القطار العربي

17 ابريل 2018
+ الخط -
هل توقف القطار العربي؟ هل وصل إلى محطته الأخيرة؟ هل أصابه عطب ما؟ سؤال يتردد بقوة في الشارع العربي، ولا يجد المواطن المنتمي لهذا الشارع من يجيبه عليه.
بعيدا عن الأدبيات العربية:
كونوا جميع يا بنيّ إذا اعترى/ خطب ولا تتفرقوا أحادا
تأبى العصي إذا اجتمعن تكسرا/ وإذا افترقن تكسرت أعوادا
وبعيدا عن الشعارات السياسية "أمة عربية خالدة ذات رسالة واحدة"، "من المحيط الهادر إلى الخليج الثائر"، "القومية العربية هي العمق الاستراتيجي لأية دولة عربية"، بعيدا عن هذا وذاك، يتساءل المواطن العربي: أين وحدة العرب؟ أين تماسكهم؟ أين قوتهم؟ أين قوميتهم؟ هل ما زالت القومية العربية مبدأ للجميع؟ هل ما زالت هدفا يسعون إليه؟ هل ما زال لها وجود؟
من حق المواطن أن يسأل، ومن حقه أن يجد من يجيبه، فهل يمكن، مثلا، أن يطلب من الأمين العام لجامعة الدول العربية أن يجيبه؟ هل يمكن أن يطلب من قمة القدس أو قمة سورية أو لبنان من قبلها، أو أي من القمم العربية ال 29 السابقة، هل يمكن أن يجيب أحد عن سؤال المواطن العربي في كل مكان؟ هل ما زال هناك من يؤمن أصلا بدور جامعة الدول العربية في حل الأزمات والخلافات العربية؟ هل يوجد من يعتقد بقدرة الجامعة أو القمم العربية على تسيير قطار القومية العربية؟ القطار الذي تستقله جميع الدول العربية، وإن اختلفت أماكنها، فهناك من يستقر في العربة الأولى، وهناك من يرضى بالجلوس في الأخيرة، وهناك من يصر على الوجود في عربة القيادة.
كانت القمة العربية في القاهرة 1970 آخر قمة شهدت تضامنا حقيقيا واتفاقا كاملا وحلا للأزمات القائمة آنذاك (الخلاف الأردني- الفلسطيني)، ومنذ ذلك التاريخ، لم تشهد القمم العربية اتفاقا شبيها (حدث تضامن عربي رائع في حرب أكتوبر 73 ووقف تصدير البترول للولايات المتحدة وأوروبا، ولكن كما نتذكر تم هذا بمبادرة فردية من الملك فيصل رحمه الله، ومن دون مؤتمر قمة ثم تبعته باقي الدول العربية). وتوالت الانقسامات بين العرب منذ النصف الثاني من السبعينات، وكانت جبهة الصمود والتصدي، ونقل مقر جامعة الدول العربية خير شاهد على ذلك، وكانت الطامة الكبرى يوم اختلف العرب حول أمر الغزو العراقي للكويت الذي لا يختلف عليه عقل ولا منطق ولا عدل، بعيدا عن السياسة والقوميات.
منذ السبعينات، لم يشعر المواطن العربي يوما بدور الجامعة، بل لم يشعر أساسا بوحدة العرب وقوتهم ودفاعهم عن قوميتهم الرشيدة ولم تنجح الجامعة في توحيد الآراء ورص الصفوف إلى الدرجة التي يتساءل معها المواطن: ألم يكن أجدى أن توجه ميزانية الجامعة ومؤتمرات القمة إلى دعم المواطن العربي مباشرة، ورفع مستوى معيشته والقضاء على الفقر والمعاناة الاقتصادية التي يعيشها يوميا.
وإذا كانت جامعة الدول العربية لم تنجح في توحيد الصفوف وتقديم الدعم الحقيقي للشعوب العربية (وهذا هو الهدف الأساسي من إنشائها كما ينص ميثاقها)، أفلا يحق للمواطن أن يتساءل بعد ذلك: هل توقف القطار ووصل إلى محطته الأخيرة أم لا؟
795B9830-8541-444B-B4A4-35AB0D11D51C
795B9830-8541-444B-B4A4-35AB0D11D51C
محمد لطفي (مصر)
محمد لطفي (مصر)