رجحت مصادر حكومية أن تعيد قضية الجثث التي كشفت في محافظة بابل الأسبوع الماضي، تحريك التحقيق مجدداً بملف المختطفين العراقيين الذي طوي قبل فترة قصيرة، وإنما شكلياً دون الوصول إلى تحديد الجهات المسؤولة عن عمليات الخطف والقتل، كونه من الملفات المحرجة والخطيرة، وربما يؤجج الصراع الطائفي في حال رفعت تلك الملفات إلى المحاكم الدولية.
ولم تتابع الحكومات العراقية ملف المختطفين، كما يلتزم القضاء جانب الصمت إزاء الملف، في وقت لا توجد فيه أي تحقيقات لكشف ملابساته. في حين يؤكد مسؤولون وجود 12 ألف مختطف عراقي منذ عام 2014.
وبحسب مسؤول حكومي، فإنّ "حادث الكشف عن عشرات الجثث الأسبوع الماضي أحرج الحكومة بشكل واضح حتى أن بعض القوى السياسية رأت أن إلغاء رئيس الحكومة عادل عبد المهدي مؤتمره الصحافي الأسبوع الماضي كان بسببها، حتى يتجنب الأسئلة المحتملة حولها".
وقال المسؤول لـ"العربي الجديد"، إنّ "الحكومة تعتبر نفسها غير مسؤولة عن ملف الجثث المجهولة وعمليات الخطف التي نفذت في السنوات الماضية من حكومتي نوري المالكي وحيدر العبادي، لكن الكشف عن الجثث قبل عدة أيام تسبب بضغوطات من قبل مسؤولين ونواب عن ضرورة متابعة الملف قانونيا".
وأكد "لا توجد أي نتائج أولية للتحقيق الذي فتح بعدد من قضايا عمليات الخطف، والتي أغلقت لاحقا، وهذا الموضوع بحد ذاته مقلق بالنسبة للقضاء والحكومة"، مبينا أنّ "هناك مباحثات تجري حاليا بين الحكومة والسلطة القضائية والنواب المطالبين بإعادة التحقيق بتلك العمليات، ورفعها إلى القضاء كي يأخذ دوره، غير أن الشارع بالوقت نفسه لن يكون مستعدا لقبول أي تحقيق تكون نتيجته تبرئة المليشيات من ملف الجثث المجهولة".
من جهته، دعا النائب في البرلمان العراقي عن تحالف "المحور"، مقداد الجميلي، الحكومة إلى "التحرك السريع والعاجل لكشف مصير المختطفين، من قبل المليشيات" مهددا بـ"اللجوء إلى المحاكم الدولية المختصة بجرائم الإبادة الجماعية، من أجل إطلاع العالم على ما يجري في العراق، في حال عدم تحرك الحكومة".
وأشار إلى أن "جرائم الخطف لا تختلف عن جرائم تنظيم داعش الإرهابي ضد الأبرياء، ولهذا سيكون لنا موقفاً شديداً، خلال الأيام المقبلة".
في الأثناء أكد النائب السابق، أحمد المساري أنّ "مفوضية حقوق الإنسان تتكلم عن 12 ألف مغيب ومختطف منذ 2014 حتى اليوم من مناطق شمال بابل وحزام بغداد وصلاح الدين ونينوى والأنبار وغيرها"، مبينا في تصريح متلفز أنّ "هذا العدد الكبير يجعلنا نخشى من أن تكون هناك تصفية للمختطفين والمغيبين وترمى جثثهم بنفس الطريقة التي رأيناها أخيرا في بابل".
وأكد أنّ "الموضوع دليل على أن ليست هناك دولة، نحن في اللادولة، والبلد محكوم من قبل جهات خارجة عن القانون وليست هناك سيطرة للدولة".
وشهد العراق على مدى السنوات السابقة أعمال خطف طاولت الآلاف من أبناء عدد من المحافظات، منها الأنبار وصلاح الدين والموصل وبغداد وديالى وكركوك، وشمال بابل، بدوافع سياسية وطائفية، بينما كشفت تحقيقات أولية عن تورط مليشيا "الحشد الشعبي" بأغلبها، لكن التحقيق بالملف أغلق.