"المزوّر" و"عنتيل القضاة" و"الحانوتي"، صفات أُطلقت على أحد أبرز قضاة مصر، بعد انقلاب 3 يوليو/تموز 2013، محمد ناجي شحاتة، الذي تفنّن في خرق القانون، وضرب نموذجاً حيًّا في إهدار دولة القانون، من أجل تقديم فروض الولاء والطاعة للحكم العسكري في البلاد"، وفقاً لما أكده العديد من المراقبين والقانونيين.
ولم يكتسب شحاتة، رئيس الدائرة الخامسة في محكمة جنايات الجيزة، المختصة بنظر قضايا الارهاب، هذه الصفات هباءً، فهو متهم رسمياً بـ"تزوير الانتخابات البرلمانية في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، في دائرة الزرقا بدمياط"، وجاء اسمه في البلاغ المقدم من المحاميين راجية عمران وعلي طه.
وأصدر شحاتة 204 أحكام بالإعدام، و274 حكماً بالمؤبد، و56 حكماً بالسجن بأحكام متفاوتة من 7 إلى 10 سنوات، من بينهم أطفال. ووصل مجموع أحكامه إلى نحو 7395 سنة سجناً، بحقّ 534 معتقلاً من معارضي النظام، في أبرز خمس قضايا تولّاها منذ ترؤسه الدائرة، "افتقرت جميعها إلى أبسط قواعد المحاكمات العادلة، وفي مقدمتها توفير حق الدفاع عن المتهمين"، وفق ما أفاد به أحد وزراء العدل المصريين السابقين.
في القضية الأولى، أصدر "شحاتة" حكماً بالسجن المؤبد على ثمانية قياديين في جماعة "الإخوان المسلمين"، والإعدام لسبعة آخرين، على خلفية اتهامهم بـ"التحريض على التظاهر يوم 22 يوليو/تموز 2013 وارتكاب أعمال قطع الطريق والتجمهر وإسقاط الدولة"، التي وقعت في منطقة الجيزة، في القضية المعروفة باسم "أحداث مسجد الاستقامة".
وتضمّ قائمة الأسماء المحكوم عليهم بالمؤبد: المرشد العام للجماعة محمد بديع، وعضوي مجلس الشعب السابق محمد البلتاجي، وعصام العريان، والداعية صفوت حجازي، ووزير التموين الأسبق باسم عودة، والقياديين الحسيني عنتر محروس، وعصام رجب عبد الحفيظ، ومحمد جمعة حسن. كما حكم بإعدام عضو مجلس شورى الجماعة الإسلامية عاصم عبدالماجد، بالإضافة إلى عزب مصطفى موسى، وأنور شلتوت، ومحمد علي طلحة، وعبدالرازق محمود، وعزت صبري، وجميعهم هاربون.
وعلى الرغم من أن القانون يمنع أن يحكم القاضي نفسه على المتهمين في قضايا مختلفة تحمل ذات الطبيعة، لأنه يكون بذلك قد كوّن عقيدة ضد المتهمين، إلا أن ذلك لم يمنع شحاتة، يوم السبت، من إصدار حكم بالإعدام في القضية الثانية، بحقّ 14 متهماً، من ضمنهم أيضاً بديع، وعضو مكتب الإرشاد في "الإخوان" محمود غزلان، والقيادي صلاح سلطان، والمؤبد بحق 36 آخرين، على خلفية القضية المعروفة بـ"بغرفة عمليات رابعة".
ضمت قائمة المتهمين المحكوم عليهم بالإعدام، بالإضافة إلى بديع وغزلان وسلطان، كلا من حسام أبوبكر الصديق، ومصطفى طاهر الغنيمي، وسعد الحسيني، ووليد عبدالرؤوف شلبي، وعمر حسن مالك، وسعد محمد عمارة، ومحمد شحاتة السروجي، وفتحي شهاب الدين، وصلاح نعمان مبارك بلال، ومحمود البربري محمد، وعبدالرحيم محمد.
وفي القضية الثالثة، لم يرحم شحاتة وسائل الإعلام، فأصدر أحكاماً بالسجن تتراوح بين 7 و10 سنوات، على 18 إعلامياً، من بينهم أربعة أجانب، أحدهم أسترالي، وإنجليزيان وهولندية، على خلفية اتهامهم بـ"ارتكاب جرائم التحريض ضد السلطات المصرية"، حين كانوا يصوّرون المذابح ومظاهر الاعتقالات والعنف والقتل الأمني وتغطية التظاهرات، وبثها لصالح قناة "الجزيرة".
وفي القضية الرابعة، أصدر شحاتة حكماً بالسجن المؤبد على الناشط السياسي أحمد دومة و229 آخرين، في القضية المعروفة بـ"أحداث مجلس الوزراء"، وألزمهم بدفع 2.23 مليون دولار عن الأضرار، ومعاقبة 39 من الأحداث بالسجن 10 سنوات، على خلفية اتهامهم بـ"ارتكاب أحداث الاعتداء على مقارّ مجلس الوزراء ومجلسي الشعب والشورى والمباني الحكومية المجاورة له، وحرق المجمع العلمي، والاعتداء على رجال القوات المسلحة".
أما القضية الخامسة، فقد أصدر فيها حكماً بالإعدام شنقاً على 183 معتقلاً، ومعاقبة حَدَث بالسجن 10 سنوات، وبراءة اثنين، وانقضاء الدعوى لاثنين آخرين، لوفاتهما داخل المعتقلات، وذلك في القضية المعروفة باسم "أحداث كرداسة"، والمتهمين فيها بـ"اقتحام وحرق وقتل ضباط وجنود مركز شرطة كرداسة خلال شهر أغسطس/آب عام 2013". وكان يحاكم في القضية 188 معتقلاً، من بينهم 151 متهماً مسجوناً، و37 هارباً، ومتهمان متوفيان.
اقرأ أيضاً: أحكام الإعدام بعد الانقلاب في مصر