القوات الأميركية في مطار بغداد عنوان لسجال جديد

08 مايو 2019
يعاني المواطنون العراقيون للوصول إلى المطار (صباح عرار/فرانس برس)
+ الخط -
يعود ملف مطار بغداد الدولي والتجاوزات التي تحدث فيه إلى الواجهة في العراق، بعد إعادة التركيز على قضية انتشار القوات الأميركية فيه ومطالبة نواب الحكومة العراقية بفتح الطريق المؤدي إلى المطار أمام المواطنين بشكل طبيعي، على غرار افتتاح أجزاء من المنطقة الخضراء الحكومية بعد رفع الكثير من الحواجز التي كانت تحيط بها إثر استلام عادل عبد المهدي رئاسة الوزراء في أكتوبر/تشرين الأول 2018.

وعاد السجال بشأن المطار، بعدما قال عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان عدنان الأسدي، في مقابلة تلفزيونية في مارس/آذار الماضي، إن قوات التحالف الدولي موجودة في المطار. ولفت إلى أن لكل دولة مشتركة في التحالف الدولي (بما فيها أميركا) مهبطاً خاصاً بها داخل المطار، كاشفاً عن أن جزءاً من مطار بغداد يُسمى "مطار النصر"، متحدياً أي مسؤول عراقي الوصول إلى "مطار النصر". في المقابل، قال عضو تيار "الحكمة"، علي الرفيعي، إن قوات التحالف الدولي، ومن بينها الأميركية، موجودة في مطار بغداد، مؤكداً لـ"العربي الجديد" أن التحالف الدولي يعمل بمباركة السلطات العراقية.

ويحمل مطار بغداد الدولي ذكريات مرتبطة بالاحتلال الأميركي للعراق عام 2003، إذ تمكّنت القوات الأميركية في إبريل/ نيسان من العام ذاته من السيطرة على المطار بعد معارك ضارية مع الجيش العراقي استمرت عدة أيام، بعدها دخل الجنود الأميركيون إلى بقية أحياء العاصمة. وبعد الاحتلال، اتخذت القوات الأميركية من الجزء الغربي للمطار مقراً لها، وبدأت تدرب جنوداً عراقيين فيه، حتى الإعلان عن الانسحاب الأميركي من العراق عام 2011، بعدذاك غاب الحديث عن الوجود العسكري الأميركي في مطار بغداد، حتى أطلق الأسدي تصريحاته التي كشف فيها عن هذا الوجود ضمن إطار التحالف الدولي. ويتزامن الحديث عن وجود قوات دولية وأميركية في هذا المطار مع جهود لتحالف "البناء" المدعوم من إيران لإخراج القوات الأجنبية من العراق، ويؤيده في ذلك نواب من تحالف "سائرون" التابع للتيار الصدري.


ولا تقتصر مشاكل مطار بغداد الدولي على جدل وجود قوات أجنبية وأميركية في جزء منه، وفقاً لما يؤكده أحد الموظفين العاملين في المطار، الذي قال لـ"العربي الجديد" إن المواطن العادي يعاني منذ 2003 كثيراً للوصول إلى المطار، في حين أن المسؤولين والسياسيين لهم أماكن دخول خاصة. وأضاف: "منذ عام 2003 والمطار مغلق أمام سيارات المواطنين"، لافتاً إلى أن على المسافر ترك سيارته بمسافة تبعد نحو 15 كيلومتراً عن المطار، ويدخل بمركبات خاصة إلى المطار، ما يكبّده دفع مبالغ مرتفعة تتجاوز الـ50 دولاراً أميركياً، فضلاً عما يعانيه في 5 نقاط تفتيش صعبة عليه تجاوزها.
أما بالنسبة إلى المسؤولين والسياسيين وقادة الأحزاب، فقال الموظف: "إنهم يدخلون بمواكبهم وأسلحتهم وحماياتهم إلى داخل المطار لأن لديهم شارات مرور خاصة تتيح لهم ذلك"، لافتاً إلى أن أماكن دخولهم وخروجهم وجلوسهم في المطار تختلف أيضاً عن بقية أفراد الشعب.

من جهته، أكد مصدر أمني داخل المطار لـ"العربي الجديد" أن إجراءات الحصول على إذن للوصول إلى باب الدخول المباشر، صعبة جداً ومعقّدة، وهذا الإذن غالباً ما يُمنح بناء على توصيات من جهات سياسية وأمنية نافذة. وأشار إلى أن الحصول عليه بالطرق الرسمية أمر غير ممكن لغير العاملين في المطار، "بالإضافة إلى من لديه واسطة".

التضييق الذي يُمارَس على العراقيين عند بوابات مطار بغداد، دفع برلمانيين لمطالبة عبد المهدي بوضع حد له. ودعا عضو البرلمان عن تحالف "سائرون" علاء الربيعي، رئيس الحكومة إلى فتح الطريق المؤدي إلى المطار، قائلاً في بيان: "كما تم افتتاح المنطقة الخضراء بقرار شجاع، ندعوك لفتح طريق المطار". والعام الماضي، تحدثت لجنة الخدمات في البرلمان عن وجود شبهات فساد بشأن عمل مطار بغداد، مطالبة بإبعاد هذه المؤسسة عن المزايدات السياسية. وأوضحت أن كل العقود في المطار محل بحث وجدل، وتحتاج إلى إعادة نظر، مؤكدة وجود إرادات سياسية معرقلة للعمل الرقابي تمنع متابعة بعض الملفات وتدقيقها.

وتعليقاً على ذلك، قال المحلل السياسي حسان العيداني، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن مطار بغداد يمثّل واجهة العراق الأهم للعالم، وإقحامه في الصراعات السياسية يضر بسمعة العراق في الخارج. ولفت العيداني إلى أن على الحكومة أن تكون شفافة وواضحة بشأن حديث الأسدي الذي كشف فيه عن وجود أماكن خاصة لقوات التحالف الدولي في المطار، مشيراً إلى أن تأكيد هذه الأنباء قد يوقع السلطات العراقية في حرج، لأنها تمنح فسحة للأجانب في وقتٍ تضيّق على العراقيين. ورأى أن الحكومة التي تمكّنت في فترة قياسية من فتح أجزاء من المنطقة الخضراء، ورفع أعداد كبيرة من الحواجز من بغداد، ليست عاجزة عن فتح المطار أمام المواطنين، لكنه اعتبر أن هذا الأمر لا يمكن أن يتم ما لم تقم الحكومة بإبعاد ملف المطار عن التجاذبات السياسية.

المساهمون