القصة الكاملة لاحتجاز الموالين لطارق صالح في الضالع

13 فبراير 2018
يثير وجود طارق صالح في الجنوب استياء(فايسبوك)
+ الخط -
تتفاعل قضية احتجاز إدارة أمن محافظة الضالع، جنوبي اليمن، للعشرات من الجنود والضباط التابعين لطارق محمد عبدالله صالح، نجل شقيق الراحل علي عبدالله صالح، ورفض السماح لهم بالعبور إلى عدن حيث يوجد الأخير، تحت حماية ودعم الإمارات، ما يشكل اختباراً جديداً، ليس للنفوذ الإماراتي في جنوب اليمن فحسب، بل أيضاً للمجلس الانتقالي الجنوبي، الذي يدعو للانفصال، والمدعوم من أبوظبي، وخصوصاً أن عملية التوقيف ليست الأولى من نوعها، ما يؤشر إلى الأزمة الصامتة التي كانت الإمارات ومن خلفها المجلس الانتقالي يحاولان إخفاءها، باتت علنية ومفتوحة على احتمالات عدة.
وكانت القضية بفصلها الجديد قد بدأت تتكشف منذ يوم السبت الماضي عندما أكد مصدر أمني في إدارة الأمن بمحافظة الضالع، في تصريح خاص لـ"العربي الجديد"، أن إدارة أمن الضالع تحتجز ضابطاً وعسكريين تابعين لطارق صالح كانوا في طريقهم إلى العاصمة المؤقتة عدن. وطارق صالح وهو أبرز قيادات القوات الموالية لعمه قبل مقتله في ديسمبر/ كانون الأول الماضي على أيدي الحوثيين بعد تفكك تحالف الانقلاب الذي جمعهما. وتمكّن طارق من الإفلات من الحوثيين لينتقل إلى جنوب اليمن بحماية إماراتية، وسط معطيات تشير إلى نية أبوظبي تسليمه أدواراً عسكرية في الفترة المقبلة، وهو ما دفعها إلى السماح له باستقطاب القوات الموالية له تحديداً في قوات الحرس الرئاسي الذي كان يتولى قيادتها لسنوات خلال حكم عمه، فيما كان لافتاً أنه لم يعترف بشرعية عبد ربه منصور هادي كرئيس للجمهورية، ولا أعلن انضمامه إلى الشرعية أو القتال تحت رايتها. 



وأوضح المصدر العسكري، الذي طلب عدم نشر هويته، إن إدارة الأمن بدأت تواجه ضغوطاً كبيرة من قبل قيادة التحالف العربي والمجلس الانتقالي الموالي للإمارات للإفراج عن العسكريين بعد ساعات من احتجازهم. وذكر المصدر أن إدارة الأمن رفضت الاستجابة لهذه الضغوط وطالبت قيادة التحالف ورئاسة المجلس الانتقالي بضرورة فتح الطريق إلى مدينة عدن لجميع المواطنين دون انتقائية أو إغلاقها في وجه الجميع.
وأكد المصدر الذي يحمل رتبة عقيد ركن، أنه مع عدد من الضباط في إدارة الأمن، مصرّون على هذا الموقف المتمثل بعدم السماح للضباط والجنود التابعين لطارق صالح بالعبور اتجاه عدن إلا بموافقة التحالف على شرط السماح لجمع الناس دون استثناء.
وأبدى المصدر شكوكاً كبيرة إزاء طبيعة المهام التي تقوم بها قوات طارق صالح في مدينة عدن، قائلاً: "لا يجوز أن نهين الناس في الطرقات فيما العسكريون يتم إيصالهم بأطقم التحالف وقوات الحزام الأمني". وأضاف: "نفذنا دورنا ومنعنا دخولهم وتم احتجازهم وفقا للقانون كونهم عسكريين".
وفي السياق نفسه، نقلت قناة الجزيرة، أمس الاثنين، عن مصدر قوله إن الضغوط الإماراتية تهدف إلى السماح لهؤلاء الضباط بالوصول إلى عدن، لافتة إلى أن القوات الإماراتية ورئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي يجريان اتصالات للإفراج عنهم. وأضافت تلك المصادر أن الإمارات هددت بأن طيرانها سيضطر للتدخل ما لم يتم الإفراج عن الضباط المحتجزين والسماح لهم بالمرور.
وكان الزبيدي قد أعلن أخيراً أنهم سيدعمون ما وصفه بـ"المقاومة الشمالية"، بمن فيها طارق صالح، نجل شقيق الرئيس الراحل علي عبدالله صالح، في المواجهة مع جماعة "أنصار الله" (الحوثيين). وقال الزبيدي، المدعوم من الإمارات، في مقابلة تلفزيونية، مع قناة "فرانس 24" أواخر يناير/كانون الثاني الماضي، إن المجلس الانتقالي "يرفض وجود قوات شمالية في الجنوب"، لكنه سيمضي مع أهداف "عاصفة الحزم" بالوقوف مع التحالف، بقيادة السعودية، حتى "تحرير" صنعاء من الحوثيين. وأشار إلى أن قواته ستدعم نجل شقيق صالح كـ"مقاومة شمالية" في مواجهة الحوثيين، متجاهلاً الاعتراضات التي ظهرت في الجنوب، بما في ذلك في عدن، رفضاً لوجود طارق صالح وأنصار الرئيس المخلوع الذي قتل على أيدي الحوثيين.



