الكويت: القلق من "التفنيش" يصيب الأسواق بالانكماش

02 يوليو 2016
المصارف الكويتية ترفع مخصصات التعثر عن السداد (Getty)
+ الخط -


لم تقتصر آثار أزمة انخفاض أسعار النفط على رفع رسوم الخدمات والضرائب لشريحة الوافدين إلى الكويت، وإنما امتدت إلى إنهاء عشرات آلاف الوظائف في مختلف قطاعات الدولة المعروفة باسم عمليات "التفنيش".
وبين ليلة وضحاها فوجئ عدد كبير من الوافدين، خاصة ممن تتجاوز أعمارهم الـخمسين عاماً بخطاب إنهاء خدمات من دون أي سابق إنذار يوضح سبب التسريح.

لكن خبراء اقتصاد أشاروا إلى أن عمليات التسريح التي تطاول الكيانات العامة والخاصة، لها تأثيرات سلبية على حركة الأسواق، باعتبار أن الوافدين يشكلون 69% من حجم السكان.
ويقول مزيد الربعي، الخبير الاقتصادي لـ"العربي الجديد"، "هناك مخاطر من جنوح الاقتصاد نحو الركود، جراء استمرار الحكومة والقطاع الخاص في التقشف"، مشيرا إلى أن الوافدين يمثلون قوة شرائية كبيرة.
ويضيف أنه رغم أن المؤشرات تظهر أن عمليات التسريح طاولت نحو 3.5% من إجمالي الوافدين، إلا أن هناك مخاوف كبيرة من أن يطاول الفصل أكثر من ذلك، لهذا نجد أن أكثر الموظفين يقتصدون في مشترياتهم للحد الأساسي فقط، تحسبا لأن يتم الاستغناء عنهم في الأشهر المقبلة.

وبحسب عبدالمجيد الصالح، الخبير في المجال العقاري، فإن هناك تخوفا كبيرا من جنوح قطاع الإيجارات للركود، مشيرا إلى أن نسبة الشقق الشاغرة بلغت نحو 18%، وهي في ازدياد، خاصة الشقق المتوسطة والصغيرة التي يفضلها الوافدون.
وبحسب بيانات الهيئة العامة للمعلومات المدنية للمباني والوحدات، فإن إجمالي عدد المباني في الكويت بلغ نحو 205 آلاف مبنى في نهاية 2015، مقارنة بنحو 180 ألف مبنى بنهاية 2014، بزيادة بلغت نسبتها نحو 12%.

ويشير خبراء إلى أن هناك الكثير من القطاعات تأثرت، منها سوق السيارات المستعملة التي تضررت بشكل كبير، فالكويت لا تمتلك نقلا عاما كافيا في البلاد، ويعتمد الجميع على سياراتهم الخاصة، وقام كثير من الوافدين المفصولين ببيع سياراتهم قبل سفرهم لبلادهم، الأمر الذي تسبب في وفرة بالسوق، وقاد أسعار هذه السيارات للانخفاض.
ويقول زياد القيسي، الخبير الاقتصادي في كبرى شركات إدارة الأموال، إن موجة التسريحات الأخيرة جاءت بعد أن انخفضت أرباح العديد من الشركات بنسبة تجاوزت الـ 60%، مما أدى إلى تقلص حجم أعمالها وخفض موظفيها.

ويضيف أن الكثير من الشركات تنظر إلى تسريح العمالة على أنه في مصلحة الشركة، إلا أنه لا يأتي في مصلحة الاقتصاد بشكل عام، حيث تأثرت الدورة الاقتصادية بشكل كبير، لتمتد إلى القطاع المصرفي.
ويشير إلى تأثر القطاع المصرفي، حيث لم يستطع الكثير من المُسرحين سداد مديونياتهم، الأمر الذي ساهم في رفع حجم مخصصات المصارف منذ الربع الأخير من العام الماضي لمواجهة حالات التعثر عن السداد.

وبحسب بيانات مصرف الكويت المركزي، فإن إجمالي مخصصات المصارف، ارتفع خلال 2015 بنسبة 18.1%، مقارنة بعام 2014، مسجلة 2.1 مليار دينار كويتي (6.96 مليارات دولار).
ويشير إلى أن زيادة حجم المخصصات ستجبر المصارف على اتخاذ نماذج استثمارية وائتمانية جديدة، فبعد توسعها خلال الأعوام الماضية في منح الائتمان والقروض للأفراد للاستفادة من الزيادات في الرواتب التي تم إقرارها خلال السنوات السابقة، أصبح عليها البحث عن قناة استثمارية جديدة، خاصة مع توجه الحكومة لتنفيذ سياسة انكماشية في الإنفاق على الكوادر والمكافآت، وتسريح عدد لا بأس منه من الوافدين ضمن خطة موضوعة.


المساهمون