الكاظمي في واشنطن: شروط فك التبعية عن إيران

19 اغسطس 2020
يخشى الكاظمي إثارة أزمات بوجهه في الداخل (الأناضول)
+ الخط -

يحمل رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي ملفات مهمة وحساسة، في زيارته الرسمية إلى واشنطن التي وصل إليها في ساعة متأخرة من ليلة أمس الثلاثاء، على رأس وفد وزاري رفيع، في مهمة تستغرق يومين ويلتقي خلالها الرئيس الأميركي دونالد ترامب. ومن المقرر أن تبدأ اليوم الأربعاء لقاءات الوزراء والمسؤولين العراقيين المرافقين للكاظمي مع نظرائهم الأميركيين في مبنى الخارجية الأميركية، حيث ستنطلق جولة الحوار الاستراتيجي الثانية، والتي ستتناول ملفات سياسية وأمنية واقتصادية مختلفة، وسط توجس من حلفاء طهران السياسيين والأذرع المسلحة الموالية لها في العراق من هذا الزيارة. وبحسب بيان صدر عن مكتب رئيس الحكومة، فإن الكاظمي سيلتقي ترامب يوم غد الخميس، وستجرى خلال اللقاء مباحثات بشأن تعزيز العلاقات الثنائية بين بغداد وواشنطن، إلى جانب مناقشة التطورات الراهنة على الساحة الإقليمية، وبحث القضايا ذات الاهتمام المشترك. وأضاف البيان أن "الكاظمي سيعقد خلال زيارته محادثات مع كبار المسؤولين الأميركيين، تتضمّن بحث العلاقات الثنائية بين البلدين، وتعزيز التعاون المشترك في مجالات عديدة، في مقدمتها الأمن والاقتصاد والصحة، وغيرها من القطاعات".

وقال مسؤول في مكتب رئيس الوزراء العراقي، لـ"العربي الجديد"، إن الكاظمي يدرك أن الأميركيين لن يعطوه شيئاً بلا مقابل على خلاف ما جرت عليه العادة في إدارة الرئيسين باراك أوباما وجورج بوش الابن، في إشارة إلى الملفات التي يحملها الكاظمي بزيارته إلى واشنطن.
وأوضح المسؤول، الذي يرافق رئيس الحكومة في زيارته، أن الكاظمي "لديه تصور كامل عما يريده الأميركيون من العراق وهو ملف إيران والفصائل المسلحة الناشطة في البلاد، لذا فالمعادلة صعبة للغاية بالنسبة لرئيس الحكومة"، مضيفاً أن "المباحثات ستتناول عدة ملفات، أبرزها الوجود العسكري الأميركي في العراق، وهيمنة المليشيات وضرورة إخلائها المدن التي تحتلها منذ سنوات، وملف تعزيز الاستقرار في المدن المحررة، وحماية الأقليات الدينية، وإجراء انتخابات مبكرة في العراق، فضلاً عن الربط الكهربائي للعراق مع الخليج بما يساعد في فك ارتباط العراق بإيران في ملفي الكهرباء والغاز"، لافتاً إلى أن هناك اجتماعات ستعقد بشكل خاص بين الكاظمي ومسؤولين أميركيين قبيل لقائه ترامب لبحث وترتيب أوراق اللقاء.
ورجح أن تنتهي الزيارة بنتائج مهمة لكن من دون حسم ملف الوجود الأميركي في العراق، بسبب حساسية ذلك وعلاقته بالصراع الأميركي الإيراني في المنطقة، فضلاً عن وجود رأي مختلف لقوى سياسية عراقية ترفض الانسحاب الأميركي من البلاد تخوفاً من تمدد إيراني أكبر.

الكاظمي أبلغ الأميركيين أنه رئيس حكومة مؤقتة بعمر لا يتجاوز الـ14 شهراً وبمهام محدودة
 


في غضون ذلك، علمت "العربي الجديد" أن الكاظمي أبلغ الأميركيين بأن بعض الملفات المهمة تحتاج لحكومة دائمة وفترة زمنية مناسبة لإنجازها، لا سيما الملف المتعلق بالإيرانيين ونفوذهم في العراق، في محاولة منه للإفلات من أي أزمات قد تثار في وجهه عند عودته إلى بغداد من قبل حلفاء طهران. وبحسب مسؤول مقرب من الكاظمي، فإن الأخير أبلغ السفير الأميركي في بغداد ماثيو تولر، خلال اجتماع بينهما في بغداد قبل الزيارة، أنه رئيس حكومة مؤقتة بعمر لا يتجاوز الـ14 شهراً على أبعد تقدير، وبمهام محدودة أبرزها إنجاز الانتخابات وتجاوز الأزمتين الصحية والمالية اللتين تعصفان بالبلاد، في خطوة تستبق أي ضغوط أو إملاءات أميركية قد تسبّب أزمة له مع المعسكر الحليف لإيران.

