هددت مضاعفات الإصابة ببكتيريا السالمونيلا حياة الطفل الليبي وسيم صداقة ذي التسعة أعوام، بعد تناوله غذاء ملوثا وفاسدا كما كشفت التحاليل التي أشرف عليها طبيبه المعالج بمستشفى طرابلس المركزي الدكتور حسن التركي، والذي رصد تزايد حالات التسمم الغذائي الناتجة عن بكتيريا السالمونيلا، إذ استقبل المستشفى الذي يعمل فيه 136 حالة خلال العام 2017 وكلها بسبب تناول غذاء فاسد وملوث كما يقول مضيفا: "الأمراض الناتجة عن الغذاء الفاسد والملوث أصبحت منتشرة، وتصيب حتى الرضع إذ عانى 43 رضيعا استقبلهم مستشفى الجلاء بطرابلس من أعراض تسمم غذائي بعد تناولهم لحليب مصنع منتشر في الأسواق الليبية".
وتصل نسبة الأغذية الفاسدة وعدم المطابقة للمواصفات القياسية الليبية الصادرة عن اللجنة العليا للمركز الوطني للمواصفات والمعايير القياسية في عام 2015 إلى 45% من إجمالي المعروض في الأسواق الليبية، وفق ما وثقه بحث مسح السوق الليبي الذي أجراه الاتحاد الليبي لحماية المستهلك (أهلي) بمشاركة الجمعية الليبية الأهلية لحماية المستهلك، جمعية ليبيا الأهلية لحماية المستهلك، وجمعية الحياة لحماية المستهلك، والجمعية الوطنية لحماية المستهلك، وجمعية تواصل لحماية المستهلك، وفق إفادة عزالدين الدلال رئيس جمعية مستقبل الوطن لحماية المستهلك المشاركة في البحث.
اقــرأ أيضاً
أنواع الأغذية الفاسدة
تتنوع الأغذية الفاسدة التي تتدفق على ليبيا في ظل الفوضى والانقسام اللذين تعيشهما البلاد، وتزايد خطر الأغذية الفاسدة في الأسواق الليبية منذ عام 2014 بشكل مضطرد حتى بات الأمر ظاهرة تستوجب مكافحتها، حفاظا على صحة الشعب الليبي والذي باتت الأمراض تفتك به كما يقول عز الدين الدلال، لـ"العربي الجديد" محذرا من أن خطر الأغذية الفاسدة يزداد بشكل حقيقي، خاصة أن جزءا كبيرا من هذه الأغذية، هو سلع أساسية لا يمكن للمواطن الاستغناء عنها، وهو ما يمكن رصده عبر دخول ثلاثة أنواع من طماطم الطهي الفاسدة من أصل 7 أنواع دخلت عبر ميناء الخمس (مخصص بشكل أساسي من أجل استقبال الحاويات ) خلال عام 2015 والذي شهد توريد صنفين من زيوت الطهي الفاسد من أصل تسعة أنواع، وأربعة أنواع من الأرز الفاسد لكن تم ضبطها، بحسب توثيق بحث مسح السوق الليبي.
ويرد رئيس قسم مكافحة التهريب بمكتب مصلحة الجمارك بميناء الخمس عبد الله لاغا، على اتهامات الدلال بإدخال مواد غذائية فاسدة من الميناء بالقول: "تلك الفترة كانت البلاد تعانى فوضى وانقساما إداريا كبيرا وسيطرة مجموعات مسلحة"، لكنه أضاف مستدركا: "ربما فساد تلك المواد نتيجة سوء التخزين بعد خروجها من الميناء".
لكن الأمر لا يقتصر على ميناء الخمس فقط، إذ كشفت وحدة التفيش الآلي بميناء مصراتة على صفحتها الرسمية في الفيسبوك في إبريل/نيسان الماضي عن تسرب شحنة غذائية فاسدة مكونة من "المايونيز والكاتشب وعصير حبيبات وقهوة وسمن نباتي" إلى الأسواق، رغم أن الوحدة تحفظت عليها منذ يوليو/تموز من العام الماضي، إلا أن 33 حاوية من أصل 34 خرجت بإفراج جمركي ليتلقفها التجار وتباع في الأسواق الليبية، رغم عدم حصولها على إفراج من مركز الرقابة على الأغذية.
