يذكّر الصحافي إن كيري ليس الدبلوماسي الأميركي الوحيد في طاقم باراك أوباما الذي أقرّ بـ"ضرورة" التفاوض مع الأسد. إذ قبل خروج تصريح كيري صرّح مدير وكالة الاستخبارات الأميركية، جون برينان، بشكل صريح أنه "لا أحد من بيننا، روسيا والولايات المتحدة وأعضاء التحالف (فرنسا وبريطانيا...) ودول المنطقة، يريد انهيار الحكومة في دمشق". وذهب هذا المسؤول إلى حدّ الإشارة إلى الدعم الذي تقدمه إيران للعراقيين في مواجهة "الدولة الإسلامية".
وينقل الصحافي عن دبلوماسي فرنسي قوله إن "طموح أوباما يتمثل في اتحاد الجميع ضد الجهاديين الذين يهددون بغداد ودمشق، وبالتالي فهو لا يُريد أن يستثني أحداً في سورية".
الغريب أن العلاقات الأميركية ــ السورية لم تكن وليدة اللحظة، فالصحافي يعود إلى تصريح بثينة شعبان، المستشارة المقرَّبَة من الأسد الأب والابن، قبل سنة، تقول فيه: "نتحدث مع الأميركيين ومع أجهزتهم منذ عدة أسابيع". وفي الخريف التالي، "أصبح بإمكان الطائرات الحربية الأميركية قصف المناطق التي يتواجد فيها تنظيم داعش، بهدوء، ثم تأتي أحياناً الطائرات السورية، أحياناً، لتُكمل المهمة"، وهو ما يعني "تقاسم أدوار تبتهج به صحُفُ النظام بشكل علني".
وبحسب أنجيلي، أغضبت هذه التصرفات "الانعزالية" الأميركية وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، الذي ازداد غضباً بعد تصريح جون كيري عن مفاوضات مستقبلية مع الأسد.
ويرى كلود أنجيلي أنه خلال أربع سنوات من الحرب في سورية كان "النفاق هو القاعدة". فالأميركيون والفرنسيون والبريطانيون الذين كانوا "ينظرون بعين التعاطُف مع المعارضة –المسماة علمانية ومعتدلة - التي كانت تريد التخلص من نظام الأسد، والذي كانت نهايتُهُ يُعلَن عنها كلّ شهر، لم تتلقَّ سوى أسلحة خفيفة وواقيات رصاص ونصائح، ولا شيء آخر. ولم يكن من الوارد تلقّيهم أسلحة حديثة، وخصوصاً صواريخ أرض ــ جو، رغم الوعود المنتظمة، لأنه كان يُخشى أن تسقط هذه الأسلحة بين أيدي إرهابيين".
ويصل "النفاق" إلى الأوج في أغسطس/آب 2013، حين قرر أوباما، من دون استشارة حلفائه، إلغاء الغارات الجوية على أهداف عسكرية سورية، بعد استخدام السلاح الكيماوي (مجزرة الغوطة)، وفق أنجيلي دائماً، الذي يختم "جردة النفاق" بالإشارة إلى أنه يسير جنباً إلى جنب مع "استمرار طهران وموسكو، بدعم بشار علانية بكل أنواع الأسلحة، التي يعرف جيشُهُ كيف يستخدمها، بنصح من خبراء حزب الله".
اقرأ أيضاً: واشنطن تجمّل زلة كيري: الأسد ليس طرفاً للتفاوض