اليوم، موعد عودة التلاميذ السوريين إلى المدرسة. وإلى جانب كلّ المشاعر المتناقضة التي يحسها هؤلاء في مثل هذا الموسم، فإنّ أهاليهم يشعرون بضيق ماديّ خصوصاً
على مدى الأسابيع الأخيرة، راح السوريون في مناطق سيطرة النظام يستعدون لإرسال أبنائهم إلى المدارس التي تفتح أبوابها لاستقبالهم اليوم، الإثنين، في الثاني من سبتمبر/ أيلول، وذلك في ظلّ ضغط مادي من جرّاء ارتفاع أسعار الألبسة والمستلزمات المدرسية. وراح يشكو أهالي التلاميذ من قدراتهم المالية المتواضعة في وجه الغلاء الكبير، لا سيّما أنّ الأسعار ترتفع في كلّ عام عمّا كانت عليه في العام الذي سبق.
أبو محمد حيدر، موظف في دمشق وأب لأربعة أبناء، بالكاد تمكّن من توفير احتياجات أولاده استعداداً للعودة إلى المدرسة. يقول لـ"العربي الجديد"، إنّ "أسعار الزيّ المدرسي والقرطاسية ترتفع من عام إلى آخر"، شارحاً أنّ "ثمن السروال يراوح ما بين ستة آلاف ليرة سورية وتسعة آلاف (نحو 12 - 17 دولاراً أميركياً)، والقميص ما بين ثلاثة آلاف ليرة وخمسة آلاف (نحو ستة - عشرة دولارات)، والسترة يصل ثمنها إلى 12 ألف ليرة (نحو 23 دولاراً). أمّا الحذاء فقد يصل سعره إلى 25 ألف ليرة (نحو 50 دولاراً) بحسب جودته، وحذاء الرياضة لا يقلّ عن 16 ألف ليرة (نحو 30 دولاراً)، فيما الشعبي يراوح ما بين ثمانية آلاف ليرة و10 آلاف (نحو 15 - 20 دولاراً)". ويتابع حيدر "ولم نتحدث بعد عن شراء معطف شتوي وقبعة شتوية وجوارب وغيرها والتي لا تقل عن 20 ألف ليرة (نحو 40 دولاراً)، ما يعني أنّني بحاجة إلى نحو 200 ألف ليرة (نحو 400 دولار) للزيّ المدرسي من دون كسوة الشتاء، وهذا يساوي راتبي في الدولة لمدّة خمسة أشهر". ويوضح حيدر أنّه "لو لم أكن أملك دخلاً إضافياً، لما تمكّنت من شراء الزيّ المدرسي لأبنائي. فأنا اشتركت منذ الشهر الأوّل من العام الدراسي الماضي في جمعيات مع عدد من الأصدقاء فأتسلّم المال المستحقّ في موسم المدارس". ويلفت إلى أنّ "القرطاسية أجّلتها إلى ما بعد العودة إلى المدرسة حتّى أعلم بالتحديد ما يطلبه المدرّسون من كرّاسات ومستلزمات أخرى بالإضافة إلى أنّني أكون قد تسلّمت رواتبي".
اقــرأ أيضاً
من جهته، عماد دياب، وهو عامل مياوم في إحدى ورش البناء، وأب لخمسة أبناء، ثلاثة منهم في المدرسة، فقد اكتفى بشراء قميص وسروالَين، واحد لابنه في الصف الثامن والثاني لشقيقه في الخامس بالإضافة إلى صدريّة للأصغر منهم. يقول لـ"العربي الجديد"، إنّ "هذا يكفي حالياً، فالطقس ما زال حاراً، وسوف يبقى كذلك في خلال الشهرين المقبلين بحسب ما تفيد بيانات الأرصاد الجوية. وحتى ذلك الحين، يكون الوضع قد تحسّن قليلاً". وعن القرطاسية، يوضح "تسجّلت في أكثر من جمعية خيرية، وأظنّ بحسب ما يدور من أحاديث في الحيّ أنّ الأمم المتحدة سوف توزّع حقائب وقرطاسية على التلاميذ في المدارس". ويتابع أنّ "التلميذ بحاجة إلى نحو 10 كراسات على أقل تقدير، ثمنها 2500 ليرة (نحو خمسة دولارات)، بالإضافة إلى حقيبة يراوح ثمنها ما بين ثلاثة آلاف ليرة وثمانية آلاف (نحو ستة - 15 دولاراً)، علماً أنّ ثمّة حقائب تُباع بأسعار أعلى".
