الكويت: استجوابات جديدة تهدد علاقة مجلس الأمة بالحكومة

25 فبراير 2017
البرلمان قد يُبطل في 3 مايو (ياسر الزيات/فرانس برس)
+ الخط -
لم يكد مجلس الأمة الكويتي يتجاوز أزمة استجواب وزير الإعلام، وزير الدولة لشؤون الشباب السابق، الشيخ سلمان الحمود الصباح، والتي انتهت باستقالة الوزير على خلفية قضية إيقاف نشاط الكويت الرياضي خارجياً وقضايا فساد مالي، حتى ظهرت ملامح أزمة سياسية جديدة، تمثلت في تهديد ثلاثة نواب بثلاثة استجوابات منفصلة لرئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر المبارك الصباح، على خلفية ثلاث قضايا مختلفة. وبعد انتهاء قضية استجواب وزير الإعلام بنجاح، باستقالة الوزير ورحيله عن الحكومة، أعلن النائب السلفي المستقل وليد الطبطبائي، عزمه استجواب رئيس الوزراء في الأول من شهر مارس/آذار المقبل، ما لم يقم بحل بعض القضايا العالقة.


وقال الطبطبائي في مؤتمر صحافي داخل مجلس الأمة، إن "النواب سيعطون رئيس مجلس الوزراء مهلة لحل القضايا العالقة، المتمثلة في أربعة بنود، أولها قضية سحب الجنسيات، وثانيها قضية منع المسيء للذات الأميرية من الترشح لعضوية مجلس الأمة، وثالثها رفع الإيقاف الرياضي عن الكويت، والذي كان سبباً في تقديم الاستجواب لوزير الإعلام ووزير الشباب والرياضة، ورابعها إلغاء الزيادة عن الوقود والكهرباء". وأضاف أنه "من دون حل هذه القضايا بشكل مباشر أو تقديم تصور عام لحلها فيما بعد، فإن الحكومة باتت أمام امتحان صعب وهو استجواب رئيسها على الفور كونه يملك جميع الصلاحيات اللازمة لحلّ هذه القضايا العالقة. والمهلة ستكون حتى تاريخ 7 مارس/ آذار المقبل، وبعدها سنبدأ في تجهيز صحيفة الاستجواب".

وكان مجلس الأمة السابق، الذي قاطعته المعارضة، قد أقرّ حزمة من القوانين التي يرغب أعضاء البرلمان الحالي في إلغائها أو تحييدها على الأقل، وأبرزها قانون منع المدان بالإساءة إلى الذات الأميرية من الترشح لانتخابات مجلس الأمة، والذي اعتبر المعارضون أنه "يستهدف بشكل خاص زعماء المعارضة المتهمين بعدة قضايا فيها إساءة للذات الأميرية، وعلى رأسهم النائب السابق مسلم البراك، والذي يقضي عقوبة السجن لسنتين بسبب اتهامه بالإساءة للذات الأميرية".

وأمام النواب المعارضون في البرلمان فرصة اليوم السبت، لصدور عفو عام عن أمير الكويت في ذكرى استقلال البلاد. وفي هذا الصدد، كشفت مصادر لـ"العربي الجديد"، أن "وفداً برلمانياً ضمّ مجموعة من أعضاء مجلس الأمة، بينهم رئيس لجنة حقوق الإنسان في المجلس عادل الدمخي، قد اجتمع بأمير البلاد، طالباً منه إعادة الجنسيات المسحوبة من العائلات التي انخرط أبناؤها في العمل السياسي المعارض، وإصدار عفو عام عن المتهمين بقضايا التعدي على الذات الأميرية وعلى رأسهم النائب السابق مسلم البراك. وفي حال عدم إصدار العفو فإن النواب سيتجهون للتصعيد المباشر في شهر مارس، خصوصاً أن استجواب وزير الإعلام وشؤون الشباب أوضح فقدان الحكومة لبعض نفوذها داخل البرلمان، إذ أيد عدد من النواب المحسوبين على الحكومة رحيل الوزير الحمود".



