شهد الجنيه المصري ارتفاعاً أمام الدولار الأميركي، منذ مطلع الشهر الجاري، بنسبة تصل إلى 13%، بعد خسارة غير مسبوقة للعملة المصرية تجاوزت 128% منذ قرار تعويمها (تحرير سعر الصرف) في الثالث من نوفبمر/تشرين الثاني 2016.
واعتبر مسؤولون أن هناك تعافياً للجنيه بسبب الإجراءات الحكومية وتعافي عدة قطاعات، في حين أكد خبراء اقتصاد أن هذا الصعود مؤقت لارتباطه بشكل أساسي بالسندات والقروض التي حصلت عليها مصر مؤخراً، فضلا عن إجراءات خنق الاستيراد وتوقف العمرة.
وقالوا إن عودة الأسواق الصينية للعمل تعني استئناف عمليات الاستيراد وزيادة الطلب على العملة الأميركية ومن ثم عودة سعرها للارتفاع مجدداً، في ظل عدم قدرة القطاع المصرفي على تلبية احتياجات المستوردين من العملة الأجنبية.
وبدأت الأسواق الصينية استئناف أعمالها، الأربعاء الماضي، بعد انتهاء عطلة الأعياد السنوية، مع العلم بأن مصر من أكبر المستوردين من الصين.
وتراجع سعر صرف الدولار أمام الجنيه المصري، خلال الأسبوعين الماضيين، لأول مرة منذ قرار البنك المركزي، بتحرير سعر صرف العملة المحلية في 3 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
وهوت العملة المحلية بشكل حاد بعد قرار "التعويم" ليرتفع الدولار من 8.88 جنيهات ليلامس 20 جنيهاً، قبل أن يسترد جزءاً من عافيته الشهر الجاري ويصل إلى نحو 16.5 جنيهاً.
ورحب مسؤولون في الحكومة بهبوط الدولار، وأرجعوه إلى تعافي الاقتصاد المصري، مستندين في ذلك إلى تحسن مؤشرات الاقتصاد الوطني، لا سيما بعد ارتفاع احتياطي النقد الأجنبي وزيادة الصادرات وتراجع الواردات وارتفاع تحويلات المصريين في الخارج ووجود تدفقات نقدية حقيقية في القطاع المصرفي، حسب تصريحات نائب وزير المالية المصري أحمد كوجك.
وواصل الجنيه موجة الصعود أمام الدولار في بنوك مصر، لتصل مكاسبه إلى نحو 13% منذ أواخر يناير/كانون الثاني، وسط حالة ركود في النشاط التجاري.
ارتفاعات مؤقتة
وعلقت الخبيرة الاقتصادية، والعميدة السابقة لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، علياء المهدي، على تراجع العملة الأميركية أمام الجنيه وهبوطها دون مستوى الـ 17 جنيهاً قائلة: "أشعر بوجود تلاعب في سعر الدولار من قبل البنوك، خاصة في ظل عدم وجود مبررات منطقية لتراجعه الحاد أمام الجنيه وفقدانه أكثر من جنيهين خلال أيام".
وأشارت المهدي في حديثها لـ "العربي الجديد" إلى وجود ما سمته بـ "الحرب الإعلامية" بالترويج لتعافي الاقتصاد المصري ومن ثم تراجع الدولار مقابل العملة المحلية، لافتة إلى أن ارتفاع الاحتياطي النقدي وتجاوزه حاجز الـ 26 مليار دولار يرجع إلى تلقي البنك المركزي حصيلة بيع السندات الدولارية بقيمة أربعة مليارات دولار.
وأكدت أن ارتفاع الاحتياطي النقدي ارتفاع وهمي، في ظل عدم تعزيز موراد الدولة من النقد الأجنبي عبر السياحة أو زيادة التحويلات المالية من العاملين بالخارج.
وأضافت: "الاحتياطي النقدي ليس ملكاً للدولة، ولا يعبر عن تعافي الاقتصاد حال ارتفاعه أو تدهوره إذا تراجع، إذ إنه يمثل التزامات بل وأعباء على الدولة، خاصة مع ارتفاع فوائد السندات الدولارية المصرية لأعلى معدل عالمي".
