الغنوشي يُكرّس نفوذه في... "حزب النهضة"

23 مايو 2016
من مؤتمر "النهضة" أمس (أمين الأندلسي/Getty)
+ الخط -
حسمت "حركة النهضة" سابقاً تحت مسمى "حزب النهضة"، كل الملفات، أمس الأحد، ونجح المشاركون في مؤتمر الحزب العاشر في مناقشة كل الأسئلة التي كانت مطروحة عليهم، رغم أهميتها وتأثيرها الجوهري في مسار الحزب التاريخي. وقد أقرّ أعضاء "النهضة" بنهاية مرحلة، وبداية مرحلة أخرى، بالمصادقة على القطع النهائي مع العمل الدعوي، والتفرّغ للعمل السياسي، مع ما سيثيره هذا الخيار مستقبلاً في هيكلية الحزب ووزنه ومرجعيته وعلاقاته بالتيارات الإسلامية الأخرى في الدول العربية.

وقد أبرزت نتائج المؤتمر، أمس، ثقل زعيم "النهضة"، راشد الغنوشي، ونجاحه في إقناع غالبية المشاركين في المؤتمر بتأييد خياراته الكبرى، واستمرار سيطرته على قيادة الحزب، من دون تجاهل حجم المعارضة الذي بدأ يكبر داخل "النهضة". وعلى الرغم من أن المعارضين، الذين لم يتحوّلوا بعد إلى تيار واضح، قد مهّدوا قبيل المؤتمر بتسخين الأجواء، إلا أن الغنوشي نجح في إقناع نخبة الحزب الجديد، بنتائج خياراته السابقة وخطته المستقبلية.

ومع أن نقاشات المؤتمر الداخلية كانت ساخنة جداً، تحديداً في مسألة تقييم فترة الحكم، وخروج "النهضة" من حكومة الترويكا، وفي الانتخابات الرئاسية، إلا أن النهضويين الجدد، خيّروا مواصلة المسار الذي اختاره مفكرهم. غير أن الأرقام التي أظهرها التصويت على مختلف اللوائح، منذ اليوم الأول، أثبتت أن هناك معارضة حقيقية بدأت تتشكّل داخل "النهضة"، بما يقطع نهائياً مع "إجماع الجماعة"، وطاعة الزعيم الأول، مما أدى بالتالي إلى بروز نفس ديمقراطي حقيقي، لعلّه يرسم ملامح المرحلة الجديدة التي بدأ الغنوشي يُمهّد نفسه لها.

وقد صادق المشاركون في المؤتمر، بنسبة 78 في المائة، على لائحة تقييم سياسات الحركة خلال الفترة الماضية (مرحلة ما قبل ثورة 2010)، فيما حصدت اللائحة السياسية (ما بعد الثورة) على 93.5 في المائة من أصوات الحاضرين. وقد صوّت المشاركون على اللائحة الفكرية بنسبة 87 في المائة من المشاركين، وعلى اللائحة الاقتصادية بنسبة 89.3 في المائة. ونالت لائحة إدارة المشروع على 80 في المائة من أصوات المشاركين، ولائحة السياسات الأمنية على 87.5 في المائة. وجمعت اللائحة المتعلقة بهيكلة الحركة أقل عدد من الأصوات وهو 71 في المائة فقط. كما صادق المشاركون على التقرير الأدبي بنسبة 85.5 في المائة وعلى التقرير المالي بنسبة 91 في المائة.

وكشفت بعض المصادر، لـ"العربي الجديد"، عن أن هناك محاولات تمّت منذ انتخابات المجالس الجهوية والمحلية، بتهيئة الأجواء للمؤتمر، وإقناع الناخبين بضرورة فرض انتخاب المكتب التنفيذي، والقطع مع تعيينه من طرف رئيس الحزب، وذلك بهدف التقليص من صلاحياته أولاً، والوجود باستمرار في مركز القرار، وتهيئة الأجواء منذ الآن لمرحلة ما بعد الغنوشي، غير أن هذه المجموعة لم تتمكن من إقناع الحاضرين بجدوى انتخاب المكتب التنفيذي.

كما صوّت الحاضرون بنسبة مريحة (لا أغلبية مطلقة) لمقترح تسمية أعضاء المكتب التنفيذي من طرف رئيس الحزب، على أن تتم تزكيتهم من طرف مجلس الشورى، بأغلبية الحاضرين. مع العلم بأنها كانت تستوجب سابقاً تصويت أغلبية أعضاء الشورى على تسمية الأعضاء، وهو ما يعني تسهيل المهمة أكثر على رئيس الحزب.

وأصرّ أغلب المشاركين بالمؤتمر، لـ"العربي الجديد"، على أن أجواء المؤتمر، كانت ساخنة جداً، وعكست مرة أخرى النفس الديمقراطي الذي سينقل الحزب الجديد إلى دائرة الأحزاب الحديثة، ولكنها ستنتج بالتأكيد غاضبين جدداً، قد يغادر بعضهم "النهضة"، من بين من درجت تسميتهم بـ"الصقور". 

من جهته، أكد الشيخ، الحبيب اللوز، لـ"العربي الجديد"، أنه "لم يصوّت على مسألة تسمية المكتب التنفيذي"، مؤكداً أنه "سيغادر إلى العمل الدعوي عندما تتبين الأمور". ولكن الغاضبين من عدم انتخاب المكتب التنفيذي، الذين فشلوا في الترويج لوجهة نظرهم، هم أيضاً من بعض القيادات البارزة للحركة المعروفة بحداثيتها، ومن بينهم سمير ديلو، الذي لم يحضر أشغال المؤتمر.

المساهمون