الغش يعكّر احتفالات التونسيين برأس السنة

29 ديسمبر 2019
تحضير الحلوى منزلياً يبقى الخيار الأفضل (برايانا سوكاب/ Getty)
+ الخط -

في تونس، يسعى بعض التجار عادة إلى استغلال مناسبات مثل احتفالات رأس السنة، للتلاعب بالمنتجات التي يقبل الناس عليها، خصوصاً الحلويات والدجاج، ما يدفع الجهات المعنية إلى تحذير المواطنين.

يطالب تونسيّون كثر بمقاطعة حلويات وأطعمة مثل الدجاج التي يكثر الإقبال عليها خلال احتفالات رأس السنة، في ظل استمرار عمليات الغش. ويعمد بعض الباعة إلى إعداد الحلويات قبل شهر، واعتماد أساليب متنوعة للغش منها وضع ملونات ومكونات ممنوعة للزينة. وتكشف فرق المراقبة الصحية والاقتصادية التابعة لوزارة التجارة عن العديد من المخالفات والمشاهد الصادمة التي تتعلق بإعداد الحلويات بصورة عشوائية، وسط ظروف كارثية لا تحترم فيها الشروط الصحية والنظافة، ما دفع البعض إلى مقاطعتها والدعوة إلى إعداد الحلويات في البيت. 

تقول سامية (45 عاماً)، وهي ربة بيت، إن تهافت التونسيين على شراء الدجاج والحلويات، التي يكثر استهلاكها خلال احتفالات رأس السنة، شجع بعض الباعة على الغش بهدف تحقيق أرباح إضافية، موضحة أن الإقبال الكثيف للتونسيين على شرائها أدى إلى استغلال البعض لمناسبات مماثلة، والاستفادة من هذه الفترة لبيع منتجات لا تتطابق والشروط الصحية. تضيف لـ "العربي الجديد" أن الحلويات الجيدة باهظة الثمن، وتصل في مثل هذه المناسبات إلى 80 دينار (نحو 28 دولاراً)، ما يدفع العائلات المتوسطة إلى البحث عن منتجات أقل سعراً، علماً أنها تجهل مكوناتها والمواد التي تحتويها. وتشير إلى أنها ستقاطع هذا العام شراء الحلويات من المحال، وستعدها في البيت كون كلفتها أقل ومكوناتها صحية. كما ستستبدل الدجاج بالسمك أو اللحوم الحمراء.




ويؤكّد رئيس منظمة الدفاع عن المستهلك سليم سعد الله لـ "العربي الجديد" أنّ منظمة الدفاع عن المستهلك كانت من أبرز المدافعين عن المقاطعة، التي يجب أن تكون ذاتية ولا تشمل المنتجات التي تعد عشوائياً بمناسبة رأس السنة، بل أيضاً المواد باهظة الثمن وتعويضها بأكلات تعد في البيت. ويؤكد أن هذه المقاطعة يجب أن تتحول إلى ثقافة كما يحصل على صفحات التواصل الاجتماعي، وقد نجح الأمر في الحد من جشع بعض الباعة، مشيراً إلى أن البعض يستغل مثل هذه المناسبات للربح السريع على حساب الأسر التونسية. ويوضح أنه سنوياً، تنطلق حملات مراقبة للمحلات، وترفع مخالفات، لكنها تظل غير كافية إن لم تتظافر الجهود ويشترك المستهلك طواعية فيها.