من جهته، قال المتحدث باسم تحالف "عراقيون"، بزعامة عمار الحكيم، النائب حسين عرب، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، إن "أبرز ما سيناقشه الكاظمي خلال زيارته إلى واشنطن هي ملفات أمنية واقتصادية وملف النفط والغاز، وتسليح القوات الأمنية العراقية وتدريبها"، معتبراً أن زيارة الكاظمي مهمة جداً لترتيب أوضاع العراق، خصوصاً في ما يتعلق بالوضع المالي الخانق، كما أن الكاظمي وطاقمه الحكومي المختص سيركز خلال الزيارة على استخراج الغاز من قبل شركات أميركية، وهناك شبه اتفاق وتوافق نهائي على حسم هذا الملف خلال الزيارة، وهذا أمر مهم جداً لتنويع موارد الدولة. وأضاف أن "ملف التواجد الأميركي في العراق، سيكون من ضمن محاور نقاش الكاظمي مع الإدارة الأميركية، فمن مصلحة العراق وأميركا أن تكون هناك صورة حقيقية لمعرفة عدد تلك القوات والقواعد التي تتواجد فيها".

أما القيادي في الحزب "الديمقراطي الكردستاني" ماجد شنكالي، فقال لـ"العربي الجديد" إن زيارة الكاظمي إلى واشنطن ستكون لها انعكاسات كبيرة داخل العراق خصوصاً مع وجود معلومات بأن الإدارة الأميركية ستقدم دعماً كبيراً للعراق، مقابل إبعاده عن إيران وتقويض نفوذها. ورأى شنكالي أن الكاظمي "قد يقبل بالكثير من الشروط الأميركية مقابل حصوله على الدعم الأميركي كونه يدرك استحالة عبور الأزمات الحالية من دون دعم دولي كبير له، وهذا الدعم يأتي بعد دعم واشنطن لبغداد"، متوقعاً بعد عودة الكاظمي إلى بغداد "أن تكون هناك سياسة وإدارة جديدة لحكومته، خصوصاً في ما يتعلق بالتعامل الخارجي مع طهران أو التعامل مع نفوذها المسلح داخل العراق، ومن غير المستبعد أن نشهد بعض التصعيد بين الكاظمي وحلفاء طهران على مختلف الجبهات، إذا ما تلقى دعماً أميركياً كبيراً".

الهدف الأميركي من استقبال الكاظمي هو إبعاد العراق عن إيران
 


في المقابل، قال رئيس مركز التفكير السياسي في العراق، إحسان الشمري، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "توقيت زيارة الكاظمي إلى واشنطن قد لا يدفع إلى انعكاسات كبيرة في نتائجها على الداخل العراقي، مع قرب الانتخابات الرئاسية الأميركية"، موضحاً أن "الهدف الأميركي من استقبال الكاظمي هو إبعاد العراق كثيراً عن إيران، ولهذا ستضغط واشنطن عبر الكثير من الملفات، منها إعادة توصيف ومهام القوات الأميركية في العراق، بمعنى أن لا انسحاب لها". وأضاف الشمري أن "الولايات المتحدة سوف تضع خلال زيارة الكاظمي، التزامات وخارطة طريق لما يمكن أن يثبت مبدأ الدولة المقربة وحكومة الضد، ولهذا نعتقد أنه سيكون هناك بعض الانعكاسات على الداخل العراقي"، لكنه لفت إلى أن رئيس الوزراء العراقي "لا يريد أن يخلق أزمات سياسية داخلية، فهو يدرك جيداً أن بعض الملفات حساسة، وهي تمثل جزءاً من المصالح الإيرانية في العراق وحتى على مستوى المنطقة، ولهذا هو يسعى إلى حل وسط في الملفات التي سيناقشها ويتفاوض عليها في واشنطن". وتابع أن "المنطقة الوسط قد لا تلبي طموحات الرئيس الأميركي أو ما يطلبه من التزامات، في الوقت نفسه لا يستطيع الكاظمي إعطاء أي وعود على مدى طويل، أو يوقّع على إملاءات أميركية، ولهذا قد لا نشهد تغييراً كبيراً بعد زيارة الكاظمي إلى واشنطن".

المساهمون