الفنانون اللبنانيون والأغاني "الضاربة"

25 يونيو 2019
حقّقت أغنية "بدنا نولّعها" لفارس كرم انتشاراً واسعاً (يوتيوب)
+ الخط -
لطالما كانت المنافسة بين نجوم الغناء العربي حول بقائهم في قمة السلسلة، مصدر قلق، خاصة عندما نكون أمام مواسم فصلية تحتمل الصعود والهبوط بين نجم محلي على حساب الآخر، بحسب المنتج الأفضل. فالأغنية "الضاربة" تعطي صاحبها نجاحًا يدوم لأشهر، يتخلل ذلك: تحطيم الأرقام القياسية، نسب مشاهدة عالية على منصات البث المرئية والسمعية، مبيعات عالية، حفلات ودعوات... إلخ. 

هذه المنافسة غير مستقرة ونسبية لأنّ الفنانين والنجوم، لهم وسائلهم وخبراتهم في عالم الموسيقى، إذْ يدركون تقلبات الأذواق الموسيقية وتطورها، وما تدفع إليه شروط الساحة الفنية و"مزاجيتها". ويعرف النجم كيف يحافظ على وجوده واستقراره في قمة الهرم، لذلك تصبح المنافسة أمرًا اعتياديًا، يقابلها صد ورد، بين نجم وآخر، رغم عدم اختلاف النمط الموسيقي المطروح. وقد يتعدّاها أحياناً، فيبلغ مرحلة المواكبة، بحسب المتطلّبات الجديدة في السوق الفني. أبرز مثال على ذلك أغنية "بدنا نولّعها" للفنان اللبناني فارس كرم، والتي صدرت أواخر شهر إبريل/ نيسان من العام الماضي، أغنية ذات كلمات شعبية بسيطة، مرحة وحيوية تناسب الذائقة الشابة بالمجمل. حققت الأغنية انتشارًا ونجاحًا واسعين على الصعيد اللبناني والعربي، وحافظت على الصدارة لأشهر عدة. هنا، يدفع هذا النجاح نجمًا آخر إلى إصدار أغنية شبيهة من حيث الشكل واللون، فجاءت أغنية "بدنا نولّع الجو" مصورة بطريقة الفيديو كليب للفنانة اللبنانية نانسي عجرم، بعد خمسة أشهر من أغنية كرم. التشابه واضح من حيث الشكل، ونوع الموسيقى المناسبة لشرائح عدة من الذائقة اللبنانية، فضلًا عن تصدرها قائمة الأغاني الأكثر استماعًا ومشاهدة.


في سبتمبر/ أيلول 2018، أي بعد مرور شهرين على إصدار أغنية عجرم، تطرح نجوى كرم أغنية "الليلة ليلتنا" من تأليفها. الأغنية مختلفة بعض الشيء من حيث وتيرة اللحن، وزمن الفيديو الكليب المصور. ولكن لا تختلف من حيث شكل الكلمة وروح المعنى، إلا أنها لم تحقق نجاحًا ملحوظًا يقترب من أغنيتي فارس وعجرم.

ولكن كرم استعاضت عن ذلك بنجاح هائل حققته في أغنية "ملعون أبو العشق" وهي من كلمات عامر لوند، وألحان علي حسون. أطلقت كرم الأغنية في شهر إبريل من عام 2019 الحالي. وقد صوّر فيديو كليب الأغنية في شارع الحمرا الشهير وسط العاصمة بيروت، بشكل مفاجئ، أمام مقاهي المنطقة والمارّة، إذْ قدمت كرم في الأغنية نسخة عفوية شعبية وجذابة تناسب جميع الأعمار والأذواق، بعيدًا عن الأكسسوار والدراما ومتطلبات التصوير الشكلية. وبذلك دفعت كرم إلى خلق نموذج آخر متجدد، أقصت من خلاله الشكل السابق الذي صنعه فارس كرم، ومشت على خطاه موضة السوق. بل وقد كسرت شكل القالب التقليدي لشكل الفيديو، وحسرت الفراغ الذي عادة ما يكون واسعًا ما بين الفنان والمواطن العادي. إذْ صارت على تماس مع جمهور الشارع، تغني وترقص إلى جواره بشكل عفوي. ليس من المفترض القول إن تصوير هذه الأغنية من حيث الفكرة يعتبر أمرًا جديدًا في عالم الموسيقى والإخراج، فهناك نماذج كثيرة حول العالم لفرق ومطربين قدموا أعمالهم على أرض الواقع وكانت لهم صلة مباشرة مع الجمهور والمارّة، مثل أغاني المصري حمزة نمرة وفرقته التي تجوب في شوارع أوروبا، أو كالفنانة السورية، فايا يونان، إذْ غنت "غنّي للحب" للسيدة ماجدة الرومي في السويد أمام الناس، وغيرها الكثير، ولكن تحسب لكرم عفويتها وخفة ظلها في هذا العمل النوعي لها.



دلالات
المساهمون