وأوضحت أن الاحتياطي منقسم بين سندات دولارية (أربعة مليارات بعوائد مختلفة) وودائع وقروض عربية تجاوز حاجز الـ 15 مليار دولار، إلى جانب قرض صندوق النقد الدولي وقروض من مؤسسات عربية وأفريقية أخرى، لافتة إلى أن تلك القروض تمثل عبئاً ثقيلاً يرهق الاقتصاد الوطني ولا يعد مؤشراً على التعافي، إذ إنه ارتفاع مصاحب بشروط وقيود إضافية.
اقــرأ أيضاً
سندات دولية
وسوقت مصر سندات دولارية بقيمة 4 مليارات دولار، مقسمة إلى 1.750 مليار دولار لأجل خمس سنوات، بعائد بلغ 6.1%، ومليار دولار لأجل عشر سنوات بعائد 7.5%، و1.250 مليار دولار لأجل 30 سنة بعائد 8.5%.
وقالت المهدي إن العائد يعد الأعلى عالمياً، إذ إن متوسط عوائد السندات في دول العالم الثالث لا يتجاوز 4.9%، مشيرة إلى أنه فور بدء الدولة في سداد التزاماتها وتغطية وارداتها ستعود الأزمة إلى الظهور مجدداً.
وأرجعت المهدي انخفاض الدولار إلى ثلاثة أسباب، تمثلت في تلقي حصيلة بيع سندات في السوق العالمي عند أعلى سعر عائد، وهو التزام مالي دولي على مصر، إلى جانب فرض قيود على الاستيراد، مؤكدة أن القيود على الاستيراد أمر له مزاياه وعيوبه، ولكنه في نهاية الأمر تدخل في حرية التجارة لا يمكن أن يستمر إلى الأبد.
وأضافت: "وجود تحسن طفيف في الصادرات أمر غير مضمون الاستمرار في ظل عدم وجود إنتاج حقيقي وخطة مكتملة لتعزيز قدرة الدولة على التصدير، ومن ثم سيرتفع سعر الدولار مرة أخرى قريباً، ما لم تزد حصيلة الصادرات والاستثمار الأجنبي المباشر والسياحة بشدة".
خنق الاستيراد
من جانبه قال رئيس شعبة المستوردين، أحمد شيحة، إن انخفاض الدولار بقيمة جنيهين خلال أيام لا يعني استقرار وتعافي الاقتصاد المحلي، مؤكداً أنه لا يمكن أن يبني المستوردون خطط عملهم على مثل تلك الانخفاضات غير المبررة والفجائية، بحسب تعبيره.
وأشار في تصريحات خاصة لـ "العربي الجديد" إلى أن الحديث عن تغطية طلبات المستوردين من الدولار ليس له علاقة بالواقع بصلة، إذ إن القيود المفروضة على استيراد أكثر من 26 سلعة، إلى جانب استمرار إجازات الصين ساهم بقوة في تعطل حركة الاستيراد ومن ثم تراجع الطلب على العملة الخضراء.
وأكد شيحة أن بدء عودة استئناف عمليات الاستيراد مجدداً بعد انتهاء العطلة في الصين، يعني زيادة الطلب على الدولار مجدداً وارتفاع سعره حال عدم قدرة البنوك على تغطية الطلبات المكشوفة على العملة الأميركية.
ولفت شيحة إلى أن الفترة المقبلة ستشهد مزيدا من الطلب على الدولار، فبخلاف انتهاء عطلة الأسواق الصينية سيبدأ الاستعداد المبكر لاستيراد مستلزمات رمضان، إلى جانب فتح باب العمرة بعد توقف دام شهورا، ودفع التزامات مستحقة على الدولة.
واستبعد شيحة أن ينعكس تراجع الدولار "المؤقت"، كما وصفه، على أسعار السلع في الأسواق المصرية، إذ إن الأمر يتطلب دورة تجارية كاملة لا تقل عن شهرين من الآن، وذلك في حال استمر سعر الدولار في التراجع.
من جانبه أكد الخبير الاقتصادي، مدحت نافع، لـ "العربي الجديد" أن الاستقرار الحقيقي لسعر الدولار يرتبط بتحسن معدلات دخل السياحة وتحويلات العاملين بالخارج، لافتا إلى أن ارتفاع الاحتياطي النقدي لا يمثل أي تعافٍ للاقتصاد، خاصة أنه يخصص لسداد ديون والتزامات الدولة ولا يستثمر في أي عملية إنتاجية.