في موازاة ذلك، روى مصدر يمني مطلع على ما يجري في الضالع مزيداً من التفاصيل بشأن الضباط الموالين لطارق، والذين بدأت منذ أسابيع، تتسرب أنباء عن توافدهم إلى عدن للالتحاق بأحد المعسكرات التي يديرها. وبحسب المصدر نفسه، فإن أول دفعة من الموالين لطارق صالح تم احتجازها من قبل قوات تشرف على نقطة عسكرية في منطقة سناح في محافظة الضالع، لا تتبع لرئيس المجلس الانتقالي، محافظ عدن السابق، عيدروس الزبيدي وغير موالية للإمارات، بل أقرب إلى أطراف في الشرعية اليمنية. على الرغم من ذلك زار الزبيدي الضالع في 1 فبراير/شباط، وتحديداً منطقة مريس، لكنه توقف في سناح التي تقع بين مريس ومدينة الضالع، وتدخل لإطلاق سراح قرابة 40 عسكرياً يتبعون الحرس الجمهوري وتأمين التحاقهم بطارق صالح.
وتوقف المصدر عند محاولة الاغتيال التي تعرض لها العقيد طاهر مسعد العقلة، وهو قائد الكتيبة السابعة باللواء 33 مدرع، والذي تتبع له النقطة التي أوقفت العسكريين، من خلال زرع عبوة ناسفة استهدفت سيارته بعد ذلك بيوم واحد في منطقة سناح.

ووضع المصدر ما يجري في الضالع، وتحديداً إيقاف الموالين لطارق صالح، في إطار تبادل الرسائل السياسية بين أقطاب الصراع في الضالع، والذي تغذيه أطراف عدة بعضها محلي وبعضها الآخر إقليمي. ولفت المصدر إلى أن الضالع مقسمة إلى معسكرات ونقاط ومناطق موالية لأطراف عدة، بعضها موال للشرعية بشكل مباشر، وبعضها الآخر محسوب عليها، فيما يتراجع نفوذ الزبيدي فيها، وهو ما يجعل من هذه التطورات تشكل اختباراً لنفوذ المجلس الانتقالي والزبيدي في الجنوب تحديداً خارج عدن.
وبعد أشهر من تصاعد نفوذ المجلس الانتقالي المدعوم من الإمارات، بدأ يلاحظ تراجع نفوذ الزبيدي ومدير أمن عدن شلال شائع بسبب تركز أغلب الموالين لهم في عدن، فضلاً عن الاستياء الواسع في المحافظة من المشاريع السياسية للمجلس وعدم الاهتمام بالضالع، وهو الغضب الذي ينسحب أيضاً على الإمارات، التي لم تقدم للضالع أي دعم رغم أن محافظ المدينة السابق فضل الجعدي كان من الموالين لهم، إذ عين عضواً في المجلس الانتقالي الجنوبي.

كما تعكس هذه التطورات المخاوف المتزايدة في جنوب اليمن من الأدوار المرتقبة لطارق صالح. وفي السياق، توقفت مصادر جنوبية تحدثت لـ"العربي الجديد" عند المخاوف من تسليم قاعدة العند لطارق صالح خصوصاً بعدما قال مصدر عسكري تحدث مع "العربي الجديد" إن الأخير زار القاعدة قبل نحو أسبوعين، من دون أن يؤكد هذه المعلومة مصدر آخر، في حين يمضي نجل شقيق صالح أغلب أوقاته في معسكر القوات الإماراتية في مديرية البريقة بعدن، مستفيداً من فتح الإمارات له جميع مقارها.
وتعد قاعدة العند أكبر قاعدة عسكرية جوية وبرية في اليمن، وتقع في محافظة لحج جنوبي اليمن، وتبعد نحو 60 كيلومتراً من عدن، وقد بناها الروس نهاية سبعينيات القرن الماضي. واستعادت "المقاومة" اليمنية والجيش الموالي للشرعية، بدعم التحالف، السيطرة على القاعدة بعدما استولت عليها مليشيات الحوثيين والرئيس المخلوع، علي عبد الله صالح.




المساهمون