وعلى الرغم من انتشار التحذيرات من الأغذية الفاسدة عبر وسائل الإعلام، إلا أن مركز الرقابة على الأغذية والأدوية المعني بكشف تلك الشحنات وتحذير الليبيين منها، لم يتناول أمر تلك الشحنة على صفحته الرسمية على موقع الفيسبوك والتي تحظى بمتابعة وتفاعل من الليبيين، كما يفعل في العادة، وهو ما يبرره مدير فرع مركز الرقابة على الأغذية بطرابلس عبد الرزاق التاجوري بالقول: "المركز يستجيب لطلبات التجار الموردين من جهة ومصلحة الجمارك من جهة أخرى، وكلاهما لم يعطيا المركزعلما بالسلعة لإخضاعها للفحص، ومن ثم إصدار شهادة بحقها إيجابا، أو سلبا".
كيف تدخل الأغذية الفاسدة إلى ليبيا؟
تدخل الأغذية الفاسدة بشكل أساسي عبر المنافذ غير الرسمية وبعضها يتسرب بحسب تأكيد مدير فرع مركز الرقابة على الأغذية بطرابلس، والذي يرجع الأمر إلى معاناة المركز من ثغرات كبيرة، ناتجة عن النقص الكبير في كوادر الموانئ التي تستقبل شحنات مستوردة، كميناء الخمس، وعدم التنسيق بين المنافذ البرية والبحرية، وتداخل اختصاصات جهات حكومية أخرى، مثل وزارة الاقتصاد التي تمنح الإذن بدخول البضائع بموجب صلاحيات لها، ومراقبة الصحة الحيوانية التي تمنح إذن دخول اللحوم والدواجن، الأمر الذي أحدث فوضى كبيرة وسهل للمهربين أعمالهم، ملقيا باللائمة على مصلحة الجمارك المشرفة على المنافذ قائلا "عملنا يأتي بعدها فهي من تخطرنا بدخول الشحن لنفتش عليها ونمنحها إذن الإفراج"، مضيفا أن الغذاء الفاسد والملوث يرجع في بعض الأحيان إلى انتهاء الصلاحية بسبب سوء التخزين، أو مخالفة طريقة الإنتاج في المصانع المحلية.
ويتفق مراقب الاقتصاد ببلدية مصراتة محمد السبيخي مع جزئية الفوضى الناتجة عن تداخل الاختصاصات، مؤكدا أن شحنة كبيرة من الأضاحي، دخلت بأذونات وأوامر مباشرة من الوزارات في طرابلس العام الماضي، دون الرجوع له كما لم تخضع للتفتيش من مركز الرقابة على الأغذية والأدوية، وتم استهلاك لحومها، وهو ما تكرر في حالات شحنات غذائية أخرى عبر ميناء المدينة، "كلها تمت بذات الطريقة ولا أحد يعلم ما بها" وفق إفادته.
مركز الأغذية في قفص الاتهام
يكشف تقرير ديوان المحاسبة الليبي العام لعام 2017 الصادر في بداية العام الجاري، على توسع مركز الرقابة على الأغذية والأدوية في منح 46 من شهادات الإفراج المؤقت عن شحنات غذائية من أصل 81 شحنة جرى رفض دخولها لاحقا.