اقــرأ أيضاً
واعتبر مسؤولون أن هناك تعافياً للجنيه بسبب الإجراءات الحكومية وتعافي عدة قطاعات، في حين أكد خبراء اقتصاد أن هذا الصعود مؤقت لارتباطه بشكل أساسي بالسندات والقروض التي حصلت عليها مصر مؤخراً، فضلا عن إجراءات خنق الاستيراد وتوقف العمرة.
وقالوا إن عودة الأسواق الصينية للعمل تعني استئناف عمليات الاستيراد وزيادة الطلب على العملة الأميركية ومن ثم عودة سعرها للارتفاع مجدداً، في ظل عدم قدرة القطاع المصرفي على تلبية احتياجات المستوردين من العملة الأجنبية.
وبدأت الأسواق الصينية استئناف أعمالها، الأربعاء الماضي، بعد انتهاء عطلة الأعياد السنوية، مع العلم بأن مصر من أكبر المستوردين من الصين.
وتراجع سعر صرف الدولار أمام الجنيه المصري، خلال الأسبوعين الماضيين، لأول مرة منذ قرار البنك المركزي، بتحرير سعر صرف العملة المحلية في 3 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
وهوت العملة المحلية بشكل حاد بعد قرار "التعويم" ليرتفع الدولار من 8.88 جنيهات ليلامس 20 جنيهاً، قبل أن يسترد جزءاً من عافيته الشهر الجاري ويصل إلى نحو 16.5 جنيهاً.
ورحب مسؤولون في الحكومة بهبوط الدولار، وأرجعوه إلى تعافي الاقتصاد المصري، مستندين في ذلك إلى تحسن مؤشرات الاقتصاد الوطني، لا سيما بعد ارتفاع احتياطي النقد الأجنبي وزيادة الصادرات وتراجع الواردات وارتفاع تحويلات المصريين في الخارج ووجود تدفقات نقدية حقيقية في القطاع المصرفي، حسب تصريحات نائب وزير المالية المصري أحمد كوجك.
وواصل الجنيه موجة الصعود أمام الدولار في بنوك مصر، لتصل مكاسبه إلى نحو 13% منذ أواخر يناير/كانون الثاني، وسط حالة ركود في النشاط التجاري.
ارتفاعات مؤقتة
وعلقت الخبيرة الاقتصادية، والعميدة السابقة لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، علياء المهدي، على تراجع العملة الأميركية أمام الجنيه وهبوطها دون مستوى الـ 17 جنيهاً قائلة: "أشعر بوجود تلاعب في سعر الدولار من قبل البنوك، خاصة في ظل عدم وجود مبررات منطقية لتراجعه الحاد أمام الجنيه وفقدانه أكثر من جنيهين خلال أيام".
وأشارت المهدي في حديثها لـ "العربي الجديد" إلى وجود ما سمته بـ "الحرب الإعلامية" بالترويج لتعافي الاقتصاد المصري ومن ثم تراجع الدولار مقابل العملة المحلية، لافتة إلى أن ارتفاع الاحتياطي النقدي وتجاوزه حاجز الـ 26 مليار دولار يرجع إلى تلقي البنك المركزي حصيلة بيع السندات الدولارية بقيمة أربعة مليارات دولار.
وأكدت أن ارتفاع الاحتياطي النقدي ارتفاع وهمي، في ظل عدم تعزيز موراد الدولة من النقد الأجنبي عبر السياحة أو زيادة التحويلات المالية من العاملين بالخارج.
وأضافت: "الاحتياطي النقدي ليس ملكاً للدولة، ولا يعبر عن تعافي الاقتصاد حال ارتفاعه أو تدهوره إذا تراجع، إذ إنه يمثل التزامات بل وأعباء على الدولة، خاصة مع ارتفاع فوائد السندات الدولارية المصرية لأعلى معدل عالمي".