في سياق متّصل، لا يخفي معتصم حوراني، الستيني الذي لم تتبقّ له سوى ابنة واحدة في المدرسة، في الصف الثاني الثانوي، سخطه إزاء "ما يُعرَض في السوق على أنّه لباس مدرسي"، قائلاً لـ"العربي الجديد"، إنّه "في أيامي كان اللباس المدرسي يشبه اللباس العسكري، موحّد التصميم واللون، فيما كان يُمنَع إجراء أيّ تعديل عليه. حتى نوعيّة القماش لم تكن تختلف كثيراً بين زيّ وآخر". ويشير إلى أنّ "المبررات حينها كانت عديدة، منها أنّ اللباس يزيل الفوارق المادية بين التلاميذ، أمّا اليوم فالأمر مختلف تماماً". يضيف حوراني أنّه "لم يتبقَ اليوم من اللباس المدرسي سوى اللون الخاص به. وحين تدخل إلى أيّ محلّ لبيع الألبسة المدرسية، علماً أنّها تملأ الواجهات، يعرض لك البائع أكثر من عشرة موديلات، خصوصاً تلك المعدّة للفتيات. فتجد السراويل الضيّقة جداً والقمصان المزّينة وذات التصاميم المعدّة لإبراز أنوثة الفتاة، خصوصاً المراهقات منهنّ". ويتابع أنّ "الفتيان ليسوا مستثنين من ذلك، إذ إنّ لديهم كذلك سراويل ضيّقة، وأحياناً ضيّقة جداً في أسفل الساق، أمّا خصر السروال فمنخفض جداً. وبالنسبة إلى المعطف المدرسي، قد تجد سحابات وأشكال وكتابات مختلفة".
اقــرأ أيضاً
من جهة أخرى، يقول فراس عبد الصمد، وهو صاحب مكتبة للوازم المدرسية، لـ"العربي الجديد"، إنّه "في السنوات الأخيرة صرنا نلحظ أنّ الأسعار ترتفع بوتيرة سنوية ما بين 30 في المائة و40، وهذا ما حدث في خلال الموسم الحالي كذلك". يضيف أنّ "الناس يحمّلون البائع المسؤولية أو ما يعرف بتاجر المفرّق (التجزئة)، لكنّه في الحقيقة الحلقة الأضعف وربحه بالكاد يصل إلى 20 في المائة أو 25، في حين الأرباح الكبرى تدخل جيب التاجر الكبير مستورد تلك المواد". ويوضح عبد الصمد أنّ "الناس يترددون غالباً قبل اتخاذ قرار الشراء، وهم يسألون عن الأسعار في السوق أكثر من مرّة واحدة قبل حسم أمرهم، وذلك بسبب وجود فوارق في الأسعار بين محلّ وآخر. وسبب الاختلاف قد يعود إلى الأسعار التي حددها التاجر أو إلى الجشع واستغلال حاجة العائلات لشراء تلك المواد، خصوصاً أنّ أبناءهم على أبواب المدارس".
بالنسبة إلى عمر صعب، وهو سائق سيارة أجرة يُعِدّ نفسه من أصحاب الدخول الجيدة بالمقارنة مع موظفي الدولة، فإنّه من غير الممكن إخفاء قلقه على ابنه الأكبر في الصف الثالث الثانوي من العام الدراسي الجديد، ويقول لـ"العربي الجديد"، إنّ "هذه السنة مصيرية وواقع المدارس سيّئ جداً، فثمّة ازدحام كبير في غرف الصفوف. القاعة التي تستوعب 20 تلميذاً، قد تجد فيها 40 تلميذاً أو 50، إلى جانب مدرّسين كثيرين لا يتمتّعون بالكفاءة المطلوبة". يضيف صعب أنّ "ذلك يجبر الأهل والأبناء على الاعتماد على الدروس الخصوصية والمعاهد الخاصة، وهو أمر مرهق جداً مادياً. فالعام الماضي كانت جلسة المدرّس الخصوصي التي لا تزيد عن ساعة ونصف الساعة تراوح ما بين ألفَي ليرة وستة آلاف (نحو أربعة دولارات - 12 دولاراً)، وذلك بحسب شهرة المدرّس والمادة. لديّ صديق أنفق أكثر من نصف مليون ليرة (نحو ألف دولار) في الفصل الثاني من المدرسة في العام الماضي على الدروس الخصوصية لابنته، وذلك على حساب بقية أفراد العائلة".