وتابع التقرير الذي حصلت "العربي الجديد" على نسخة منه: "عبر مطابقة شحنات الأغذية والسلع المستوردة عبر منفذ ميناء مصراتة البحري على سبيل العينة، والتي صدرت بشأنها شهادات عدم الإفراج عن مركز الرقابة على الأغذية والأدوية (الشحنات المرفوضة) خلال عام 2016 لعدم صلاحيتها للاستهلاك البشري، وبين محاضر إتلاف تلك الشحنات التي تصدر عن مديرية جمارك مصراتة في ذات العام بحسب تقرير ديوان المحاسبة لسنة 2017، تبين إتلاف ما نسبته 28% من 81 شحنة مرفوضة من مركز الرقابة في عام 2016، ولم يتبين لديوان المحاسبة أي إجراءات اتخذت لبقية الشحنات، بالرغم من مطالبة الديوان بمعرفة مصيرها"، وهو ما يؤكده عبدالرزاق التاجوري مقرا بوجود تجاوزات في عهد إدارة المركز السابقة كما يقول، مضيفا أن الأمر رهن المراجعة والتحقيق.
وتؤكد تقارير مركز الأغذية التي اطلع عليها معد التحقيق أن المركز أفرج عن 7164 شحنة من 7353 شحنة غذائية، ورفض 189 شحنة عبر مكاتبه الستة الموزعة على أرجاء البلاد من خلال 3367 زيارة ميدانية نفذها موظفيه، كما قاموا بتسجيل 3604 شركات مستوردة للأغذية لم تكن ضمن سجلاته في العام 2017.
اقــرأ أيضاً
نافذون في الدولة يوردون سلعاً فاسدة
تكشف سهام الدرباك، وكيل نيابة بمحكمة جنوب طرابلس الابتدائية أن تجارا كبارا وراءهم مسؤولون متنفذون في الدولة، لا يمكن ملاحقتهم، بسبب تمترسهم وراء المليشيات الكبيرة، لا يزالون يوردون سلعا منتهية الصلاحية بما فيها الغذاء والدواء، وتابعت لـ"العربي الجديد" :"القضاء نظر في 1191 قضية ضد شركات ليبية متورطة في جلب سلع غذائية فاسدة منذ العام 2014 حتى نهاية 2017 وتم الحكم في 97 قضية حتى الآن من القضاء الإداري، ومن ضمنها قضية منظورة أمام محكمة البيضاء بشأن تورط صندوق موازنة الأسعار التابع لحكومة شرق البلاد في توريد كمية كبيرة من زيت الطهي غير الصالح للاستهلاك الآدمي للجمعيات الاستهلاكية، في مارس/آذار الماضي، مضيفة أن كل أجهزة الدولة تفشى فيها الفساد وتورطت في عمليات تسهيل دخول السلع الغذائية الفاسدة، وأن مسؤولين في تلك الأجهزة تحوم حولهم شبهات تلقي، رشى وتسهيل الحصول على رخص وإفراجات غير قانونية".
ويعترف مسؤول بمركز الرقابة على الأغذية (فضل عدم ذكر اسمه) بوجود مسؤولين فاسدين يمررون الموافقات على الشحنات الفاسدة، لكنه يقول لـ"العربي الجديد": "هناك تجاوزات أخرى تتعلق بتوقيف مواد غذائية مستوردة على الحدود، أو في الموانئ، في ظروف تخزين غير ملائمة لابتزاز مورديها ومنحها إفراجا، لكنها بعد الإفراج عنها تكون قد شارفت على انتهاء صلاحيتها"، مشيرا إلى حصول سلع وأصناف كثيرة على إفراجات جمركية، لكن يتم تغيير تواريخ صلاحيتها بعد أشهر من انتهائها، وهو ما يتم عبر آلات مخصصة لذلك إذ جرى ضبط 12 آلة في طرابلس وبنغازي موردة خصيصا لتغيير تواريخ الصلاحية التي تحفر مجددا على علب بعض السلع بحسب المسؤول ذاته.
بالمقابل رفعت دعاوى قضائية من قبل تجار فسدت بضائعهم بسبب حجزها في الموانئ والحدود، لأن أصحابها لم يدفعوا رشى لمسؤولي الجمارك بحسب الدرباك، مشيرة إلى أن هذا لا يعني انفلاتا كليا، فهناك مئات الشحنات تم إتلافها بحكم القضاء وإجبار الأجهزة الرقابية.
