القوات الأميركية غربي العراق: تدريب ورصد جوي ومهام أخرى

09 نوفمبر 2018
يواصل الجيش الأميركي تعزيز وجوده (واثق خزيع/فرانس برس)
+ الخط -
يعزز الجيش الأميركي قدراته في قاعدتي التقدم، 25 كيلومتراً شرق الفلوجة، وعين الأسد، 200 كيلومتر غرب الرمادي، عاصمة محافظة الأنبار المحلية والقريبة من الحدود السورية والأردنية مع العراق، على الرغم من أن الوضع الأمني في الجزء الغربي من العراق حيث تقع محافظة الأنبار، لا يتطلب وجود المزيد من القوات العسكرية كما كان عليه الحال قبل نحو عام من الآن. ويضاف إلى ذلك أن الجيش العراقي وقوات الشرطة توجد وتنتشر في مناطق عدة هناك بواقع 38 ألف عنصر أمن وجيش عدا عن قوات الحشد وقوات العشائر. 

وتؤكد مصادر عسكرية عراقية في بغداد والأنبار، أن القوات الأميركية عززت قواتها الموجودة في المحافظة بآليات قتالية مختلفة، ونفذت عمليات توسعة وتطوير للبنى التحتية الموجودة في المعسكرين (التقدم وعين الأسد)، بما فيها بناء ملاجئ ومرابض طائرات ومدارج هبوط لها أيضاً. وتشكل المحافظة ما نسبته ثلث مساحة العراق الإجمالية البالغة قرابة النصف مليون كيلومتر مربع.


ووفقاً لمسؤول عسكري عراقي رفيع المستوى في الأنبار، تحدث مع "العربي الجديد"، فإن تجهيزات ووضع القوات الأميركية في الأنبار لا يشير إلى أن هناك أي نوايا لها بقرب الانسحاب من العراق. ولفت إلى أن الأميركيين يتشاركون فعلياً مع الجيش العراقي القاعدتين العسكريتين في الأنبار، لكن عملياً هم منفصلون، بمعنى قاعدة داخل قاعدة. ولفت إلى أن القوات الأميركية في كلتا القاعدتين لم تعد تشارك بأي أنشطة قتالية مباشرة ضد تنظيم داعش. ويتركز عملها حالياً "على ثلاثة أمور، وهي الرصد والمراقبة الجوية وتدريب القوات العراقية وبرنامج مدني لمساعدة المدن المحررة في إقامة بعض المشاريع الإنسانية".

وبحسب المسؤول العسكري العراقي، فإن "الأميركيين يعكفون حالياً على تدريب قوات من الجيش العراقي ضمن برنامج تدريب واسع يهدف لتأسيس قوة شبيهة بوحدات الكوماندوس الأميركية، تكون متخصصة بعمليات خاصة، مثل استهداف قيادات إرهابية خطرة وتحرير رهائن وتنفيذ عمليات نوعية في بيئات مختلفة داخل العراق وفي سورية أيضاً". وأوضح أن "القوات التي يتم تدريبها تعتبر من النخبة، وأن التدريب يحقق أهدافه لجهة المهارات التي يكتسبها الجندي بفعل هذه الدورات، لذلك نجد أنها برامج مهمة للغاية".
القيادي في قوات العشائر (حشد العُبَيد)، إسماعيل نجم العبيدي، قال في حديث مع "العربي الجديد"، إن هذه القوات تعقد اجتماعات ولقاءات مع الأميركيين بعلم الحكومة والجيش العراقي، والهدف منها هو الدعم وضمان عدم ولادة أي بؤرة تطرف جديدة. وأضاف "بالنسبة لنا كحشد عشائري ننظر للأمور من ناحية أمنية ونقول إن الوضع هشّ. وجود الجيش الأميركي ضروري لنا. لكن بالنسبة لفصائل الحشد الشعبي فإنها تأخذ الأمور من ناحية سياسية ترتبط بأجندات خارجية ولا علاقة لنا بذلك، لكننا نتحدث عن معطيات موجودة على الأرض".

ووفقاً لمسؤولين في وزارة الدفاع العراقية، فإن القوات الأميركية في غرب وشمال العراق تزود الوحدات البرية العراقية بشكل مستمر بصور جوية وخرائط لتحركات الجماعات الإرهابية في المناطق الحدودية بين العراق وسورية. وبحسب المصادر نفسها، فإن الضربات الأخيرة التي نفذتها الطائرات العراقية داخل مناطق سورية حدودية كانت بناءً على معلومات أميركية مستندة إلى صور جوية وخرائط تحدد مواقع ومقرات تنظيم داعش في البادية السورية المجاورة للعراق.

ونشرت وزارة الخارجية الأميركية، الاثنين الماضي، على حسابها باللغة العربية في موقع "تويتر"، صوراً تظهر نشاط القوات الأميركية الموجودة في العراق في أحد مراكز المراقبة قرب بغداد.
وبحسب الصور التي نشرها حساب الخارجية الأميركية على موقع "تويتر"، ظهر جنود أميركيون ضمن قوات التحالف الدولي وهم يقومون من خلال مركز مراقبة، برصد المنطقة المحيطة من أجل القيام بالتحركات العسكرية وذلك قبل البدء بتمرين عرض القوة في مجمع بسماية، جنوب بغداد.
وقال أعضاء في كتل سياسية برلمانية موالية لإيران في العراق إن القوات الأميركية تعمل منذ مدة على إبعاد الحشد الشعبي عن الحدود السورية العراقية.
وذكر حسن شاكر، وهو نائب عن تحالف "الفتح" في البرلمان العراقي، الجناح السياسي لمليشيات الحشد ويتزعمه هادي العامري، أن "الولايات المتحدة تحاول منذ فترة، وبشتى الطرق، إبعاد قوات الحشد الشعبي عن منطقة الحدود العراقية السورية لأسباب عدة، وأبرزها قرب هذه المنطقة من الأراضي الفلسطينية المحتلة والكيان الإسرائيلي"، وفقاً لتصريح أوردته وكالة أخبار محلية عراقية. واعتبر أن الحشد الشعبي هو "لحماية العراق فقط"، في إشارة إلى عدم تدخله بملفات أخرى خارج العراق.

في المقابل، قال النائب عن تحالف البناء، حسين سعيد، في تصريحات صحافية، إنّ موضوع إخراج القوات الأميركية من العراق سيطرح بشكل رسمي داخل البرلمان في القريب العاجل، من أجل تفويض الحكومة باتخاذ الإجراء اللازم لإخراج تلك القوات، خصوصاً بعد انتفاء الحاجة لوجودها. وأوضح أن رئيس الحكومة عادل عبد المهدي لا يرغب هو الآخر ببقاء تلك القوات، وسيكون البرلمان مفوضاً له للتباحث مع الأميركيين من أجل جدولة خروجهم.
وبحسب سعيد، فإن "الأيام المقبلة ستشهد فتح ملف وجود القوات الأميركية في العراق، وفي حال لم تمتثل واشنطن لقرارات بغداد بإخراج قواتها، فإن هناك خيارات عدة سيستعين بها العراق، وإحداها اللجوء إلى مجلس الأمن الدولي".
وأخيراً برزت قضية وجود القوات الأميركية في العراق كأحد أوراق الضغط الإيرانية التي تمارسها ضد الأميركيين في العراق من خلال الكتل البرلمانية التي تدين لها بالولاء. وفي السياق، كشفت كتلتا سائرون والفتح عن نيتهما تقديم مشروع قرار للبرلمان يتضمن إخراج كافة القوات الأجنبية من العراق، خصوصاً الأميركية.