الكساد يضرب أسواق السودان... وارتفاع في أسعار السلع

20 ديسمبر 2019
أزمات خانقة تحاصر المواطنين (فرانس برس)
+ الخط -


ضربت الأسواق السودانية موجة كساد كبيرة، خلال الفترة الأخيرة، وسط تفاقم الأزمة الاقتصادية في البلاد وتراجع القوة الشرائية للمستهلكين وارتفاع بأسعار مختلف السلع.

ورصدت "العربي الجديد" ضعفا شديدا في الإقبال على السلع وغلاء بعضها بنسب وصلت إلى 90 في المائة مقارنة بالشهر الماضي، وفقاً لإفادات التجار، الذين أرجعوا السبب إلى انخفاض قيمة العملة المحلية لتبلغ 85 جنيها مقابل الدولار في السوق السوداء.

وقال التاجر موسى إبراهيم لـ"العربي الجديد"، إن نسبة الشراء تراجعت بصورة كبيرة نتيجة لغلاء السلع الضرورية، موضحا أن زيادة سعر العملة الأميركية وارتفاع التكلفة دفعا التجار إلى رفع الأسعار.

وحسب بيانات رسمية، ارتفع معدل التضخم لشهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي إلى 60.67 %، مقارنة بـ 57.70 % في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

وأرجع بيان للجهاز المركزي للإحصاء (حكومي) ارتفاع التضخم إلى زيادة أسعار مجموعة السلع الغذائية التي بلغت نسبة مساهمتها في التضخم 61.22 %. وأوضح البيان أن معدل التضخم السنوي ارتفع بنسبة 2.97 % مقارنة بالشهر السابق.

ورغم تأكيدات وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي بوضعها إجراءات حاسمة للسيطرة على سعر الدولار ومحاربة السوق السوداء، إلا أن العملة الأميركية واصلت رحلة الصعود، فيما قال خبراء اقتصاد لـ"العربي الجديد" إن زيادة الدولار تعنى موجة غلاء جديدة لمختلف السلع، خاصة وأن السودان يستورد أكثر من 3 آلاف سلعة يتحصل مستوردوها على النقد الأجنبي من السوق السوداء.

وقال الخبير المصرفي، عبد الله نورالدين، لـ"العربي الجديد": لا يمكن استقرار حال اقتصاد السودان إلا بالإنتاج والاستفادة من الإمكانيات الزراعية الكبيرة، فالمخرج الأساسي لتحسن الوضع في البلاد هو ضبط أسعار سعر الصرف وتوفير عملات أجنبية لتلبية الاحتياجات المتزايدة، وهذا لا يمكن تحقيقه إلا بالإنتاج.

وتوقع متعاملون في سوق النقد الأجنبي أن تشهد الأيام المقبلة ارتفاعا أكبر في أسعار العملات الأجنبية، ولا سيما الدولار مع تزايد الطلب العالي عليه وعدم قدرة البنك المركزي على توفير الكميات الكافية للمستوردين والأفراد.

وكان وزير المالية، إبراهيم البدوي، أعلن أخيرا، عن خطة لإنعاش الاقتصاد السوداني بعد التوافق مع المجتمع الدولي على خارطة طريق تبدأ ببرنامج لإعادة التأهيل عبر تقديم دعم مالي للبلاد.

الخبير المصرفي، عثمان التوم، يقول لـ"العربي الجديد": لا بد من وضع تصور كامل للتعامل مع النقد الأجنبي من قِبل الحكومة الانتقالية والاستفادة من تحويلات ومدخرات المغتربين.

ويتابع: كل من يحتاج الدولار إذا لم يجده في المصارف يلجأ إلى السوق السوداء، الأمر الذي يعقد من أزمة النقد الأجنبي.

ومن جانبه، يؤكد الخبير المصرفي، محمد عبد الرحمن أبو شورة، لـ"العربي الجديد" أن المؤشرات الاقتصادية في البلاد لم تتحسن، كما أن صادرات السودان لا تزال ضعيفة. وأضاف أن التجار يحتسبون سعر الدولار عند استيراد السلع بما لا يقل عن 100 جنيه لتوقعاتهم بتواصل ارتفاع أسعار العملة الأميركية حتى لا يتكبدوا خسائر باهظة.

ويطالب أبو شورة بمراجعة معدلات التضخم، في ظل اعتماد الحكومة على طباعة العملة التي تؤدي إلى مواصلة التضخم ارتفاعه، ما يفاقم معيشة المواطنين.

وتزايدت مخاوف المواطنين من زيادة الأعباء الحياتية، في ظل ضغوط تتعرض لها الحكومة من صندوق النقد الدولي الذي يعتبر رفع الدعم أحد المتطلبات الأساسية للتعاون مع السودان لكي يمده بتمويلات تساهم في مساندة اقتصاده.

ورغم تأكيد رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، في تصريحات صحافية سابقة، عدم الإقبال على رفع الدعم عن السلع الأساسية (الوقود والدقيق والدواء) دون موافقة الشعب السوداني، إلا أن تصريحات عدد من المسؤولين جاءت عكس ذلك.

وكانت قوى إعلان الحرية والتغيير أعلنت رفضها القاطع لأي خطوة من الحكومة، من شأنها رفع الدعم عن السلع الاستراتيجية لكونها تزيد من معاناة المواطنين.

وقال الاقتصادي محمد الناير، لـ"العربي الجديد" إن الاقتصاد السوداني لم يصل إلى مرحلة التوازن حتى الآن، ولم تتحسن مصادر الدخل الأجنبي، الأمر الذي تسبب في انخفاض سعر الجنيه أمام العملات الأجنبية.

وأضاف أن المتعاملين في السوق السوداء يشعرون بأن الدولة حتى الآن لا تمتلك احتياطيا كافيا يمكنها من تحقيق استقرار سعر الصرف.

وطالب بأن تكون تصريحات المسؤولين والخطاب الإعلامي الاقتصادي متوازنة، ولا يتم الإعلان عن أي مصادر للنقد الأجنبي إلا إذا تَحققت بالفعل.

المساهمون