الغنوشي يتوسط بين إسلاميي طرابلس ورموز من عهد القذافي

29 نوفمبر 2016
مساعي الغنوشي تنبع من استشعاره خطورة الوضع الليبي(ياسين قائدي/الأناضول)
+ الخط -
كشفت مصادر خاصة في تونس، لـ"العربي الجديد"، عن وجود محاولات لوساطة تؤديها أطراف تونسية فاعلة لإحداث تقارب بين بعض "الرموز المقبولة" من نظام معمر القذافي، وتيارات سياسية فاعلة في العاصمة الليبية طرابلس. وقالت المصادر إن مجموعة من المحسوبين على نظام القذافي وصلت إلى تونس منذ أيام، والتقت مسؤولين حزبيين تونسيين، وطلبت وساطتهم في جسّ نبض قوى إسلامية "معتدلة" تؤمن بضرورة إنجاز مصالحة في ليبيا، والتدخل من أجل توفير أرضية للقاءات قريبة بين الطرفين.

وبحسب المصادر، فقد عبّر الطرف التونسي، غير الرسمي، عن استعداده لذلك، والتوسط من أجل محاولة تحقيق هذا التقارب. وعلى الرغم من أن المصادر لم تبيّن من هي الأطراف التونسية المعنية بهذه المبادرة، إلا أن "العربي الجديد" حصلت على معلومات من مصادر متقاطعة، تؤكد أن الحزب المقصود هو حركة "النهضة" على الأرجح، وأن الشخصية المعنية بالوساطة قد تكون زعيمها، الشيخ راشد الغنوشي.

ورداً على استفسار "العربي الجديد" حول حقيقة هذا المعطى، أجاب المستشار السياسي لرئيس حركة "النهضة"، لطفي زيتون، أن "الشيخ الغنوشي يسعى إلى إيجاد مصالحة بين جميع الأطراف الليبية"، مؤكداً أنه "على اتصال بجميع التيارات الليبية بلا استثناء". وقد يكون الغنوشي معنياً أكثر من غيره بهذا الجهد لاعتبارات عديدة، أولها أنه صرح أكثر من مرة بأن المصالحة الليبية هي الحل الوحيد لإنهاء الأزمة، وأن إقصاء أي طرف لن يصل بالبلاد إلى أي استقرار. وكان الغنوشي قد أشار في تصريح صحافي إلى "وجود تواصل مع كثير من الأطراف الليبية، لحثّهم على التوافق والأخذ بالنموذج التونسي، الذي جنّب البلاد الكوارث والحروب والصدامات"، داعياً إلى أن "يتنازل بعض الأطراف لصالح البعض الآخر، كما تنازلت النهضة عن السلطة".


ولا يغيب عن بال المراقبين، في هذا السياق، أن الغنوشي سبق له أن اتصل قبل أشهر هاتفياً بكل من أحمد قذاف الدم وعبد الرحمن شلغم وغيرهما من رجالات تولت مسؤوليات في زمن القذافي. غير أن تفاصيل أخرى هامة ترجح أن يتولى الغنوشي هذه المهمة، أهمها العلاقة القديمة التي كانت تربطه بسيف الإسلام القذافي. ورجحت مصادر مطلعة لـ"العربي الجديد" وجود اتصالات، وربما لقاءات جمعت الرجلين في بريطانيا قبل الثورة عام 2011، مرجحة أن يكون الغنوشي قد تدخل أيضاً لمنع إعدام سيف الإسلام القذافي، على اعتبار أن هذه الخطوة من شأنها تعقيد المشهد الليبي أكثر.

وتشير هذه المصادر إلى أن بروداً شاب العلاقة بين نظامي القذافي ونظام زين العابدين بن علي، بسبب رفض الأخير وساطة ليبية لإطلاق سراح بعض معتقلي "النهضة"، قبل سنوات من الثورة. وربما تفيد هذه المعطيات في توضيح مبررات تدخل الغنوشي في مسار كهذا. لكن المعطى الأساسي يتعلق بتفكير الغنوشي في الفترات الانتقالية من خلال النموذج التونسي. فقد وقف ضد العزل السياسي، ودافع عن فكرة التوافق الوطني بكل شراسة، على الرغم من بعض المعارضة التي يلقاها من داخل حزبه. ويؤكد الغنوشي أن هذا المسار هو الوحيد الذي يمكن أن ينهي بنسبة كبيرة الوضع الليبي المتردي الذي يراوح مكانه منذ سنوات، من دون تقدم سياسي واضح، وفي ظل فشل أي طرف في السيطرة على المشهد الليبي، سياسياً وعسكرياً.

وتلفت بعض المصادر إلى أن هذه المصالحة، لو تحققت، ربما تسهم في قلب الموازين في ليبيا، وفي الغرب بالذات. وقد تسرّع في جهود المصالحة التي تبذلها أكثر من جهة، من بينها الجزائر. وترجّح أن التقارب المعروف بين الغنوشي والرئيس، عبد العزيز بوتفليقة، قد يفسر هذه الجهود. وتشير إلى أن الصمت حيال اختطاف واغتيال الداعية الليبي، الأمين العام لهيئة علماء ليبيا، الشيخ نادر السنوسي العمراني، قبل أيام في طرابلس، ينظر إليه باعتباره مؤشراً خطيراً إلى تغير اللعبة في العاصمة الليبية، الهادئة نسبياً إلى حد الآن.

غير أن المصادر لم تحدد من هي الجهة الليبية المعنية بالمخاطبة، فالتيارات المحسوبة على الإسلام السياسي في ليبيا كثيرة، وبينها اختلافات عديدة، ولا تتقاسم وجهات النظر نفسها في خصوص الأزمة الليبية ومعالجتها، وفي خصوص التقارب مع رموز القذافي أيضاً.

المساهمون