يقول مراقبون، إن سوق النفط العالمية تمر بمرحلة غموض غير مسبوقة، في ظل إصرار المنتجين الخليجيين الأعضاء في "أوبك" على تقليص حصص نظرائهم من منتجي النفط الصخري، وهو ما اعترف به مسؤولون خليجيون أكثر من مرة خاصة السعودية التي تسيطر على نحو 30% من إنتاج "أوبك".
وأنتجت الشركات الأميركية في السنوات الأخيرة النفط الصخري بسرعة وكثافة، أزعجت الدول النفطية الكبرى مثل السعودية وباقي دول الخليج، وباتت تهدد حصة هذه الدول في إمدادات سوق النفط العالمي، حيث ارتفع إنتاج النفط الصخري في أميركا بنحو أربعة ملايين برميل يومياً منذ عام 2008 ليحول أميركا إلى دولة نفطية كبرى خلال سنوات قليلة، تنافس روسيا والسعودية على صدارة الإنتاج.
ويقول خبراء، إن خسائر شركات النفط الصخري قد تتجاوز 400 مليار دولار، في الفترة من يونيو/حزيران إلى نوفمبر/تشرين الثاني.
ويلف الغموض كذلك مدى قدرة سياسة أوبك الحالية على إخراج المنتجين من المصادر غير التقليدية مثل النفط الصخري من السوق، أو قدرتها على دفع المنتجين التقليديين من خارج أوبك إلى شيء من الاتفاق، ما يزيد من الاضطرابات وقد يدفع بالأسعار إلى مستويات أكثر انخفاضا.
وقال وزير النفط السعودي علي النعيمي أمام مؤتمر الطاقة العربي في أبوظبي، إن مستويات الغموض في سوق الطاقة قد ارتفعت ولا يمكن لأحد أن يتكهن "بما سيحصل في المستقبل". وأضاف: "الأمر قد يتطلب سنة أو سنتين أو ثلاثا. لا نعرف ماذا سيحصل في المستقبل. الأكيد أن المنتجين بكفاءة مرتفعة سيحكمون السوق في المستقبل"، في إشارة إلى منتجي النفط والغاز بكلفة منخفضة في الشرق الأوسط.
وكان وزير الطاقة القطري محمد السادة أكثر مباشرة في حديثه. إذ قال في الندوة نفسها إن
"الدورات في مجال عملنا هي أمر طبيعي". وأضاف الوزير القطري أن انخفاض أسعار النفط سيكون له نمط مختلف هذه المرة، إذ إن دور المنتج المرجَّح سينتقل من سيطرة قرار الحكومة إلى تفاعلات السوق، "وهذا تغير كبير في قواعد اللعبة".
وخلال العقود الثلاثة الماضية، تدخلت "أوبك" ولا سيما السعودية، لتهدئة الأسواق برفع أو تخفيض الإنتاج بهدف السيطرة على الأسعار. وقررت السعودية وشركاؤها الخليجيون عدم التدخل هذه المرة بهدف المحافظة على حصتها من السوق.
وقالت المديرة التنفيذية لوكالة الطاقة الدولية، ماريا فان دير هوفن، إن التطورات في سوق الطاقة خلال الـ 12 إلى 18 شهرا المقبلة ستكون مهمة لترقب التأثير على منتجي النفط الصخري.
وقال مدير معهد اكسفورد لدراسات الطاقة بسام فتوح، إنه نتيجة لوفرة المعروض ولضعف الطلب، خصوصا في الصين وفي دول آسيوية أخرى، إضافة إلى أوروبا واليابان، فإن المخزونات ستستمر بالارتفاع خلال 2015 ما سيزيد من الضغط على الأسعار نزولا.
وذكر فتوح، أنه مع ارتفاع إنتاج النفط الصخري الأميركي، خفضت أو أوقفت الولايات المتحدة وارداتها النفطية من غرب أفريقيا والشرق الأوسط وأميركا الجنوبية، ما دفع بالمنتجين في هذه المناطق إلى المنافسة في الأسواق الآسيوية، وقال إن ذلك أحدث تغييرا في تدفقات التجارة النفطية.
ويعزز الغموض في السوق، ضعف الاقتصاد العالمي والعودة المتوقعة لكامل الإنتاج الليبي والإيراني إلى الأسواق، والارتفاع المتوقع في الإنتاج العراقي، بحسب فتوح.
وتشكل هذه العوامل مجتمعة إضافة بحوالي ثلاثة ملايين برميل من الخام إلى المعروض النفطي.
وحتى الآن، ليس واضحا بحسب فتوح، التأثير الكامل لانخفاض الأسعار على إنتاج النفط الصخري لأن كلفة إنتاجه ليست هي نفسها في كل مكان.
ولفت فتوح إلى أنه: "قد نشهد بعض الإفلاسات إلا أن المشاريع الموجودة قد تخلق قطاعا أكثر مقاومة".