أبو محمد حيدر، موظف في دمشق وأب لأربعة أبناء، بالكاد تمكّن من توفير احتياجات أولاده استعداداً للعودة إلى المدرسة. يقول لـ"العربي الجديد"، إنّ "أسعار الزيّ المدرسي والقرطاسية ترتفع من عام إلى آخر"، شارحاً أنّ "ثمن السروال يراوح ما بين ستة آلاف ليرة سورية وتسعة آلاف (نحو 12 - 17 دولاراً أميركياً)، والقميص ما بين ثلاثة آلاف ليرة وخمسة آلاف (نحو ستة - عشرة دولارات)، والسترة يصل ثمنها إلى 12 ألف ليرة (نحو 23 دولاراً). أمّا الحذاء فقد يصل سعره إلى 25 ألف ليرة (نحو 50 دولاراً) بحسب جودته، وحذاء الرياضة لا يقلّ عن 16 ألف ليرة (نحو 30 دولاراً)، فيما الشعبي يراوح ما بين ثمانية آلاف ليرة و10 آلاف (نحو 15 - 20 دولاراً)". ويتابع حيدر "ولم نتحدث بعد عن شراء معطف شتوي وقبعة شتوية وجوارب وغيرها والتي لا تقل عن 20 ألف ليرة (نحو 40 دولاراً)، ما يعني أنّني بحاجة إلى نحو 200 ألف ليرة (نحو 400 دولار) للزيّ المدرسي من دون كسوة الشتاء، وهذا يساوي راتبي في الدولة لمدّة خمسة أشهر". ويوضح حيدر أنّه "لو لم أكن أملك دخلاً إضافياً، لما تمكّنت من شراء الزيّ المدرسي لأبنائي. فأنا اشتركت منذ الشهر الأوّل من العام الدراسي الماضي في جمعيات مع عدد من الأصدقاء فأتسلّم المال المستحقّ في موسم المدارس". ويلفت إلى أنّ "القرطاسية أجّلتها إلى ما بعد العودة إلى المدرسة حتّى أعلم بالتحديد ما يطلبه المدرّسون من كرّاسات ومستلزمات أخرى بالإضافة إلى أنّني أكون قد تسلّمت رواتبي".
من جهته، عماد دياب، وهو عامل مياوم في إحدى ورش البناء، وأب لخمسة أبناء، ثلاثة منهم في المدرسة، فقد اكتفى بشراء قميص وسروالَين، واحد لابنه في الصف الثامن والثاني لشقيقه في الخامس بالإضافة إلى صدريّة للأصغر منهم. يقول لـ"العربي الجديد"، إنّ "هذا يكفي حالياً، فالطقس ما زال حاراً، وسوف يبقى كذلك في خلال الشهرين المقبلين بحسب ما تفيد بيانات الأرصاد الجوية. وحتى ذلك الحين، يكون الوضع قد تحسّن قليلاً". وعن القرطاسية، يوضح "تسجّلت في أكثر من جمعية خيرية، وأظنّ بحسب ما يدور من أحاديث في الحيّ أنّ الأمم المتحدة سوف توزّع حقائب وقرطاسية على التلاميذ في المدارس". ويتابع أنّ "التلميذ بحاجة إلى نحو 10 كراسات على أقل تقدير، ثمنها 2500 ليرة (نحو خمسة دولارات)، بالإضافة إلى حقيبة يراوح ثمنها ما بين ثلاثة آلاف ليرة وثمانية آلاف (نحو ستة - 15 دولاراً)، علماً أنّ ثمّة حقائب تُباع بأسعار أعلى".