من جهة أخرى، أبدى النائب يوسف الفضالة اعتزامه تقديم استجواب آخر لرئيس مجلس الوزراء، حول قضايا الفساد في وزارة الصحة، كما هدد وزير الصحة جمال الحربي بالاستقالة ما لم توافق الحكومة على قراراته المتعلقة بتجميد صلاحيات الوكلاء المساعدين في الوزارة والتحقيق في قضايا الفساد في ملف "العلاج السياحي"، والذي اتهم من خلالها بعض النواب بتلقي "رشى" بصورة قانونية. في هذا الصدد، أرسل بعض النواب أقرباءهم وناخبيهم للعلاج في أوروبا والولايات المتحدة خلال فصل الصيف، من دون أن يكونوا مستحقين للعلاج، في ظلّ وجود مرضى لا ينالون ذات الامتيازات، بسبب عدم امتلاكهم نفوذا في وزارات الدولة أو مجلس الأمة.

وقال الفضالة في مؤتمر صحافي داخل مجلس الأمة الكويتي، إنه "في بداية دور الانعقاد طلبنا من وزير الصحة محاسبة الفاسدين في الوزارة وإنهاء مهزلة التنفيعات التي تحدث في إدارة العلاج بالخارج، وبالفعل استجاب الوزير لنا وشرع في محاسبة الفاسدين الذين استنجدوا بأطراف خارج الوزارة وهددوا الوزير بالرحيل، مما أدى إلى قيام وزير الصحة بالاستقالة شفهياً ما لم تستجب الحكومة لمطالبه، وهي عزل وكلاء الوزارة الفاسدين وتحويلهم للنيابة العامة بتهمة تضييع واختلاس الأموال".

وأضاف أن "تقرير ديوان المحاسبة يثبت وجود فساد كبير في إدارة العلاج بالخارج التي صارت مجرد إدارة يتم تنفيع وإسكات نواب البرلمان السابق فيها. ولا يعقل في أي دولة من دول العالم أن تضحي الحكومة بوزير في وزارتها من أجل مجموعة موظفين فاسدين يسيطرون على موارد الوزارة منذ أكثر من 30 عاماً ويسخرونها لصالحهم. فإذا فعلت الحكومة ما تنوي فعله وهو قبول استقالة الوزير وإبقاء الوكيل المسيطر في منصبه، فإن استجواب رئيسها سيكون مستحقاً بلا شك".

وأبدى النائب في مجلس الأمة، رياض العدساني، نيته في تقديم استجواب منفصل لرئيس مجلس الوزراء، بما يخص قضية الإيداعات المليونية، التي تفجرت بين عامي 2011 و2012، حينما حققت النيابة العامة مع 11 نائباً في برلمان 2009، تسلّموا مبالغ مليونية من أطراف حكومية للوقوف في وجه المعارضة الكويتية آنذاك، والتي كانت تسعى لحلّ مجلس الأمة. وتراوحت المبالغ المالية المقدمة بين 700 ألف دينار كويتي (2.3 مليون دولار) و9 ملايين دينار كويتي (29.5 مليون دولار). لكن مجلس الأمة السابق أغلق القضية لعدم كفاية الأدلة وأعاد فتحها النائب رياض العدساني في هذا المجلس حين قرأ بصوت عالٍ أسماء النواب المتهمين فيها، مستغلاً حصانته البرلمانية. وفور إعلان العدساني الأسماء سارع بعض المتورطين في القضية إلى نشر بيانات استنكار، مؤكدين أنه استغل حصانته البرلمانية للطعن في ذممهم المالية وتوجه بعضهم إلى البرلمان مهددين العدساني بالمواجهة في ساحات القضاء.

ويعيش البرلمان الكويتي حالة من الترقب في انتظار قرار المحكمة الدستورية (3 مايو/أيار المقبل) الذي قد يبطل الانتخابات كما حدث عام 2012 مع مجلس الأغلبية المعارضة. ويحاول رئيس مجلس الوزراء تدارك الأمور، خصوصاً بعدما فاجأه النائب السلفي المستقل محمد هايف المطيري، بتقديمه مشروع اقتراح بقانون يقضي بتعديل المادة 79 من الدستور الكويتي، وذلك لأسلمة جميع مواد القوانين التي فيه. وهو ما اعتبره النواب الآخرون تجاوزاً لجدول الأولويات المتفق عليه.