يأتي اليوم العالمي لحقوق الإنسان (10 ديسمبر/كانون الأول) ليختتم فعاليات حملات الأيام الستة عشر للقضاء على العنف ضد النساء، والتي تبدأ في اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة (25 نوفمبر/تشرين الثاني). خلال هذه الفترة تم طرح قضايا النساء وحقوقهن بشكل مكثّف في وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي وسُلط الضوء على قضايا الزواج والتزويج المبكر والتحرّش الجنسي وقانون العقوبات فضلاً عن "الاغتصاب السفاحي". باتت قضايا النساء وأولوياتهن تحت الضوء نسبياً وإن بالمناسبات. يأتي هذا الأمر ليجاوب على تساؤل غالباً ما يتم طرحه عما إذا كان العنف ضد النساء قد تزايد في شكله ونوعه ومداه ضد النساء والفتيات اليوم مقارنةً بالسابق.
ثمة رابط سببي بين التساؤل المطروح وبين ارتفاع تسليط الضوء الإعلامي على قضايا النساء. بكلام آخر فإن قضايا النساء ومعاناتهن باتت تتخذ حيزاً أكبر في الوسائل الإعلامية الأمر الذي أدى إلى ارتفاع الوعي العام بمعاناة النساء وأشكال العنف التي يتعرضن لها. وارتفاع الوعي العام حول هذا الأمر كان له أثر على جعل قضايا النساء قضايا رأي عام. هذا الأمر شكّل حافزاً أيضاً لدى النساء ضحايا العنف للتوجّه والتبليغ عن أي شكل من أشكال العنف المنزلي أو التحرّش الجنسي أو الاغتصاب الذي تعرضن له. وهكذا تشكلت حلقة من المعطيات والمؤثرات باتت نتيجتها أن الضوء بات مسلطاً ولو موسمياً على قضايا النساء.
وللإجابة على إشكالية ما إذا كانت أشكال العنف ضد النساء إلى تزايد، فإنه لا بد من الإشارة إلى أن ظهورها إلى العلن ومن خلف الأبواب المغلقة كان عاملاً أساسياً ليظن المتابع أن أشكال العنف باتت أكثر حدة. الواقع أن العنف ضد النساء كان موجوداً لكن الحديث عنه وإخراجه كان من التابوهات في المجتمع. كثيراً ما اضطرت المنظمات النسائية إلى "تقنيع" بعض أطر تدخلها مع النساء المعنفات بقضايا أخرى، كصحة الأم والطفل مثلاً، لتستطيع اختراق الممانعة المجتمعية حيال طرح قضايا العنف.
واليوم، نشهد في لبنان حملة تتطرق إلى موضوع الاغتصاب السفاحي وأشكال العنف الجنسي التي تحصل بحق الفتيات، خصوصاً من قبل أفراد العائلة سواءً النواتية أو الممتدة. هذه الحملة ما كانت لتكون ممكنة مثلاً منذ عشر سنوات.
تبقى الإشارة إلى أن طرح قضايا حقوق النساء وأوضاعهن لتصبح قضايا رأي عام هو إنجاز بحد ذاته، لكنه ليس الغاية المرجوة من النضال النسوي والنسائي في لبنان. بانتظار الوقت الذي يتحوّل فيه الرأي العام المناصر لحقوق النساء إلى تغيير فعلي على صعيد المواقف والاتجاهات فضلاً عن السلوكيات، ما قد يقضي بالأساس على أشكال العنف والتمييز.
*ناشطة نسوية
اقــرأ أيضاً
ثمة رابط سببي بين التساؤل المطروح وبين ارتفاع تسليط الضوء الإعلامي على قضايا النساء. بكلام آخر فإن قضايا النساء ومعاناتهن باتت تتخذ حيزاً أكبر في الوسائل الإعلامية الأمر الذي أدى إلى ارتفاع الوعي العام بمعاناة النساء وأشكال العنف التي يتعرضن لها. وارتفاع الوعي العام حول هذا الأمر كان له أثر على جعل قضايا النساء قضايا رأي عام. هذا الأمر شكّل حافزاً أيضاً لدى النساء ضحايا العنف للتوجّه والتبليغ عن أي شكل من أشكال العنف المنزلي أو التحرّش الجنسي أو الاغتصاب الذي تعرضن له. وهكذا تشكلت حلقة من المعطيات والمؤثرات باتت نتيجتها أن الضوء بات مسلطاً ولو موسمياً على قضايا النساء.
وللإجابة على إشكالية ما إذا كانت أشكال العنف ضد النساء إلى تزايد، فإنه لا بد من الإشارة إلى أن ظهورها إلى العلن ومن خلف الأبواب المغلقة كان عاملاً أساسياً ليظن المتابع أن أشكال العنف باتت أكثر حدة. الواقع أن العنف ضد النساء كان موجوداً لكن الحديث عنه وإخراجه كان من التابوهات في المجتمع. كثيراً ما اضطرت المنظمات النسائية إلى "تقنيع" بعض أطر تدخلها مع النساء المعنفات بقضايا أخرى، كصحة الأم والطفل مثلاً، لتستطيع اختراق الممانعة المجتمعية حيال طرح قضايا العنف.
واليوم، نشهد في لبنان حملة تتطرق إلى موضوع الاغتصاب السفاحي وأشكال العنف الجنسي التي تحصل بحق الفتيات، خصوصاً من قبل أفراد العائلة سواءً النواتية أو الممتدة. هذه الحملة ما كانت لتكون ممكنة مثلاً منذ عشر سنوات.
تبقى الإشارة إلى أن طرح قضايا حقوق النساء وأوضاعهن لتصبح قضايا رأي عام هو إنجاز بحد ذاته، لكنه ليس الغاية المرجوة من النضال النسوي والنسائي في لبنان. بانتظار الوقت الذي يتحوّل فيه الرأي العام المناصر لحقوق النساء إلى تغيير فعلي على صعيد المواقف والاتجاهات فضلاً عن السلوكيات، ما قد يقضي بالأساس على أشكال العنف والتمييز.
*ناشطة نسوية