ويبين سعد الله أنّ "التجاوزات موجودة، لكن المستهلك يلعب دوراً مهماً. بعضهم يقتني الحلويات والدجاج من محلات عشوائية أو الأسواق الشعبية، وهذا غير مقبول". ويؤكد أنّه يمكن إعداد الحلويات في البيت، خصوصاً في ظل تدهور القدرة الشرائية للأسر التونسية، وعدم قدرتهم على الاهتمام بصحتهم نتيجة ضيق الوقت. ويؤكد أن بعض الباعة كانوا يستغلون المواد المدعمة من زيت وسكر وغيرها، إلا أنهم عادوا ورفعوا الأسعار وأصبحوا يغشون في المكونات. يضيف سعد الله: "من يظن أن الحلويات تعد ليلة رأس السنة فهو مخطئ، لأن غالبيتها تحضّر قبل أيام وأسابيع". ويوضح أن المخالفات موجودة حتى في اللحوم الحمراء والبيضاء التي تباع كثيراً بمناسبة رأس السنة. ويروج البعض منتجات منتهية الصلاحية وأخرى ذبحت في أماكن غير صحية، بالتالي "يتوجب على المواطن الانتباه". كذلك يشير إلى أنه يتوجب على التونسي معرفة الأمكنة التي يمكن اقتناء هذه المنتجات منها، ويقاطع الأسعار الباهظة، والعمل على ترشيد الاستهلاك والتركيز على الجودة، لأن بعض ما يقدم سيئ جداً وغير مقبول صحياً. يضيف أنّ البعض يبتكر أساليب عدة للغش وهناك من يبتكرون أساليب عدة في خداع المستهلكين ووضع ملونات في المنتجات مدعين أنها طازجة. كما تضاف مواد تضر بالمستهلك.

إلى ذلك، يقول مدير الأبحاث الاقتصادية في وزارة التجارة ياسر بن خليفة لـ "العربي الجديد" إنّ وزارة التجارة، وبالتنسيق مع الإدارات الجهوية للصحة والشرطة البيئية كثفت من عمليات المراقبة وأعدّت برنامجاً خاصاً برأس السنة، وتم تخصيص أكثر من 92 فريقا رقابيا في مختلف المحافظات التونسية، ويشمل مراقبة محلات صنع الحلويات وغيرها في مختلف الأوقات. ويوضح أنه تم تنفيذ نحو 2300 زيارة تفقّد أسفرت عن رفع 62 مخالفة اقتصادية وتوجيه أكثر من 100 إنذار صحي، واقتراح إغلاق 5 محلات، وحجز 1.5 طن من الحلويات الفاسدة وغير صالحة للاستهلاك بحكم مكونات الصنع أو ظروف الصنع والحفظ. ويوضح بن خليفة أن بعض المصنعين تولوا صنع الحلويات وحفظها منذ مدة، في درجات تقل عن 17 درجة، وهي مخالفة خطيرة تستوجب إتلاف المنتج، علماً أنه يجب أن تحفظ في درجة حرارة (ما بين 2 و4 درجات). ويؤكد أن العمل الرقابي سيتواصل حتى 31 ديسمبر/ كانون الأول، على أن يتم زيادة الرقابة، وتخصيص فرق إضافية للعمل في الصباح والمساء.




ويُلاحظ مدير الأبحاث الاقتصادية في وزارة التجارة انخفاض عدد المخالفات المرتكبة مقارنة بالعام الماضي بنسبة 43 في المائة، وقد سجل العام الماضي أكثر من 800 مخالفة، وتم حجز 62 طن من الحلويات الفاسدة وغير الصالحة للاستهلاك. ويوضح أنه يعول على وعي المستهلك ودور المجتمع المدني في التوعية وترشيد الاستهلاك والاقتناء من محال قانونية. ويلفت إلى مراقبة محال بيع الدواجن التي يكثر الإقبال عليها خلال هذه المناسبة، وضبط مسالخ عشوائية تنشط خلال هذه الفترة. وتحدث عن إغلاق ثلاثة مسالخ عشوائية، وحجز أكثر من 20 طن من لحوم الدجاج الفاسدة التي ذبحت في ظروف غير صحية. كما يشير إلى أنه ضبط في وقت سابق ملونات كيميائية خطرة وممنوعة ومواد غير صحية كبقايا الخبز ومواد منتهية الصلاحية للزينة. لكن خلال هذا العام، وبسبب كثافة الرقابة على محال صنع الحلويات، بات هناك احترام أكبر للمكونات الصحية، ولم يضبط استعمال مثل هذه المكونات الخطرة. يضيف أن غالبية المخالفات تتعلق بظروف الصنع، في ظل غياب النظافة وانتشار الحشرات أو مخالفة شروط حفظها. ويشير إلى تلقي المخالفين إنذارات لإغلاق المحال أو حجز الحلويات وإتلافها.