الكويت: حكم نهائي اليوم في أكبر قضية سياسية

06 مايو 2018
اليوم يتحدّد مسار المعارضة الكويتية (ياسر الزيّات/فرانس برس)
+ الخط -

تستعد محكمة التمييز الكويتية، اليوم الأحد، لإعلان حكمها النهائي في قضية دخول مجلس الأمة، والتي اتُهم فيها نواب برلمانيون سابقون وحاليون ونشطاء سياسيون وزعماء للمعارضة وأساتذة جامعيون، إبان الاحتجاجات الشعبية ضد رئيس مجلس الوزراء السابق، الشيخ ناصر المحمد الصباح، عام 2011. وأدت الاحتجاجات التي أعقبت دخول مجلس الأمة إلى إسقاط رئيس الوزراء آنذاك وحلّ البرلمان، ودعوة الأمير الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، إلى انتخابات جديدة انتصرت فيها المعارضة عام 2012، لكن الأمير عاد وحلّ البرلمان مرة أخرى، وقام بإصدار مرسوم الصوت الواحد الذي أدى إلى احتجاجات شعبية واسعة امتدت حتى عام 2014. وكانت محكمة الاستئناف قد أصدرت أحكاماً بالسجن تراوحت بين السنة و7 سنوات ضد 70 فرداً من المتهمين في القضية، لكن نيابة التمييز قررت وقف تنفيذ الحكم بعد أن أمضى المتهمون شهرين في السجن لحين الحكم النهائي لمحكمة التمييز.

واستبق المتهمون، وعلى رأسهم قائد المعارضة مسلّم البراك الأحداث، واستغل عدم وجود منع سفر باسمه وغادر البلاد برفقة أحد أشقائه إلى تركيا، لينضم إلى عدد من المتهمين في ذات القضية، فيما خرج متهمون آخرون نحو بريطانيا وبلدان أخرى، خوفاً من صدور حكم ليس في صالحهم. كما استبقت حركة العمل الشعبي التي ينتمي إليها البراك وغالب المتهمين، الأحكام وقامت بإعادة هيكلة لجانها السياسية والإدارية للتماهي مع مرحلة ما بعد الحكم عليهم بالسجن، فسلّمت مقاليد الكثير من الأمور لأشخاص غير متهمين في القضية.

ولا يزال التكهن بالحكم الذي سيصدر من محكمة التمييز صعباً، خصوصاً أن القضية تعد الأولى من نوعها سياسياً وقانونياً، إذ لم يسبق للسلطات أن حاكمت هذا العدد من السياسيين من قبل دفعة واحدة، كما لم يسبق لها أن سجنت ثلاثة برلمانيين على رأس عملهم في البرلمان كما يحدث الآن. كما أن تكييف الجريمة القانوني عُدّ سابقة قانونية، بحسب أستاذ المرافعات في جامعة الكويت عبيد الوسمي، إذ قال إنه "لا توجد جريمة باسم إتلاف مرافق عامة". لكن الاحتمالات تصب في خانتين، الأولى في حال صدور الحكم ببراءة المتهمين من القضية، وهو أمر مستبعد، فإن هذا سيخرج الحكومة والمعارضة في آن واحد من مأزق سياسي كبير، وسيوفر على الأمير دعوة البرلمان إلى الاستقالة، وسيضمن استمرار عمله لفترة مؤقتة على الأقل، كما يضمن نزع الفتيل السياسي القابل للاشتعال، وعودة الهاربين من الحكم القضائي نحو الكويت.



أما في حال صدور الحكم بالسجن على المتهمين وتثبيت أحكام محكمة الاستئناف، فإنه يعني دخول البلاد في نفق مظلم وطويل، ويعطل الحياة السياسية وقد يقتلها للأبد، خصوصاً أن عدد المتهمين كبير، ويملكون تأثيراً كبيراً داخل المعارضة، بالإضافة إلى نفوذهم السياسي والاقتصادي. وهو أمر قد يكون في صالح الحكومة التي قد تدعو إلى حلّ البرلمان وتصدر عفواً عن المتهمين في القضية وفق شروط سياسية محددة، أبرزها دعم وزير الدفاع الحالي ونجل أمير البلاد، الشيخ ناصر صباح الصباح، في منصب رئيس مجلس الوزراء، والموافقة على تمرير قوانين مستقبلية مهمة في الجانب الاقتصادي.

ولن تستطيع المعارضة التي فقدت شيئاً كبيراً من زخمها أن تحشد الشارع من جديد في حال صدور أحكام بالسجن ضد المتهمين، إذ أن الخلافات الداخلية بين أعضائها الموجودين داخل وخارج البرلمان قد اتسعت بسبب اختلاف الرؤية حول حل عدد كبير من القضايا، كما أن غياب زعيم المعارضة مسلم البراك عن الكويت سيؤدي إلى فقدانها عاملاً كبيراً من عوامل الحشد في الشارع.

وستكون نشاطات المعارضة حال صدور أحكام السجن ضد المتهمين، متوزعة بين عقد الندوات السياسية التي أثبتت عدم فاعليتها وقلة حضورها، وبين إطلاق الحملات على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو أمر يدل على الفشل، بعد أن كانت المعارضة تحشد آلاف الأفراد خلال المسيرة الواحدة فترة نشاطها بين عامي 2011 و2014. وقدم النائب شعيب المويزري شكوى أمام البرلمان العالمي ضد رئيس مجلس الأمة، مرزوق الغانم، متهماً إياه بـ"التخلي عن واجباته في حماية البرلمانيين الثلاثة المتهمين في القضية". وهي سابقة تاريخية في الكويت، إذ لم يسبق لعضو في البرلمان على رأس عمله أن سُجن بسبب قضية سياسية.

واستبق نواب المعارضة الحاليون حكم المحكمة وقدموا اقتراحاً بقانون للعفو عن المتهمين في قضية دخول مجلس الأمة، لكن هذا القانون سقط أثناء التصويت عليه، فصاغ النواب قانوناً آخر للعفو الشامل والتقى 10 منهم رئيس مجلس الوزراء، الشيخ جابر المبارك الصباح، وطالبوه بتعاون الحكومة لتمرير هذا القانون، بغض النظر عن حكم المحكمة. وحصل اقتراح قانون العفو الشامل الجديد على تأييد 24 نائباً من أصل 50، لكن المشكلة كمنت في اشتراط بعض النواب العفو عن قضايا سياسية أخرى للوقوف مع هذا القانون. كما طالب النائب البرلماني المثير للجدل، خالد الشطي، الحكومة، بـ"العفو عن متهمي خلية العبدلي التابعة لحزب الله، والتي جرى الكشف عنها قبل ثلاثة أعوام في الكويت، مقابل العفو عن متهمي دخول المجلس".

وطالب النائب محمد الدلال، ممثل الحركة الدستورية الإسلامية في البرلمان، القضاة، بأن "ينصفوا المتهمين ويقفوا معهم، خصوصاً أن الأدلة كلها تقف معهم ومع براءتهم، وأن أقوال الشهود متضاربة، وأن القضية سياسية أصلاً وليست جنائية". أما أستاذ الدراسات الإسلامية في جامعة الكويت، أحد المتهمين في القضية أحمد الذايدي، فقال لـ"العربي الجديد"، إن "الظروف الإقليمية تحتم على القضاة أن يغلّبوا جانب المصلحة ويصدروا أحكاماً بالعفو ضد المتهمين بدخول المجلس".