وأتلفت إدارة التفتيش والمتابعة بالإدارة العامة لجهاز الحرس البلدي، 153 طنا من الأغذية الفاسدة خلال العام 2017، بحسب مديرها عبد الله هلالة والذي قال لــ "العربي الجديد": "مهمة الجهاز تنحصر في المتابعة والتفتيش داخل الأسواق، لكن نطاق سلطتنا ضيق جدا بسبب الانفلات الأمني الكبير في البلاد".
وتصل نسبة الأغذية الفاسدة وعدم المطابقة للمواصفات القياسية الليبية الصادرة عن اللجنة العليا للمركز الوطني للمواصفات والمعايير القياسية في عام 2015 إلى 45% من إجمالي المعروض في الأسواق الليبية، وفق ما وثقه بحث مسح السوق الليبي الذي أجراه الاتحاد الليبي لحماية المستهلك (أهلي) بمشاركة الجمعية الليبية الأهلية لحماية المستهلك، جمعية ليبيا الأهلية لحماية المستهلك، وجمعية الحياة لحماية المستهلك، والجمعية الوطنية لحماية المستهلك، وجمعية تواصل لحماية المستهلك، وفق إفادة عزالدين الدلال رئيس جمعية مستقبل الوطن لحماية المستهلك المشاركة في البحث.
أنواع الأغذية الفاسدة
تتنوع الأغذية الفاسدة التي تتدفق على ليبيا في ظل الفوضى والانقسام اللذين تعيشهما البلاد، وتزايد خطر الأغذية الفاسدة في الأسواق الليبية منذ عام 2014 بشكل مضطرد حتى بات الأمر ظاهرة تستوجب مكافحتها، حفاظا على صحة الشعب الليبي والذي باتت الأمراض تفتك به كما يقول عز الدين الدلال، لـ"العربي الجديد" محذرا من أن خطر الأغذية الفاسدة يزداد بشكل حقيقي، خاصة أن جزءا كبيرا من هذه الأغذية، هو سلع أساسية لا يمكن للمواطن الاستغناء عنها، وهو ما يمكن رصده عبر دخول ثلاثة أنواع من طماطم الطهي الفاسدة من أصل 7 أنواع دخلت عبر ميناء الخمس (مخصص بشكل أساسي من أجل استقبال الحاويات ) خلال عام 2015 والذي شهد توريد صنفين من زيوت الطهي الفاسد من أصل تسعة أنواع، وأربعة أنواع من الأرز الفاسد لكن تم ضبطها، بحسب توثيق بحث مسح السوق الليبي.
ويرد رئيس قسم مكافحة التهريب بمكتب مصلحة الجمارك بميناء الخمس عبد الله لاغا، على اتهامات الدلال بإدخال مواد غذائية فاسدة من الميناء بالقول: "تلك الفترة كانت البلاد تعانى فوضى وانقساما إداريا كبيرا وسيطرة مجموعات مسلحة"، لكنه أضاف مستدركا: "ربما فساد تلك المواد نتيجة سوء التخزين بعد خروجها من الميناء".
لكن الأمر لا يقتصر على ميناء الخمس فقط، إذ كشفت وحدة التفيش الآلي بميناء مصراتة على صفحتها الرسمية في الفيسبوك في إبريل/نيسان الماضي عن تسرب شحنة غذائية فاسدة مكونة من "المايونيز والكاتشب وعصير حبيبات وقهوة وسمن نباتي" إلى الأسواق، رغم أن الوحدة تحفظت عليها منذ يوليو/تموز من العام الماضي، إلا أن 33 حاوية من أصل 34 خرجت بإفراج جمركي ليتلقفها التجار وتباع في الأسواق الليبية، رغم عدم حصولها على إفراج من مركز الرقابة على الأغذية.
