يترقب الشارع العراقي باهتمام ما يمكن أن يخرج به مؤتمر إعادة إعمار العراق المقرر عقده في الكويت بين 12 و14 فبراير/ شباط المقبل، في وقت ما زالت فيه الحكومة عاجزة عن تقديم برنامج واضح لإعادة إعمار أكثر من 200 مدينة مدمرة عوضا عن آلاف القرى شمال وغرب ووسط البلاد.
وقالت مصادر بالحكومة الكويتية لـ "العربي الجديد" إن عدد الدول المشاركة في المؤتمر يقارب 42 دولة عربية وأجنبية، مبينة أن أبرز الدول المشاركة أميركا وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا وألمانيا والسويد والنمسا وهولندا وكندا وأستراليا واليابان والصين وفنزويلا، وعربياً الكويت إضافة إلى قطر والسعودية والإمارات، وتركيا.
وأوضحت المصادر التي فضلت عدم الإفصاح عن هويتها، أن الدول المانحة ستلقي كلمتها في الجلسة الثانية للمؤتمر بعد الافتتاح وستعلن فيها قيمة تعهداتها التي من المتوقع أن تقارب 18 مليار دولار، لافتاً إلى أن منحة الكويت من المرجح أن تصل إلى ما بين 100 و150 مليون دولار.
وذكرت المصادر أن المؤتمر سيقام بدعم من البنك الدولي، مبينةً أن "مرحلة إعادة اعمار تعتبر أبرز التحديات التي تواجه الحكومة العراقية بعد تحرير المدن، وهناك مخطط مدروس لإعادة الخدمات إلى المدن المحررة، تليها مرحلة إعادة الإعمار وتأهيل القطاعات المختلفة".
ويأتي هذا المؤتمر بعد تبرعات قدمتها الكويت، منتصف 2016، لإنشاء مراكز طبية ومدارس ومستشفيات في عدد من مدن العراق، منها البصرة وبغداد وصلاح الدين والأنبار ومناطق أخرى.
وذكر نائب وزير الخارجية الكويتي خالد الجار الله خلال مؤتمر صحافي جمعه بأمين عام مجلس الوزراء العراقي مهدي العلاق في الكويت، أخيراً، أن "الكويت شرعت بالاستعدادات اللازمة لعقد المؤتمر بعد إعلان أمير البلاد في وقت سابق عزمه استضافة مؤتمر المانحين الدولي في الكويت وتم الاتصال بالبنك الدولي والحكومة العراقية بهذا الخصوص".
وعن المبالغ التي يحتاجها العراق لإعادة إعمار مدنه المدمرة قال أمين عام مجلس الوزراء العراقي إن "المرافق الحيوية في المدن والمناطق المحررة تحتاج إلى 100 مليار دولار".
من جانبه علق رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في تصريح صحافي، الثلاثاء الماضي، على المؤتمر المرتقب انعقاده في الكويت، واصفاً الإشارات التي تلقتها البلاد بشأن دعم مؤتمر إعادة إعمار العراق بالإيجابية، مبيناً أن بلاده تلقت من الولايات المتحدة والصين ودول أوروبية ردوداً إيجابية بهذا الشأن.
وبين العلاق أن "تقريراً مفصلاً سيرفع غداً للحكومة عن حجم الدمار الذي تعرضت له المدن المحررة والمبالغ اللازمة لإعادة إعمارها وسينشر التقرير على الموقع الرسمي للمؤتمر الذي سيعقد في الكويت".
وكان وزير التخطيط العراقي، سلمان الجميلي، قد أعلن، في مايو/أيار الماضي، أن "خطة إعادة الإعمار ستكون على مرحلتين؛ الأولى تمتد بين عامي 2018 و2022، والثانية بين عامي 2023 و2028".
وأسفرت الحرب في العراق عن خسائر كبيرة في البنية التحتية في المدن المحررة، من جسور ومجمعات تجارية ومستشفيات وجامعات ومدارس ودوائر حكومية وخدمية ومحطات الماء والكهرباء ومئات المعامل والمصانع وآلاف المنازل، وعشرات المجمعات السكنية، سببت تعطيل الحياة فيها، رغم عودة كثير من النازحين.
واعتبر مهندسون عراقيون أن حجم الدمار الذي لحق بالمدن المحررة لا يمكن للحكومة العراقية أن تتكفل بتأهيله لوحدها مطلقاً بسبب المبالغ الهائلة التي يحتاجها والقدرات التي لا تتوفر في البلاد.
وقال المهندس سامر الدوري لـ "العربي الجديد" إن "هذا المؤتمر سيكون بمشاركة 5 جهات رئيسية وفاعلة وهي الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والبنك الدولي والعراق والكويت وهذا يعني دفع دول العالم المانحة للوقوف مع العراق بقوة في سبيل إعادة إعمار مدنه المحررة التي دمرتها الحرب". وبين الدوري أن "الدمار الذي لحق بالمدن لم يسبق له مثيل في تاريخ العراق منذ احتلال المغول لبغداد عام 1258 وحتى اليوم".
ومن جانبه، قال الخبير الأمني ناظم الشمري لـ "العربي الجديد" إن "مؤتمر الإعمار يعني تأهيل المدن المحررة وإعادة الحياة إليها مجدداً وهذا يعني بالضرورة الدفع باتجاه الاستقرار الأمني في عموم البلاد وبالتالي في عموم المنطقة العربية".
وتعرضت مدن الأنبار والموصل وصلاح الدين وديالى ومناطق أخرى في حزام بغداد إلى دمار هائل منذ منتصف 2014 حين اشتعلت المعارك بين القوات العراقية وتنظيم "داعش"، ودارت معارك ضارية في تلك المدن أسفرت عن تدمير الآلاف من المنازل والمجمعات التجارية والدوائر والمؤسسات الحكومية، وعشرات الأحياء السكنية بالكامل بسبب استخدام القوات العراقية والتحالف الدولي للصواريخ والأسلحة الثقيلة في قصف تلك المدن.
وتأمل الحكومة العراقية في حصيلة مالية جيدة من مؤتمر المانحين الذي من شأنه تقليص الفترة الزمنية لإعادة إعمار المدن المحررة التي دمرتها الحرب، ولا سيما في ظل عجز الموازنة المتفاقم وعدم قدرتها على توفير المبالغ المطلوبة لهذا الغرض.