لا تزال تداعيات قرار السلطات الكويتية بشأن منع مواطني 31 دولة من بينها مصر تلقي بظلالها على أوضاع الجالية المصرية في الكويت، أو الذين تم منعهم من العودة إلى البلاد لاستئناف أعمالهم وحالة عدم اليقين بشأن عودتهم لوظائفهم مرة أخرى.
ويأتي ذلك في الوقت الذي اضطرت فيه شركات بالقطاع الخاص إلى إبلاغ عمالها خارج البلاد بإنهاء عقودهم، فيما تبحث شركات أخرى عن حلول لاستعادة موظفيها من الخارج خصوصا من مصر والهند.
وفي السياق، قال مسؤول في الهيئة العامة للقوى العاملة الكويتية لـ"العربي الجديد" إن شركات القطاع الخاص أبدت استياءها من قرار منع استقبال العمالة الوافدة من مصر والهند، مشيرا إلى أن أعداد الوافدين الذين غادروا البلاد خلال الأشهر الماضية وخاصة في فترة ما قبل تفشي فيروس كورونا بلغ نحو 340 ألف شخص، غالبيتهم في مصر حيث يحرص الآلاف منهم على قضاء عطلة منتصف العام في بلادهم.
وأضاف المصدر، الذي رفض الكشف عن اسمه، أن بعض الشركات طالبت بوضع حلول سريعة، من أجل عودة موظفيها من الخارج، أو إبلاغها بشكل واضح بعدم عودة الذين غادروا نهائيا، وفتح باب الاستقدام للتعاقد مع موظفين جدد من أجل استئناف الأعمال في الشركات بصورة طبيعية توافقا مع خطة العودة تدريجيا للأنشطة الاقتصادية والأعمال التجارية.
وأوضح أن هناك أكثر من 64 ألف وافد سقطت إقاماتهم وهم في بلدانهم ولن يستطيعوا العودة إلى الكويت إلا باستخراج فيزا عمل جديدة، كما أن هناك شركات اضطرت إلى إبلاغ موظفيها في الخارج بإنهاء خدماتهم والتعاقد مع موظفين آخرين من المتواجدين داخل الكويت بسبب حاجة تلك الشركات لموظفين من أجل تسيير أعمالها.
على جانب آخر، أكد الخبير الاقتصادي الكويتي مروان سلامة لـ "العربي الجديد" أن القرار المفاجئ بمنع عودة العمالة الوافدة أضر بكافة الأطراف وخصوصا الشركات التي تسعى إلى استعادة موظفيها الذين ذهبوا لقضاء عطلتهم خارج البلاد ولم يستطيعوا العودة بسبب استمرار إغلاق مطار الكويت، لافتا إلى أن التخبط الحكومي أصبح السمة الغالبة خلال أزمة جائحة كورونا.
وأضاف سلامة أن شركات القطاع الخاص تكبدت خسائر فادحة خلال فترة الغلق الإجباري بقرار من السلطات والحظر الشامل وتوقف الأنشطة الاقتصادية، وتنتظر مساعدة الحكومة من أجل استئناف الأعمال وتعويض خسائرها غير أن قرارات الحكومة تفاقم الأضرار الناجمة عن جائحة كورونا.
على صعيد متصل، ذكرت وزارة الخارجية المصرية أن وزير الخارجية الكويتي الشيخ أحمد ناصر المحمد، ناقش مع نظيره المصري سامح شكري، خلال اتصال هاتفي الترتيبات الخاصة بأوضاع الجاليتين المصرية والكويتية في البلدين، وذلك في إطار الحرص على التواصل بين البلدين ضمن العلاقات المتميزة القائمة بينهما، وعلى رعاية مواطني البلدين.
وقالت الخارجية المصرية في بيان على موقعها الرسمي، إن المحمد أكد خلال الاتصال مع وزير الخارجية سامح شكري أن قرار وقف رحلات الطيران من مصر سيكون محل مراجعة خلال الفترة المقبلة، مشيرا إلى أن الوزيرين اتفقا على أن يتواصل وزيرا الصحة في البلدين لتحديد الإجراءات الكفيلة بعودة الأمور إلى طبيعتها، تسهيلا لعملية التنقل والتواصل بين البلدين.
بدوره، قال أستاذ الاقتصاد في جامعة الكويت، عبد الله الكندري، إن هناك تداعيات اقتصادية خطيرة للتعامل مع ملف الوافدين بهذا التخبط، مؤكدا في الوقت نفسه أن الكويت ستظل بحاجة إلى الوافدين في كافة المهن وخصوصا الأطباء والمعلمين والمهندسين والمستشارين والمهن الحرفية المختلفة التي تساهم في تنفيذ المشروعات التنموية في البلاد.
وأوضح الكندري خلال اتصال هاتفي مع "العربي الجديد" أن غالبية الوافدين المتواجدين خارج البلاد لديهم شقق سكنية مؤثثة داخل الكويت وإيجارات متأخرة فضلا عن أقساط القروض المستحقة للبنوك الكويتية، والتزامات أخرى، ويجب وضع حلول واقعية تحفظ للوافدين حقوقهم في العودة إلى وظائفهم وتحفظ للمؤسسات حقوقها في المتأخرات، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن التصعيد ضد الوافدين من جانب نواب مجلس الأمة والنشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي سيضر بالاقتصاد الكويتي.
وأكد أن 78% من شركات القطاع الخاص تواجه شبح الانهيار والإفلاس في حالة عدم التمكن من استئناف الأنشطة الاقتصادية بصورة طبيعية، مشددا على أن العقبة الأهم لاستئناف الأعمال هي عودة الموظفين إلى أعمالهم خصوصا المتواجدين خارج البلاد وينتظرون العودة مع بدء تشغيل الرحلات التجارية.
وحسب الأرقام الرسمية الصادرة عن الإدارة المركزية للإحصاء (حكومية)، يبلغ إجمالي عدد العاملين في سوق العمل بالكويت نحو 2 مليون و181 ألفا و53 نسمة، وتحتل الجالية الهندية المرتبة الأولى من حيث عدد الملتحقين بسوق العمل بنسبة 27% بإجمالي 578 ألفا و40 عاملا، ثم الجالية المصرية بنسبة 24% حيث يبلغ عدد العاملين في سوق العمل نحو 518 ألفا و843.