صعيد آخر، فإن عُمان، التي تتمتع باستقلالية كبيرة عن دول مجلس التعاون الخليجي، وتتبنى رؤية سياسية مختلفة تتمثل في الابتعاد حتى الانعزال أحياناً عن سياسات المحاور والاصطفافات، بالإضافة إلى رفضها الصريح لفكرة الاتحاد الخليجي التي أطلقها الملك السعودي الراحل عبدالله بن عبدالعزيز بعد اندلاع ثورات الربيع العربي، قد مرت بأزمة مشابهة مع دولة الإمارات قبل خمسة أعوام بعد اكتشاف خلية تجسسية إماراتية في مسقط، حيث قام أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح بدور الوسيط منهياً قطيعة العلاقات بين البلدين آنذاك. والموقع الجغرافي لعمان وانعزالها عن دول الخليج وسياستها المفتوحة مع إيران والغرب، والتي تمثلت في رعايتها لمفاوضات الاتفاق النووي مع إيران، بالإضافة إلى عدم مشاركتها في الحرب على اليمن وتباينها الثقافي والديني عن الخليج، عوامل جعلتها غير قابلة للابتزاز في هذه الأزمة، وهو أمر فهمته عمان جيداً واكتفت فيه بإرسال وزير خارجيتها للكويت وقطر وامتداح الدور الكويتي في حل الأزمة.

بعد تصريحات وزير الخارجية الأميركي ريكس تليرسون الذي طالب المحور الإماراتي السعودي بإنهاء الحصار المفروض على قطر، ودعمه لجهود أمير الكويت لحل الأزمة ودعم الاتحاد الأوروبي أيضاً للكويت في سعيها للصلح بين دول الخليج، فقد محور الإمارات السعودية آخر أوراقه في محاولات ابتزاز قطر وفرض الوصاية عليها، وخصوصاً أن مغامرته اليائسة في جر الكويت لعمق الأزمة عبر إصدار قوائم إرهاب تخص مواطنيها قد فشلت أيضاً مع رفض قطري تام لتغيير السياسات الخارجية والإعلامية، وفشل جولة وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في أوروبا، ومحاولاته إقناع الاتحاد الأوروبي والدول الغربية باتخاذ موقف معاد لقطر. كما فشل الحصار الاقتصادي في زعزعة الاقتصاد القطري، خصوصاً مع فتح معابر جوية مع تركيا لنقل الغذاء، بالإضافة لحفاظ البورصة والعملة القطرية على توازنهما والخسائر للشركات السعودية التي فقدت التواصل مع السوق القطري بفعل الحصار، بالإضافة إلى ردة الفعل التركية بتفعيل الاتفاقية العسكرية القديمة مع قطر، وبدء إرسالها قوات عسكرية استكشافية إلى قاعدة الريان في قطر.


منذ اليوم الأول للحرب الإعلامية، اختارت قطر التعامل مع الأزمة عبر توحيد جبهتها الداخلية أولاً، ورفع معدلات الأمن الغذائي والاقتصادي ثم قامت بالتواصل مع الدول ذات الوزن الكبير في الإقليم (تركيا) ودبلوماسياً (الكويت وعمان)، وأكدت على موقفها الرافض لأي وصاية عليها واتخاذ سياسة (ردة الفعل السلبية) تجاه اتهامات السعودية والإمارات اللتين فشلتا في إدارة الحرب الإعلامية وإقناع شعبيهما بجدواها، مما حدا بكل منهما إلى إصدار قانون منع التعاطف مع شعب قطر، و إلزام المواطنين والمقاهي والمطاعم بحذف القنوات والمؤسسات الإعلامية التي تملكها قطر، في موقف شبهته الصحف الغربية بسياسات كوريا الشمالية.
المساهمون