ووصل الغنوشي إلى محافظة قابس التي تعد من أكبر محافظات الجنوب الشرقي التونسي وأهمها، وتعرّض إلى عدد من الملفات الدقيقة التي تشغل بال التونسيين هذه الأيام، ومن أبرزها ملف إلغاء مرسوم مصادرة أملاك عائلة الرئيس المخلوع بن علي وعائلته وعدد من رجال الأعمال في مرحلة ابتدائية قابلة للنقض والاعتراض.
وقال الغنوشي "صحيح أننا لم ننصب المشانق في الثورة ولم نتعامل مع خصومنا بمنطق الإقصاء والتشفي والانتقام، وقد دعونا إلى المصالحة الوطنية بما في ذلك مع رجال الأعمال، ولكن لا يعني هذا أننا موافقون على قرار إلغاء مرسوم المصادرة الذي كان من ثمار الثورة... ولن نسمح لأحد أن يستهين بالثورة ولن نقبل بعودة الماضي وسنتصدّى لذلك إن شاء الله".
اقرأ أيضاً: قلق تونسي من عودة رجال أعمال بن علي
وتعرّض الغنوشي للوضع العام في تونس، داعياً إلى عدم المبالغة في التشاؤم، لافتاً إلى أن هناك "مبالغة في إظهار الجانب الفارغ من الكأس، بينما تونس تضرب نموذجاً رائعاً في العالم العربي".
مضيفاً "عندما نرى الفوضى والانقسام والجماعات المسلّحة في ليبيا ندرك النعمة الكبرى التي تعيشها تونس، فلماذا نرى بعض التونسيين حريصين على تسويد الصورة ودفع الوضع في البلاد إلى الفوضى والفشل؟؟".
وفيما يتعلق بالدبلوماسيين العشرة المختطفين منذ يوم الجمعة في ليبيا، أكد الغنوشي أنه اتصل ببعض الأطراف الليبية للتدخل من أجل إطلاق سراح الدبلوماسيين المختطفين، مؤكداً التعامل "مع كل الفرقاء الليبيين ما عدا الإرهابيين"، ومشدداً على عدم الانحياز لأي طرف في ليبيا "بل ننحاز لوحدة ليبيا، والتي هي مصلحة تونسية".
اقرأ أيضاً: تونس: دعوات لنقض حكم إلغاء مصادرة ممتلكات بن علي
وفي سياق المختطفين ذاته، يزور وفد ليبي تونس، اليوم الأحد، لبحث إنهاء أزمة احتجاز عشرة موظفين بالقنصلية التونسية في طرابلس من قبل إحدى المجموعات المسلحة في العاصمة الليبية منذ يوم الجمعة الماضي.
وأفاد الناشط الحقوقي والمختص في الشأن الليبي مصطفى عبد الكبير "العربي الجديد" أن الوفد سيتنقل بالطائرة من طرابلس مباشرة نحو تونس العاصمة، ويضم وزيرين من حكومة الإنقاذ الوطني وعضواً من المؤتمر الوطني العام (برلمان)، بالإضافة إلى أفراد من عائلة وليد القليب القيادي الليبي الموقوف في تونس منذ نحو شهر.
وأشار عبد الكبير إلى أن الوفد سيفاوض السلطات التونسية حول إيجاد صيغة تتيح إطلاق سراح التونسيين العشرة المحتجزين، مع توفير ضمانات ملائمة لإنهاء إيقاف "القليب" في تونس.
وكانت هذه "الضمانات"، وفقاً لعبد الكبير، سبباً مباشراً في إعاقة التوصل إلى اتفاق في اللحظات الأخيرة يقضي بإطلاق سراح موظفي القنصلية التونسية في طرابلس ضمن مفاوضات هاتفية جرت ليلة السبت الأحد.
وحول السيناريوهات المتوقعة، أفادنا نفس المصدر أن أوراق التفاوض تكاد تكون منعدمة بالنسبة للجانب التونسي، وسيجد نفسه مضطراً لإيجاد حل ذكي يحفظ في الآن نفسه هيبة الدولة التونسية والإفراج عن المحتجزين وتلبية مطلب الخاطفين الرئيسي، والمتمثل في إطلاق سراح وليد القليب من السجون التونسية وإعادته إلى بلاده.
وفيما تتواصل الجهود المتصلة بتسوية مسألة احتجاز موظفي القنصلية التونسية في طرابلس، قال عضو مجلس النواب عن محافظة تطاوين بالجنوب التونسي، بشير الخليفي، في تصريحات إعلامية أن ثمانية تونسيين تم احتجازهم من قبل جهة ليبية في منطقة "جميل" بين العاصمة طرابلس ومعبر رأس اجدير الجدودي، حين كانوا في طريق العودة إلى الأراضي التونسية.
ونفي الخليفي أن يكون لهذه الإيقافات علاقة باحتجاز موظفي القنصلية، مشيراً إلى أن احتجازهم كان لأسباب إدارية بحتة، وأن إطلاق سراحهم سيتم بسرعة.
وقد تأكدت "العربي الجديد" من مصادر من عائلة أحد الموقوفين أن ابنها قد أطلق سراحه وهو في طريقه إلى المعبر الحدودي برأس اجدير، وأكد لهم في اتصال هاتفي عملية إطلاق سراحه، كما أفادهم بأن السبعة الآخرين في طريقهم للحاق به ولم تتسن معرفة أسباب هذه العملية على وجه الدقة.
اقرأ أيضاً: انفراجة مرتقبة في أزمة الدبلوماسيين التونسيين في ليبيا