القادة العرب يجتمعون في عزاء شعوبهم
جلب منظمو حفل الافتتاح، تالياً، شيخاً ليقرأ شيئاً من القرآن في افتتاح القمة، كما جرت العادة،. لكن هذا الشيخ اختار هذه المرة قراءة آيات قرآنية تُقرأ عادة في مجالس العزاء، ليبدو المشهد وكأن الزعماء العرب يحضرون عزاء شعوبهم في فلسطين وسورية والعراق وليبيا واليمن ومصر والسودان وغيرها، ممن يبتلعهم الموت يومياً قصفاً وقنصاً وتعذيباً وغرقا وجوعاً ومرضاً.
ومع بدء إلقاء الكلمات، سمع العرب جميعاً الكلام المكرور عن "تنقية الأجواء العربية" و"التضامن العربي" و"الأمن القومي العربي"، و"رفض العرب لممارسات إسرائيل الاستيطانية التي تبتلع يومياً المزيد من الأراضي الفلسطينية"، و"ضرورة حل الأزمة في سورية على أسس عادلة"، وحتمية "محاربة الإرهاب"، و"تهديد إيران للأمن القومي العربي"، وغيرها من المفاهيم والعبارات التي مازال قادة العرب يكررونها منذ ستينيات القرن الماضي.
الجديد في هذه القمة، أن المستمع العربي لكلمات القادة العرب، بات يعاني من صعوبة كبيرة في فهم كلامهم، نظراً لتقدم معظمهم في السن بشكل بات معه صوتهم مبحوحاً وغائباً كصوت دولهم التي باتت تتنازع النفوذ بها الدول العظمى والدول الإقليمية كإيران وتركيا.
لكن المستمع العربي سمع بوضوح الحديث الجديد لأمير الكويت عن "ضرورة تجاوز الكوارث التي أنتجها ما يسمى بالربيع العربي"، ودعوته القادة العرب لـ"تعلم الدروس من أجل تجنب حصول مثل هذه الكارثة مجدداً"؛ وكأن الشعوب العربية التي انتفضت لتقول لا للاستبداد، هي من قصفت بيوتها ودمرت مدارس أبنائها وقررت الانتقال من بيوتها إلى مخيمات اللجوء.
كان نصف كلام القادة العرب شكراً لبعضهم البعض على استضافة أحدهم للآخرين، وعبارات تفخيم وتبجيل لبعضهم البعض. أما النصف الآخر من حديثهم، فكان عن الإرهاب، ومخاطره، وتحدي مواجهته، وبذل الجهود للقضاء عليه، دون أن يتطرق هؤلاء للحقائق التي جعلت نمو الإرهاب في العالم العربي ممكناً، كغياب التنمية وانحدار مستويات التعليم والرعاية الصحية، وغياب العدالة والأمن، وعدم المشاركة السياسية للشعوب، وسياسات القمع التي تمارسها الأنظمة العربية بحق شعوبها.
إن الكلام الذي كرره بعض القادة العرب في قمتهم الجديدة، حمل خيبة جديدة للشعوب العربية؛ وأضعف من أمل حصول أي تغيير.