وعلى الرغم من انتشار التحذيرات من الأغذية الفاسدة عبر وسائل الإعلام، إلا أن مركز الرقابة على الأغذية والأدوية المعني بكشف تلك الشحنات وتحذير الليبيين منها، لم يتناول أمر تلك الشحنة على صفحته الرسمية على موقع الفيسبوك والتي تحظى بمتابعة وتفاعل من الليبيين، كما يفعل في العادة، وهو ما يبرره مدير فرع مركز الرقابة على الأغذية بطرابلس عبد الرزاق التاجوري بالقول: "المركز يستجيب لطلبات التجار الموردين من جهة ومصلحة الجمارك من جهة أخرى، وكلاهما لم يعطيا المركزعلما بالسلعة لإخضاعها للفحص، ومن ثم إصدار شهادة بحقها إيجابا، أو سلبا".
كيف تدخل الأغذية الفاسدة إلى ليبيا؟
تدخل الأغذية الفاسدة بشكل أساسي عبر المنافذ غير الرسمية وبعضها يتسرب بحسب تأكيد مدير فرع مركز الرقابة على الأغذية بطرابلس، والذي يرجع الأمر إلى معاناة المركز من ثغرات كبيرة، ناتجة عن النقص الكبير في كوادر الموانئ التي تستقبل شحنات مستوردة، كميناء الخمس، وعدم التنسيق بين المنافذ البرية والبحرية، وتداخل اختصاصات جهات حكومية أخرى، مثل وزارة الاقتصاد التي تمنح الإذن بدخول البضائع بموجب صلاحيات لها، ومراقبة الصحة الحيوانية التي تمنح إذن دخول اللحوم والدواجن، الأمر الذي أحدث فوضى كبيرة وسهل للمهربين أعمالهم، ملقيا باللائمة على مصلحة الجمارك المشرفة على المنافذ قائلا "عملنا يأتي بعدها فهي من تخطرنا بدخول الشحن لنفتش عليها ونمنحها إذن الإفراج"، مضيفا أن الغذاء الفاسد والملوث يرجع في بعض الأحيان إلى انتهاء الصلاحية بسبب سوء التخزين، أو مخالفة طريقة الإنتاج في المصانع المحلية.
ويتفق مراقب الاقتصاد ببلدية مصراتة محمد السبيخي مع جزئية الفوضى الناتجة عن تداخل الاختصاصات، مؤكدا أن شحنة كبيرة من الأضاحي، دخلت بأذونات وأوامر مباشرة من الوزارات في طرابلس العام الماضي، دون الرجوع له كما لم تخضع للتفتيش من مركز الرقابة على الأغذية والأدوية، وتم استهلاك لحومها، وهو ما تكرر في حالات شحنات غذائية أخرى عبر ميناء المدينة، "كلها تمت بذات الطريقة ولا أحد يعلم ما بها" وفق إفادته.
مركز الأغذية في قفص الاتهام
يكشف تقرير ديوان المحاسبة الليبي العام لعام 2017 الصادر في بداية العام الجاري، على توسع مركز الرقابة على الأغذية والأدوية في منح 46 من شهادات الإفراج المؤقت عن شحنات غذائية من أصل 81 شحنة جرى رفض دخولها لاحقا.
وتابع التقرير الذي حصلت "العربي الجديد" على نسخة منه: "عبر مطابقة شحنات الأغذية والسلع المستوردة عبر منفذ ميناء مصراتة البحري على سبيل العينة، والتي صدرت بشأنها شهادات عدم الإفراج عن مركز الرقابة على الأغذية والأدوية (الشحنات المرفوضة) خلال عام 2016 لعدم صلاحيتها للاستهلاك البشري، وبين محاضر إتلاف تلك الشحنات التي تصدر عن مديرية جمارك مصراتة في ذات العام بحسب تقرير ديوان المحاسبة لسنة 2017، تبين إتلاف ما نسبته 28% من 81 شحنة مرفوضة من مركز الرقابة في عام 2016، ولم يتبين لديوان المحاسبة أي إجراءات اتخذت لبقية الشحنات، بالرغم من مطالبة الديوان بمعرفة مصيرها"، وهو ما يؤكده عبدالرزاق التاجوري مقرا بوجود تجاوزات في عهد إدارة المركز السابقة كما يقول، مضيفا أن الأمر رهن المراجعة والتحقيق.