في سياق متّصل، لا يخفي معتصم حوراني، الستيني الذي لم تتبقّ له سوى ابنة واحدة في المدرسة، في الصف الثاني الثانوي، سخطه إزاء "ما يُعرَض في السوق على أنّه لباس مدرسي"، قائلاً لـ"العربي الجديد"، إنّه "في أيامي كان اللباس المدرسي يشبه اللباس العسكري، موحّد التصميم واللون، فيما كان يُمنَع إجراء أيّ تعديل عليه. حتى نوعيّة القماش لم تكن تختلف كثيراً بين زيّ وآخر". ويشير إلى أنّ "المبررات حينها كانت عديدة، منها أنّ اللباس يزيل الفوارق المادية بين التلاميذ، أمّا اليوم فالأمر مختلف تماماً". يضيف حوراني أنّه "لم يتبقَ اليوم من اللباس المدرسي سوى اللون الخاص به. وحين تدخل إلى أيّ محلّ لبيع الألبسة المدرسية، علماً أنّها تملأ الواجهات، يعرض لك البائع أكثر من عشرة موديلات، خصوصاً تلك المعدّة للفتيات. فتجد السراويل الضيّقة جداً والقمصان المزّينة وذات التصاميم المعدّة لإبراز أنوثة الفتاة، خصوصاً المراهقات منهنّ". ويتابع أنّ "الفتيان ليسوا مستثنين من ذلك، إذ إنّ لديهم كذلك سراويل ضيّقة، وأحياناً ضيّقة جداً في أسفل الساق، أمّا خصر السروال فمنخفض جداً. وبالنسبة إلى المعطف المدرسي، قد تجد سحابات وأشكال وكتابات مختلفة".
من جهة أخرى، يقول فراس عبد الصمد، وهو صاحب مكتبة للوازم المدرسية، لـ"العربي الجديد"، إنّه "في السنوات الأخيرة صرنا نلحظ أنّ الأسعار ترتفع بوتيرة سنوية ما بين 30 في المائة و40، وهذا ما حدث في خلال الموسم الحالي كذلك". يضيف أنّ "الناس يحمّلون البائع المسؤولية أو ما يعرف بتاجر المفرّق (التجزئة)، لكنّه في الحقيقة الحلقة الأضعف وربحه بالكاد يصل إلى 20 في المائة أو 25، في حين الأرباح الكبرى تدخل جيب التاجر الكبير مستورد تلك المواد". ويوضح عبد الصمد أنّ "الناس يترددون غالباً قبل اتخاذ قرار الشراء، وهم يسألون عن الأسعار في السوق أكثر من مرّة واحدة قبل حسم أمرهم، وذلك بسبب وجود فوارق في الأسعار بين محلّ وآخر. وسبب الاختلاف قد يعود إلى الأسعار التي حددها التاجر أو إلى الجشع واستغلال حاجة العائلات لشراء تلك المواد، خصوصاً أنّ أبناءهم على أبواب المدارس".
بالنسبة إلى عمر صعب، وهو سائق سيارة أجرة يُعِدّ نفسه من أصحاب الدخول الجيدة بالمقارنة مع موظفي الدولة، فإنّه من غير الممكن إخفاء قلقه على ابنه الأكبر في الصف الثالث الثانوي من العام الدراسي الجديد، ويقول لـ"العربي الجديد"، إنّ "هذه السنة مصيرية وواقع المدارس سيّئ جداً، فثمّة ازدحام كبير في غرف الصفوف. القاعة التي تستوعب 20 تلميذاً، قد تجد فيها 40 تلميذاً أو 50، إلى جانب مدرّسين كثيرين لا يتمتّعون بالكفاءة المطلوبة". يضيف صعب أنّ "ذلك يجبر الأهل والأبناء على الاعتماد على الدروس الخصوصية والمعاهد الخاصة، وهو أمر مرهق جداً مادياً. فالعام الماضي كانت جلسة المدرّس الخصوصي التي لا تزيد عن ساعة ونصف الساعة تراوح ما بين ألفَي ليرة وستة آلاف (نحو أربعة دولارات - 12 دولاراً)، وذلك بحسب شهرة المدرّس والمادة. لديّ صديق أنفق أكثر من نصف مليون ليرة (نحو ألف دولار) في الفصل الثاني من المدرسة في العام الماضي على الدروس الخصوصية لابنته، وذلك على حساب بقية أفراد العائلة".