الكرد والحرب على داعش
ما حصل في جلسة مجلس الأمن حول محاربة داعش من دون تحديد النطاق الجغرافي، وقرار جامعة الدول العربية محاربة داعش، يؤكدان ملامح بروز تكتل دولي، عربي، كردي للقصاص من داعش. ولقد تمحور الدعم الدولي لكردستان العراق ضد داعش على ثلاثة محاور: الأول كان دعماً إغاثياً وإنسانياً غير محدود، الثاني دعم بالعتاد والسلاح والمعدات الحربية وبكميات ضخمة، الثالث كان عبر طلعات ومساندة جوية لقوات البشمركة البرية. والملاحظ من المحاور الثلاث أن المد اللوجستي الغربي البري غير موجود إلا عبر خلية صغيرة للتخطيط، أما الزج بعناصر أجنبية غربية في المعركة فهو أمر لم يكن وارداً ولن يكون وراداً في سورية أيضاً.
كثُرت الدعوات إلى الكتائب المسلحة المعارضة للنظام السوري للتجمع تحت راية الجيش الحر، للاستعداد للمرحلة المقبلة، وسد الفراغ الأمني الذي سيسببه القضاء على داعش في الرقة ودير الزور وقسم من حلب. وإضافة إلى ألوية الجيش الحر، فالقوات العسكرية المعارضة للنظام السوري في الشمال السوري، هي الأخرى، أبدت استعدادها للتوحد والعمل معاً لطرد داعش، إضافة إلى العشائر السنية المناوئة والحاقدة على داعش، بسبب تصرفاتها وسيطرتها على قراها ومناطقها.
تم إيواء جميع الكرد المنشقين عن الجيش السوري، وافتتاح معسكرات تدريبية لهم في مناطق مختلفة من كردستان، تحت اسم معسكرات بشمركة روج افا. تلك القوات تشارك، اليوم، إلى جانب البشمركة في حربها ضد داعش في كردستان العراق. وأثبتوا فعاليتهم وشجاعتهم، وخصوصاً في معركة سد الموصل. وستكون من ضمن قوات الحلف الدولي ضد داعش، وبذلك ستكون قوات بشمركة روج افا مكلفة بحفظ الأمن والسلام في المناطق الكردية، بعد المشاركة في حربها ضد داعش في الرقة ودير الزور.
وسيجد الكرد أنفسهم مضطرين للمشاركة في هذه الحرب ضد داعش، للتأصيل العملي للمشاركة الكردية في الثورة من جهة، ومن جهة ثانية هذه القوات هي قوات كردية سورية، ولا بد لها أن تشارك إلى جانب القوات السورية المعارضة ضد داعش. والجيش الحر هو من سيخلف داعش في الرقة ودير الزور، وسيكون هناك فصل بين المناطق الكردية وباقي سورية عبر الجيش الحر في كل من دير الزور والرقة.
استرداد المعارضة مناطق مثل دير الزور والرقة وقسم من حلب، إضافة إلى دخول المناطق الكردية تحت سيطرة البشمركة سيخلق حالة جديدة لموازين القوى على الأرض، ومن نتائجه انحسار قوة النظام في المناطق الشرقية والشمالية، والمناطق الكردية بالكامل، وحينها من الممكن جداً تأمين منطقة حظر طيران، أو ملاذ آمن للسوريين.
من جهة أخرى، حدوث مثل هكذا تغيرات وتبدلات على صعيد موازين القوى والقوى الميدانية، فإن الحزب الديمقراطي الكوردستاني-سورية، الحليف المباشر والقوي، للحزب الديمقراطي الكوردستاني- العراق، بزعامة مسعود البرزاني، سيكون هو الآخر أمام تحديات قوية جديدة، قد تكون بداية تغيرات في آليات العمل والتطبيق الفعلي الميداني، هذا إن لم يصل الأمر حد حدوث تغيرات على مستوى آخر.