وتؤكد تقارير مركز الأغذية التي اطلع عليها معد التحقيق أن المركز أفرج عن 7164 شحنة من 7353 شحنة غذائية، ورفض 189 شحنة عبر مكاتبه الستة الموزعة على أرجاء البلاد من خلال 3367 زيارة ميدانية نفذها موظفيه، كما قاموا بتسجيل 3604 شركات مستوردة للأغذية لم تكن ضمن سجلاته في العام 2017.
نافذون في الدولة يوردون سلعاً فاسدة
تكشف سهام الدرباك، وكيل نيابة بمحكمة جنوب طرابلس الابتدائية أن تجارا كبارا وراءهم مسؤولون متنفذون في الدولة، لا يمكن ملاحقتهم، بسبب تمترسهم وراء المليشيات الكبيرة، لا يزالون يوردون سلعا منتهية الصلاحية بما فيها الغذاء والدواء، وتابعت لـ"العربي الجديد" :"القضاء نظر في 1191 قضية ضد شركات ليبية متورطة في جلب سلع غذائية فاسدة منذ العام 2014 حتى نهاية 2017 وتم الحكم في 97 قضية حتى الآن من القضاء الإداري، ومن ضمنها قضية منظورة أمام محكمة البيضاء بشأن تورط صندوق موازنة الأسعار التابع لحكومة شرق البلاد في توريد كمية كبيرة من زيت الطهي غير الصالح للاستهلاك الآدمي للجمعيات الاستهلاكية، في مارس/آذار الماضي، مضيفة أن كل أجهزة الدولة تفشى فيها الفساد وتورطت في عمليات تسهيل دخول السلع الغذائية الفاسدة، وأن مسؤولين في تلك الأجهزة تحوم حولهم شبهات تلقي، رشى وتسهيل الحصول على رخص وإفراجات غير قانونية".
ويعترف مسؤول بمركز الرقابة على الأغذية (فضل عدم ذكر اسمه) بوجود مسؤولين فاسدين يمررون الموافقات على الشحنات الفاسدة، لكنه يقول لـ"العربي الجديد": "هناك تجاوزات أخرى تتعلق بتوقيف مواد غذائية مستوردة على الحدود، أو في الموانئ، في ظروف تخزين غير ملائمة لابتزاز مورديها ومنحها إفراجا، لكنها بعد الإفراج عنها تكون قد شارفت على انتهاء صلاحيتها"، مشيرا إلى حصول سلع وأصناف كثيرة على إفراجات جمركية، لكن يتم تغيير تواريخ صلاحيتها بعد أشهر من انتهائها، وهو ما يتم عبر آلات مخصصة لذلك إذ جرى ضبط 12 آلة في طرابلس وبنغازي موردة خصيصا لتغيير تواريخ الصلاحية التي تحفر مجددا على علب بعض السلع بحسب المسؤول ذاته.
بالمقابل رفعت دعاوى قضائية من قبل تجار فسدت بضائعهم بسبب حجزها في الموانئ والحدود، لأن أصحابها لم يدفعوا رشى لمسؤولي الجمارك بحسب الدرباك، مشيرة إلى أن هذا لا يعني انفلاتا كليا، فهناك مئات الشحنات تم إتلافها بحكم القضاء وإجبار الأجهزة الرقابية.
وأتلفت إدارة التفتيش والمتابعة بالإدارة العامة لجهاز الحرس البلدي، 153 طنا من الأغذية الفاسدة خلال العام 2017، بحسب مديرها عبد الله هلالة والذي قال لــ "العربي الجديد": "مهمة الجهاز تنحصر في المتابعة والتفتيش داخل الأسواق، لكن نطاق سلطتنا ضيق جدا بسبب الانفلات الأمني الكبير في البلاد".