وقد أبرزت نتائج المؤتمر، أمس، ثقل زعيم "النهضة"، راشد الغنوشي، ونجاحه في إقناع غالبية المشاركين في المؤتمر بتأييد خياراته الكبرى، واستمرار سيطرته على قيادة الحزب، من دون تجاهل حجم المعارضة الذي بدأ يكبر داخل "النهضة". وعلى الرغم من أن المعارضين، الذين لم يتحوّلوا بعد إلى تيار واضح، قد مهّدوا قبيل المؤتمر بتسخين الأجواء، إلا أن الغنوشي نجح في إقناع نخبة الحزب الجديد، بنتائج خياراته السابقة وخطته المستقبلية.
ومع أن نقاشات المؤتمر الداخلية كانت ساخنة جداً، تحديداً في مسألة تقييم فترة الحكم، وخروج "النهضة" من حكومة الترويكا، وفي الانتخابات الرئاسية، إلا أن النهضويين الجدد، خيّروا مواصلة المسار الذي اختاره مفكرهم. غير أن الأرقام التي أظهرها التصويت على مختلف اللوائح، منذ اليوم الأول، أثبتت أن هناك معارضة حقيقية بدأت تتشكّل داخل "النهضة"، بما يقطع نهائياً مع "إجماع الجماعة"، وطاعة الزعيم الأول، مما أدى بالتالي إلى بروز نفس ديمقراطي حقيقي، لعلّه يرسم ملامح المرحلة الجديدة التي بدأ الغنوشي يُمهّد نفسه لها.
وكشفت بعض المصادر، لـ"العربي الجديد"، عن أن هناك محاولات تمّت منذ انتخابات المجالس الجهوية والمحلية، بتهيئة الأجواء للمؤتمر، وإقناع الناخبين بضرورة فرض انتخاب المكتب التنفيذي، والقطع مع تعيينه من طرف رئيس الحزب، وذلك بهدف التقليص من صلاحياته أولاً، والوجود باستمرار في مركز القرار، وتهيئة الأجواء منذ الآن لمرحلة ما بعد الغنوشي، غير أن هذه المجموعة لم تتمكن من إقناع الحاضرين بجدوى انتخاب المكتب التنفيذي.
كما صوّت الحاضرون بنسبة مريحة (لا أغلبية مطلقة) لمقترح تسمية أعضاء المكتب التنفيذي من طرف رئيس الحزب، على أن تتم تزكيتهم من طرف مجلس الشورى، بأغلبية الحاضرين. مع العلم بأنها كانت تستوجب سابقاً تصويت أغلبية أعضاء الشورى على تسمية الأعضاء، وهو ما يعني تسهيل المهمة أكثر على رئيس الحزب.
وأصرّ أغلب المشاركين بالمؤتمر، لـ"العربي الجديد"، على أن أجواء المؤتمر، كانت ساخنة جداً، وعكست مرة أخرى النفس الديمقراطي الذي سينقل الحزب الجديد إلى دائرة الأحزاب الحديثة، ولكنها ستنتج بالتأكيد غاضبين جدداً، قد يغادر بعضهم "النهضة"، من بين من درجت تسميتهم بـ"الصقور".
من جهته، أكد الشيخ، الحبيب اللوز، لـ"العربي الجديد"، أنه "لم يصوّت على مسألة تسمية المكتب التنفيذي"، مؤكداً أنه "سيغادر إلى العمل الدعوي عندما تتبين الأمور". ولكن الغاضبين من عدم انتخاب المكتب التنفيذي، الذين فشلوا في الترويج لوجهة نظرهم، هم أيضاً من بعض القيادات البارزة للحركة المعروفة بحداثيتها، ومن بينهم سمير ديلو، الذي لم يحضر أشغال المؤتمر.