الكرادة... عروس بغداد تتحول إلى معقل للمليشيات

15 يناير 2018
كانت قبلة للمتنزهين والزوار قبل الاحتلال الأميركي (واثق خزاعي/Getty)
+ الخط -




لا يبدو حي الكرادة، وسط بغداد، والذي كان يتميز بأغلبيته المسيحية قبل الاحتلال الأميركي عام 2003، على هذه الشاكلة اليوم، بعد أن غزته تجمعات الأحزاب ومقرات المليشيات، لتحوله من قبلة يؤمها المتنزهون والمتبضعون، إلى مكان كئيب يخلو من مظاهر الحياة بعد الساعة العاشرة ليلًا.

"الكرادة أصبحت مدينة غير صالحة للعيش لأسباب عدة، أبرزها التضييق الذي تمارسه القوات الأمنية على الداخلين إلى الحي، فضلًا عن تخوف المواطنين من التوجه للكرادة التي تستهدفها التفجيرات بين الحين والآخر"، هكذا يقول حسن الحلفي، الذي يمتلك محلًا تجاريًا في مجمع الهادي، حيث وقع التفجير الإجرامي الذي أودى بحياة المئات منتصف عام 2016.

ويضيف في حديثه لـ"العربي الجديد": "أما السبب الأهم، فيتمثل في الوعود الكاذبة التي أطلقها مسؤولون وسياسيون بشأن إعمار المباني التي خربتها التفجيرات  وتعويض أصحابها"، مبينًا أن محله ما يزال مغلقًا منذ أكثر من عامين ونصف.

يشار إلى أن حي الكرادة كان قد تعرض لهجمات متكررة بسيارات مفخخة، أبرزها التفجير الدامي الذي طاول تجمعًا تجاريًا وأسفر عن مقتل وإصابة أكثر من 500 عراقي، ما دفع وزير الداخلية العراقي السابق، محمد الغبان، للاستقالة من منصبه.


أما المعلم المتقاعد، أحمد صبحي (75 عاما) فينتقد الأوضاع في الكرادة من زاوية أخرى، موضحًا لـ"العربي الجديد" أن المنطقة تحولت إلى قبلة للمليشيات والأحزاب.

ويضيف: "إذا بحثت عن مقر لمليشيا، أو مبنى لحزب، أو مكان حركة تابعة للقوى السياسية المتنفذة، فإنك ستجده في الكرادة"، مبينًا أن الحياة أصبحت مقيدة بشكل كبير هناك.

ويتابع: "يقع منزلي خلف حسينية في الكرادة، كانت غالبًا ما تشهد مراسم عزاء لقتلى الحشد، وهو أمر كان يضايق السكان كثيرًا بسبب الإجراءات الأمنية المكثفة التي تفرض حين يحضر قادة بالمليشيا"، موضحًا أن الكرادة أصبحت شبه خالية من سكانها الأصليين من المسيحيين.

ويلفت إلى أن جميع سكان بغداد، والمحافظات القريبة، كانوا يأتون إلى الكرادة من أجل النزهة والتبضع قبل عام 2003، مؤكدًا أن الوضع انقلب تمامًا اليوم بعد أن تحولت المنطقة إلى مكان مهجور تملؤه الكتل الكونكريتية، وصور قتلى الحرب، وتنعدم فيه الحياة بعد الساعة العاشرة ليلًا.

شارع الكرادة الرئيسي، الذي كان مزدحمًا بشكل لا يحتمل، أصبح فارغًا اليوم بسبب الخشية من التفجيرات التي كانت تحدث فيه بشكل شبه يومي، بحسب علي فارس، وهو سائق سيارة أجرة، يحرص دائمًا على تجنب المرور بالشارع إلا للضرورة، كما يقول.

ويضيف: "أما خلال الليل، فإني لن أتوجه إلى شارع الكرادة بسيارتي مهما كانت الظروف، لأن الاستهداف قد يحدث هناك في أية لحظة"، مبينًا أن الأمر الآخر الذي يشوه الشارع هو الانتشار غير المبرر لسيارات المليشيات وحمايات المسؤولين التي تسير هناك وهي تطلق منبهات السيارات بشكل مزعج، مرة للتباهي، وأخرى من أجل فتح الطريق أمامها من قبل المارة.

دلالات
المساهمون