الكرك... وقفة مراجعة

21 ديسمبر 2016
كانت القوى الأمنية أمام تحدّيات عدة (خليل مزرعاوي/فرانس برس)
+ الخط -

الأحداث الخطيرة والصادمة التي شهدتها مدينة الكرك الأردنية مطلع الأسبوع واستمرت يومين طويلين، اشتبك خلالها مسلحون ينتمون لتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) مع قوات الأمن، يجب أن لا تكون صفحة تطوى بعد عودة الهدوء إلى المدينة.

الاشتباكات التي قتل خلالها 11 رجل أمن، ومدنيان، وسائحة كندية، وانتهت بمقتل خمسة إرهابيين، تكشف الغطاء عن تخبّط أجهزة الدولة، وضعف قدرتها على الاستجابة السريعة مع أحداث مشابهة، وكذلك تواضع الجهد الاستخباري، كما تضع علامة استفهام على شعار الأمن والأمان الذي طالما اشترت فيه السلطة صمت المواطنين على فقرهم.

التخبّط الرسمي رافق الأحداث منذ انطلاقها، وإن آثر الأردنيون الصمت خلال سير العملية الأمنية، فلحرصهم على عدم تشتيت الجهود أو بث الهلع وتعميق أزمة الثقة في ظرف استثنائي، والآن فإن لا أحد يمكنه لومهم مهما كان حجم النقد الصادر عنهم.

على السلطة اليوم أن تقف طويلاً، وتمتلك الشجاعة للإجابة على جميع التساؤلات، وتأخذ المبادرة لمحاسبة المقصرين من دون مجاملة او محاباة. أولاً، الصدفة التي كشفت الخلية تكشف في الوقت ذاته عن خلل في الجهد الاستخباري والمتابعة الأمنية لمشتبهين يمتلكون تاريخاً من الاعتقال والسجن والتشدد، كما هم أفراد الخلية.

ثانياً، إن انتقال أفراد الخلية الآمن لمسافة تقترب من 50 كيلومتراً من مكان اكتشافها حتى مركز المدينة حيث مسرح الاشتباكات، يثير غياب وضعف المتابعة وسرعة الاستجابة. ثالثاً، نفدت الذخيرة من مركز أمن المدينة، واستنجد الأمن بالمدنيين لتوفير الذخيرة. وهو ما يجعل قيادات الأجهزة الأمنية ملزمة بالإجابة عن ضعف الاستعداد بالسلاح، في بلد مستهدف.

كلها أسئلة مشروعة، والخطيئة أن تواصل السلطة استراتيجية الإهمال، وعدم سماع صوت المواطنين، ومشروع لهم السؤال عن أسباب تضارب التصريحات بين الأجهزة الأمنية والإدارات السياسية، وكذلك أسباب غياب التلفزيون الوطني عن مواكبة الحدث، ما جعل المشاهدين يعتقدون أن الأردن خارج نطاق تغطيته، قبل أن يستفيق متأخراً، ومتأخراً جداً.

الاعتراف بالأخطاء ليس دليل عجز، ومحاسبة المقصرين ليست فعل انتقام، ذلك بداية لتصويب أوضاع مختلة، تراكمت عبر سنوات ماضية، جعلت البلد حقل تجارب لمسؤولين ليسوا ناقصي الوطنية بالضرورة لكن تنقصهم الخبرة والفهم العميق لمصالح الدولة وقضايا المواطنين.

المساهمون