وأوضحت أن الاحتياطي منقسم بين سندات دولارية (أربعة مليارات بعوائد مختلفة) وودائع وقروض عربية تجاوز حاجز الـ 15 مليار دولار، إلى جانب قرض صندوق النقد الدولي وقروض من مؤسسات عربية وأفريقية أخرى، لافتة إلى أن تلك القروض تمثل عبئاً ثقيلاً يرهق الاقتصاد الوطني ولا يعد مؤشراً على التعافي، إذ إنه ارتفاع مصاحب بشروط وقيود إضافية.
سندات دولية
وسوقت مصر سندات دولارية بقيمة 4 مليارات دولار، مقسمة إلى 1.750 مليار دولار لأجل خمس سنوات، بعائد بلغ 6.1%، ومليار دولار لأجل عشر سنوات بعائد 7.5%، و1.250 مليار دولار لأجل 30 سنة بعائد 8.5%.
وقالت المهدي إن العائد يعد الأعلى عالمياً، إذ إن متوسط عوائد السندات في دول العالم الثالث لا يتجاوز 4.9%، مشيرة إلى أنه فور بدء الدولة في سداد التزاماتها وتغطية وارداتها ستعود الأزمة إلى الظهور مجدداً.
وأرجعت المهدي انخفاض الدولار إلى ثلاثة أسباب، تمثلت في تلقي حصيلة بيع سندات في السوق العالمي عند أعلى سعر عائد، وهو التزام مالي دولي على مصر، إلى جانب فرض قيود على الاستيراد، مؤكدة أن القيود على الاستيراد أمر له مزاياه وعيوبه، ولكنه في نهاية الأمر تدخل في حرية التجارة لا يمكن أن يستمر إلى الأبد.
وأضافت: "وجود تحسن طفيف في الصادرات أمر غير مضمون الاستمرار في ظل عدم وجود إنتاج حقيقي وخطة مكتملة لتعزيز قدرة الدولة على التصدير، ومن ثم سيرتفع سعر الدولار مرة أخرى قريباً، ما لم تزد حصيلة الصادرات والاستثمار الأجنبي المباشر والسياحة بشدة".
خنق الاستيراد
من جانبه قال رئيس شعبة المستوردين، أحمد شيحة، إن انخفاض الدولار بقيمة جنيهين خلال أيام لا يعني استقرار وتعافي الاقتصاد المحلي، مؤكداً أنه لا يمكن أن يبني المستوردون خطط عملهم على مثل تلك الانخفاضات غير المبررة والفجائية، بحسب تعبيره.
وأشار في تصريحات خاصة لـ "العربي الجديد" إلى أن الحديث عن تغطية طلبات المستوردين من الدولار ليس له علاقة بالواقع بصلة، إذ إن القيود المفروضة على استيراد أكثر من 26 سلعة، إلى جانب استمرار إجازات الصين ساهم بقوة في تعطل حركة الاستيراد ومن ثم تراجع الطلب على العملة الخضراء.
وأكد شيحة أن بدء عودة استئناف عمليات الاستيراد مجدداً بعد انتهاء العطلة في الصين، يعني زيادة الطلب على الدولار مجدداً وارتفاع سعره حال عدم قدرة البنوك على تغطية الطلبات المكشوفة على العملة الأميركية.
ولفت شيحة إلى أن الفترة المقبلة ستشهد مزيدا من الطلب على الدولار، فبخلاف انتهاء عطلة الأسواق الصينية سيبدأ الاستعداد المبكر لاستيراد مستلزمات رمضان، إلى جانب فتح باب العمرة بعد توقف دام شهورا، ودفع التزامات مستحقة على الدولة.
واستبعد شيحة أن ينعكس تراجع الدولار "المؤقت"، كما وصفه، على أسعار السلع في الأسواق المصرية، إذ إن الأمر يتطلب دورة تجارية كاملة لا تقل عن شهرين من الآن، وذلك في حال استمر سعر الدولار في التراجع.
من جانبه أكد الخبير الاقتصادي، مدحت نافع، لـ "العربي الجديد" أن الاستقرار الحقيقي لسعر الدولار يرتبط بتحسن معدلات دخل السياحة وتحويلات العاملين بالخارج، لافتا إلى أن ارتفاع الاحتياطي النقدي لا يمثل أي تعافٍ للاقتصاد، خاصة أنه يخصص لسداد ديون والتزامات الدولة ولا يستثمر في أي عملية إنتاجية.